كيف ستدبر سوريا الازمة الاقتصادية ؟

وجدت الحكومة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد يوم 8 دجنبر 2024 نفسها امام منظومة مالية واقتصادية منهارة و بنية تحتية مدمرة، جراء الحروب و الازمات السياسية والأمنية الداخلية والخارجية المرتبطة بالفساد والفقر والبطالة، بالإضافة الى مخلفات الكوارث الطبيعية ( فيروس كورونا و زلزال 6 فبراير 2023).
وتعتبر العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت على سوريا باعتبارها دولة راعية للإرهاب وبانها تطور أسلحة الدمار شامل وتقوض الاستقرار في المنطقة ” قانون قيصر” و “قانون مكافحة الكبتاغون” 1و2 من اهم أسباب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا، ومسؤولة بشكل مباشر عن معاناة ملايين السوريين الذين يصعب عليهم الحصول على أقل الاحتياجات اليومية للبقاء على قيد الحياة.
فقد عرف الاقتصاد السوري انكماشا بنسبة 85% خلال ما يقرب من 14 عاما من الحرب الأهلية، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي من 67.5 مليار دولار في 2011 إلى 8.98 مليار فقط في 2023، بحسب تقديرات البنك الدولي، كما تدهورت قيمة الليرة السورية بشكل كبير، من نحو 45 و54 ليرة للدولار إلى أكثر من 13 ألف ليرة في 2023، مما أدى لارتفاع التضخم إلى 140% مقابل 4.8% في 2011.
و اذا كان احتياطي الذهب بقي مستقرا في حدود 260 طن أي ما يعادل تقريبا 2.2 مليار دولار، فقد انخفض انتاج النفط والذي يعتبر المورد الاقتصادي الرئيسي الى اقل من 40 الف برميل يوميا عوض 385 الف برميل حسب بيانات نشرة إحصاءات الطاقة الصادرة عن شركة بريتيش بتروليوم.
اما احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي فتبلغ نحو 200 مليون دولار نقدا فقط في الوقت الذي كانت فيه قبل 2011 حسب بيانات صندوق النقد الدولي 18 مليار دولار مما يجعل تحديد سعر الصرف امرا صعبا.
تدبير الازمة الاقتصادية
الإقلاع الاقتصادي السوري رهين بالإضافة الى رفع العقوبات الاقتصادية الدولية، بالاستقرار الامني والسياسي، وباطار تشريعي ومؤسساتي جديد، بإعادة الاعمار وببنيـة تحتيـة قويـة، وبيئـة قادرة على جلب الاستثمارات وبناء الثقة مع المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية وبتفعيل دبلوماسية اقتصادية ذكية. ولكن السؤال الي يبقى مطروح:
الى أي حد يمكن الوثوق في قدرات و نوايا الحكام الجدد لسوريا، وما هي الضمانات التي سيقدمونها للشعب السوري وللمجتمع الدولي لإعادة بناء دولـة ديمقراطية قائمة على احترام القانون و حقوق الانسان وحرية الأقليات وعدم تهديد دول الجوار.
وهل فعلا سيتغلب في سوريا الجديدة منطق الدولة عن منطق الثورة ؟
اترك تعليقاً