وجهة نظر

فصل المقال فيما بين الشيعة والسنة من انفصال

خالد بنشريف

يبدو أن البعد الجغرافي عن منطقة الشرق الأوسط والخليج قد جعل نفرًا من أبناء منطقة الغرب الإسلامي أقل إدراكًا لما يقترفه الشيعة من سلوك إجرامي تدعمه إيران الفارسية بتعبئتها وتسليحها لكل من يشايعها من الحركات المسلحة ضد أبناء أهل السنة والجماعة. ذلك أن مكر الشعارات والأسامي ذات البعد الإسلامي قد جعل حتى بعض مفكرينا يعتقدون أن جمهورية إيران “الإسلامية” فعلاً إسلامية كما تزعم، رغم أن كتابات وتصريحات قادة إيران منذ الخميني المؤسس إلى الخامنئي الحالي تثبت بالملموس أن النزعة الفارسية لا تزال هي الممثل الشرعي والوحيد لهوية الجمهورية الإيرانية.

لقد كانت نسبة أهل السنة والجماعة في إيران الشاه تفوق 75% من عدد سكانها، لكن ثورة 1979 التي قادها الخميني ونجحت بالدعم الغربي لها جعلت ملالي الفرس برنامجهم الأساسي هو إفساد العقيدة السنية لدى المسلمين الإيرانيين وتعويضها بعقيدة الشيعة الموغلة في الشركيات والمعتقدات الخاطئة التي طالت عددًا من الصحابة الكرام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن أضحى أهل السنة في إيران حاليًا لا يتجاوزون 15% كنتيجة حتمية لمراكز الحسينيات التعليمية.

لقد عانى رموز أهل السنة والجماعة الإيرانيين من اضطهاد الخميني وملاليه لهم، ولا أظن أن أحدًا قد نسي ما وقع للشيخ أحمد مفتي زاده الذي أمر الخميني شخصيًا باعتقاله، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن أضحى في سجنه هيكلاً عظميًا خرج ومات في منزله مباشرة بعد ستة أشهر.

يجب أن يكون واضحًا لدينا وبقوة أن معتقدات الشيعة تجاه أهل السنة والجماعة أضحت منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا من قبيل فصل المقال فيما بيننا من انفصال، فتاريخيًا لم يفوت الشيعة فرصة إلا ونالوا منا بأشد الطرق فتكًا كما لو أن الإسلام الذي يرفعونه شعارًا لا يجمع بيننا. لذلك وجب القول إن بعض الناس في المشرق والمغرب الذين فرحوا باغتيال حسن نصر الله لا يعدو ذلك أن يكون من قبيل التشفي في رجل بعث رجاله لتقتيل أهل السنة في سوريا، ومن جهة أخرى نعلم جميعًا الدور القذر الذي قامت به إيران الفارسية في تفاخرها بمساعدة الأمريكان في إسقاط حكم طالبان وتشتيت شمل العراق، إضافة إلى تخريب شبابه بالمخدرات وموبقات أخرى كثيرة قامت بها بمباركة حزب الله اللبناني نفسه الذي شارك فيها بكل فخر كما يزعم.

وإذا كانت إيران الفارسية تدعم ماليًا القضية الفلسطينية في شخص حركة المقاومة الإسلامية حماس بـ21 مليون دولار شهريًا، وبـ5 ملايين دولار شهريًا أيضًا لحركة الجهاد الإسلامي، فإن هذا السخاء لا يعدو أن يكون من قبيل التحالف الاستراتيجي الذي التقت فيه الغاية المشتركة ألا وهي العداء للكيان الصهيوني والعمل المسلح على إسقاط دولته. أي أن هذا التحالف يجب أن نعتبره في إطار المصالح العسكرية الاستراتيجية فقط، وشبيها بتحالفنا الذي قد يصير يومًا ما مع الروس الأرثوذكس أو الصين الملحدة ضد عدو مشترك.

إن المنطق العقائدي الذي ينطلق منه الشيعة عمومًا هو ما صرح به مؤخرًا مرشد إيران علي الخامنئي الذي عرف كيف يتلاعب بالمسلمين عمومًا لضرب بعضهم ببعض في الوقت المناسب، حيث عبر هذا الفارسي حفيد المجوس بخبث سياسي خطير أن الجبهة الحسينية لا تزال مستمرة في عدائها للجبهة اليزيدية التي يقصدنا بها كأهل السنة والجماعة، حيث جعلنا نحن العرب جميعًا بهذا التوصيف ورقة تفاوضية مع الغرب عمومًا والكيان الصهيوني خصوصًا. إذ أن إيران الفارسية مستعدة في أي لحظة إلى التحول من عدو للكيان الإسرائيلي إلى حليف استراتيجي له وللغرب عمومًا شريطة القبول بإيران الفارسية كقطب مهيمن على منطقة الخليج ذات الأغلبية السنية.

يجب أن يعلم الغافلون منا أن أحفاد كسرى لا يهمهم المسجد الأقصى الذي يعتبره أهل السنة والجماعة قبلتهم الأولى، ولا يعير أيضًا المعممون من الملالي أي قيمة لكربلاء التي يجتمع فيها الشيعة لضرب ظهورهم كل سنة ويلوحون بأنها مقدستهم الأولى بدل الأقصى. لأن همهم الوحيد هو استرجاع أمجاد فارس واستعادة إيوان كسرى الذي حطمه المسلمون السنة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، هذا الأخير الذي جعلوا لقاتله أبو لؤلؤة المجوسي مزارًا في دولتهم يتبرك به جهلاؤهم كرهًا وحقدًا على الخلفاء الثلاثة الأوائل للرسول صلى الله عليه وسلم وكل من يباركهم، وهذا كل ما في الأمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • أحمد
    منذ 10 أشهر

    يا ليت قومي يعلمون