وجهة نظر

حمورو يكتب: الطريق سالكة.. لا مجال للتضبيب والتسميم

ثمة من يعمل جاهدا مع سبق الإصرار والترصد، على تسميم الأجواء السياسية قبيل موعد السابع من أكتوبر، عبر ضخ الغث والسمين من الأخبار والاختلاقات والتأويلات، التي في مجملها تمتح من خطاب سلطوي لا يرى في الديمقراطية إلا مصدر إزعاج، ويسعى إلى شيطنة القوى الإصلاحية الوطنية ويجرب كل الحيل الممكنة لأحداث الوقيعة بينها وبين المؤسسة الملكية من جهة، وبين بعضها البعض من جهة أخرى، خطاب في عمومه ليس بالجديد يعتمد على الأساليب نفسها، أساليب التخويف والتخوين وإلصاق التهم بشكل فج، مع الاستمرار في نقل معارك السياسة إلى القضاء وسط ابتزاز وضغط مفضوحين على مؤسسات سيادية لا تقبل مصلحة الوطن اللعب بها ومعها.

وحدهم الخائفون من المزيد من الانسجام بين الإرادة الشعبية ومخرجات العملية الانتخابية، يحاولون عرقلة السير على الطريق نحو السابع من أكتوبر، بما أحلت أخلاق السياسة وبما حرمت، تارة باصطناع الأزمات، وتارة باستغلال الملكية في الصراع الحزبي، وتارة بالتشكيك في ولاء الحزب الذي قاد حكومة المملكة خلال السنوات الخمس الماضية، وتارة بالتفتيش عن كل ما من شأنه أن يضبب الصورة ويقذف بالدخان الكثيف الحاجب لحقيقة ما وقع وما يقع على الأرض.

طبعا هؤلاء مقتنعون بألا أمل لهم في إحراز ثقة الشعب التي تؤهلهم لشغل المناصب كما يحلمون بها بالطرق الديمقراطية المعروفة، والتي جعلت دولا كثيرة تتقدم علينا سياسيا وتنمويا، هم في الأصل مجموعة كسالى ما أشبههم بقصة المغني الذي صعد إلى الشجرة مغنيا “هاتو لي حبيبي” كما ذكّرنا بها رئيس الحكومة الأستاذ عبد الاله بنكيران ذات خطاب، هم الآن فوق الشجرة يغنون ويجدون الصحافة التي تنقل أغانيهم إلى الجمهور ولو بألحان مزعجة وأصوات مفزعة.

الظاهر الذي يُنثر عليه غبار كثيف، هو أن الطريق تبدو سالكة نحو إنجاز لن يقل “ابهارا” عن انجاز 25 نونبر 2011 وانجاز 4 شتنبر 2015، ليس بالخلفية الحزبية الضيقة، ولكن بمعاني حساب الدولة الكبير المتعلق بمشاركة المواطنين في اختيار من يمثلهم، وافراز نخب تسير شؤونهم، اختيارا حرا مقاوِما لكل مناورات اختطاف أصواتهم وتحويل إرادتهم، سواء باستعمال المشترك أو توظيف الإدارة الترابية في عمليات تشويه أشراف مؤسسات الدولة على نزاهة الانتخابات وشفافيتها.

الظاهر أيضا أن أحزاب الحكومة التي دبّرت شؤون البلاد، وبتعبير أدق ساهمت في التدبير، ستكون محط احتضان شعبي، احتراما لجهودها وتثمينا لإنجازاتها التي لا ينكر إلا جاحد أنها أخرجت البلاد من عنق الزجاجة على الأقل من الناحية المالية، فضلا عن كونها ساهمت في توفير مناخ الاستثمار والأمن والاستقرار، إنها لم تكن في نزهة ولا في حالة حراسة فقط، بقدر ما كانت في مواجهة في وسط مضطرب، لم تكن القرارات وحدها فقط قادرة على ضبط الشراع، لو لم تكن مسنودة بامتداد شعبي سواء من المنتمين في إطار الانضباط الحزبي، أو من عموم المواطنين في إطار التفهم والاستيعاب والثقة في أن غاية الكثير من القرارات الصعبة كانت هي مصلحة الوطن وليس مصلحة الحكومة نفسها أو الأحزاب المشكلة لها.

من جهة أخرى الموضوعية والإنصاف، تفرضان على المغاربة الذين قلوبهم على الوطن، وليسوا الذين قلوبهم وأعينهم على حساباتهم البنكية في الداخل والخارج، أن يعطوا فرصة لأنفسهم لتقييم الإنجازات الحكومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفق مرجعيات ضابطة وإحالات محددة، ليحكموا بأنفسهم وألا يتركوا الآخرين يحكموا بدلا عنهم من خلال ما تنشره صحافتهم من تقارير ونشرات لا تخفي معالم التضليل فيها.

حتى في عالم كرم القدم، مسيرو الفرق المحترفون في التسيير، لا يغيرون التشكيلة التي يحققون بها الانتصارات، أو التي يغادرون بها المراتب المهدِّدة بالسقوط في القسم الأدنى، بل يحرصون عليها وربما يتم تطعيمها بلاعبين آخرين قادرين على الإضافة للفريق، ويشركون بكل تأكيد الجمهور في هذا الحرص كل بأداء الدور المنوط به.

في عالم السياسية تبدو القاعدة نفسها حاكمة، فلماذا سيغير المغاربة حكومة ساهمت في إنقاذ المالية العمومية، ووفرت البيئة السياسية المناسبة لاستقطاب رؤوس الأموال، وأشعرت المواطنين بالأمن، وفكرت في أكثر فئاتهم حاجة وحرمانا، طبعا ليست كل الأمور على ما يرام، لكن حتما لم تعد بالسوء الذي تراكم إلى أن انفجر ذات فبراير في أكثر من 70 مدينة.