وجهة نظر

كشف المستور عن تهمتي البرهوش المأجور

أعتقد أن الحوار الذي أجراه الزميل خالد فاتيحي، رئيس تحرير جريدة “العمق المغربي”، مع السيد إدريس الأزمي، ما هو إلا النقطة التي أفاضت كأس صبر السيد “عبد الإله بنكيران”، على الموقع وصاحبه، الزميل محمد لغروس، وهو ما سنحاول كشف ما استتر منه، في هذا المقال.
لابد من التأكيد بداية أن الحوار ليس فيه أي شيء يعاب، ما عدا بعض المقاطعات، التي لايمكن أن ترقى للعيب المنهجي، أو الضعف المعرفي، أو تطعن في التمكن أو الإعداد الجيد أو الأخلاق، عند الصحافي المحاور.

لذلك استغربت صراحة، من تحويل السيد بنكيران، للقاء حزبي، لفرصة لمهاجمة الصحافي، واتهامه والتشهير به، بألفاظ وتعابير، عندما يسمعها المرء، يخيل إليه أن بنكيران، يتحدث عن خائن عميل مرتزق، مرتبط بجهات أجنبية معادية للوطن، أو بتافه جاهل غير مؤهل يشتغل بإحدى صحف الرصيف الصفراء، التي لم يعد لها وجود.
“البرهوش” و “المأجور” و “غير المؤدب”، والذي لايعرف كيف يتحدث مع الوزير، والذي لا يحترم الوزراء… كلها وغيرها، اتهامات وأوصاف، نزلت على رأس خالد فاتيحي، فقط لأنه أدار حوارا صريحا وجريئا خاليا من لغة الخشب والمجاملات، مع مسؤول سابق وقيادي في حزب العدالة والتنمية، الذي بدوره كان في مستوى الحوار، وكانت أجوبته موفقة، واضحة ومباشرة، بدون لغة خشب، أو سفسطة وفلسفة وعلم كلام.
لذلك أرجح أن عبد الإله بنكيران، لم يكن هذا الحوار هو سبب انفجاره، بذلك الشكل، قبل أن يتراجع ويقدم اعتذاره للصحافي، وهذا يحسب له. لقد كان ذلك السيل من الاتهامات، هو الجبل الظاهر من الجليد، الذي غطى وطغى، على العلاقة بين الحزب بشكل عام، وعدد من الرموز والقيادات بشكل خاص، وجريدة العمق.

صحيح أن بنكيران، يخرج كثيرا عن السطر، ويتسرع كثيرا، ويحول لقاءات حزبية، للتعليق على كل شاردة وواردة، مما لا علاقة له باللقاء الحزبي، ربما لإدامة البوليميك والجدل، وخلق البوز، أو الله أعلم بنواياه.
ولكن في هذه الحادثة، التي انفلت فيها منه العقال، يبدو أن هناك ترسبات وحسابات، وأن وراء الأكمة ما وراءها.
فالموقع الذي ربما راهن عليه البعض، ليكون واجهة إعلامية للحزب، وذراعا من أذرعه التواصلية، انتهج لنفسه نهجا مختلفا، ونأى بنفسه عن الحزب ومعاركه.
ربما كان يتمنى السيد بنكيران، من الموقع، أن يتلطف في الحوار مع السيد الأزمي، وأن تكون الحلقة خشبية بامتياز، ولم لا إرسال الأسئلة له مسبقا، ومناقشتها ثم التوافق عليها، ثم إرسال الحلقة لمقر الحزب ليقوم بمنتجتها، وبعدها تبث الحلقة بإشراف وإخراج الحزب.
هو تعبير كاريكاتوري لا أقصده حرفيا، لكن من الواضح أن بنكيران، لم تعجبه الأسئلة، ولا تنصيب الصحافي نفسه متحدثا باسم خصوم العدالة والتنمية.
فهل لو تحدث الصحافي باسم جهة معينة، يكون ذلك مثلبة ومنقصة في حقه؟
الجواب لا.

الصحافي في الحقيقة يقوم بدور محامي الشيطان، ويحاور الضيف، بلسان مخالفيه ومعارضيه وخصومه وأعدائه وحساده ومناوئيه… وهو عندما يقوم بذلك، فهو في الحقيقة يقدم خدمة جليلة للضيف، لكي يجيب عن كل الاتهامات والشكوك والشبهات والافتراءات… المطروحة في الساحة، والمتداولة في الشارع وعلى مواقع التواصل.
فإذن مهما كان الصحافي قاسيا وهجوميا وعنيفا، فهو لا يضر الضيف في شيء، لأن المسألة ليست شخصية بينهما بتاتا، هو صراع وتناطح بين الأفكار ووجهات النظر، التي لايكون فيها الصحافي طرفا، وإنما ناقلا، أو ممثلا لوجهات النظر الأخرى.
مرة أخرى أعتقد أن السيد بنكيران، انفجر في لحظة غضب، غير مدروسة وغير محسوبة، نتيجة تراكمات ومؤاخذات وملاحظات، على موقع “العمق”، ثم بعد أن هدأ، اكتشف هول ما فعله وأعلنه، وتناقلته الكاميرات والمواقع، وأصبح محسوبا عليه، مسجلا في سجله.
وليت أدري لماذا عندي إحساس أنه عندما كان يوجه كلماته تلك، كان يوجهها لمحمد لغروس، وليس لخالد فاتيحي.

ذلك الهجوم المنفلت والقاسي، وعبارات السب والشتم والاتهام، يمكن للإنسان أن يسمع بين نبراتها، أنين اللوم والعتاب لمحمد لغروس.
التلويح بأنهم كانوا أصحاب فضل عليه، وتربى بينهم، ثم بعد ذلك لايحترم فيهم كبيرا ولا وزيرا، لا أدري لم شممت فيها رائحة أنها موجهة للغروس.
ختاما، صحيح أن بنكيران، تراجع واعتذر، ولكن صراحة الموقف كان مستفزا، ما وصلنا إليه من سرعة في اتهام المخالف بالعمالة والارتزاق، أمر خطير جدا.

خاصة أن الموقف لم يكن يحتمل كل ذلك التحامل والهجوم، فالحوار كان ممتازا من الضيف والمضيف، ولم يكن فيه أي شيء يسيء للحزب ولا من يمثله، ولا للصحافي.

فإذا كان الصحافي وهو يؤدي مهمته ودوره، متهم على الدوام، من هذه الجهة أو تلك، وفي أي موقع وقف سيكون متهما من أحد الأطراف، لدرجة أنه حتى لو وقف على الحياد، سيكون متهما، فإن الأمر فعلا خطير، يحتاج إلى وقفة جادة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *