منير القادري بودشيش يلمح إلى “قيادة جماعية” للخروج من أزمة “مشيخة البودشيشية”

في تطور لافت داخل الزاوية القادرية البودشيشية، خرج الشيخ منير القادري بودشيش بتصريح أثار اهتمام مريدي الطريقة والمتابعين للشأن الصوفي في المغرب وخارجه، حيث ألمح فيه إلى إمكانية تبني صيغة “القيادة الجماعية” لمستقبل الطريقة، في خطوة قد تشكّل تحولاً غير مسبوق في تقاليد المشيخة الصوفية بالمغرب.
وأوضح منير القادري بودشيش، في تصريح مصور مساء أمس السبت، أن قيادة الطريقة ليست هدفاً شخصياً، بل مسؤولية جماعية، مضيفاً: “سنبقى ممتثلين لاختيارات أمير المؤمنين، سواء كانت لشقيقي معاذ أو لشخص آخر، من يدير ظاهرياً وتسييرياً الطريقة القادرية البودشيشية وسيمده ويوجهه من له السند الرباني في النجاح في المهمة”.
وأضاف أن هذا التدبير والإمداد سيكونان باحترام وتعاون لتبقى طريقتنا سالكة هذا النهج ودورها في الإشعاع، وستبقى جميع المؤسسات من المقدمين ومشيخة الطريقة بأبناء شيخنا كلهم، في خدمة الطريقة ومبادئها.
وشدد القادري على أن الخروج من هذه الأزمة ينبغي أن يكون فرصة لإحياء روح الصفاء داخل الطريقة، قائلاً: “خرجنا من هذا الامتحان متوجين بأخلاقنا، ونعيد لهذه الطريقة مكانتها وهيبتها، ونعطي درساً لكل من يهمه الأمر من كلا الجانبين. سنبدأ صفحة جديدة، صفحة الولاء والوفاء لسر هذه الطريقة ولشيوخها، من أجل أن نعطي درساً في الأخلاق وفي طاعة أمير المؤمنين حفظه الله ورعاه”.
كما شدد القادري على أن الطريقة القادرية البودشيشية ليست مجرد إطار صوفي محلي، بل “طريقة كونية” تحتضنها إمارة المؤمنين في المغرب، المستندة إلى الفقه المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني الجنيدي، مؤكداً أنه “لا بد أن تبقى طريقتنا في حضن الثوابت المغربية، وفي خدمة إمارة المؤمنين التي تحمي الملة والدين”.
وتابع المتحدث: “بعد استخارة الله سبحانه وتعالى، وبعدما لاحظت أن الطريقة تعرف نوعاً من التشرذم والانقسام، رأيت أن حامل هذا السر هو الذي يجمع الشمل. هدفنا في الطريقة القادرية البودشيشية ليس دنيوياً ولا سياسياً، ولسنا طلاب رئاسة، فحب الرياسة رأس كل الخطايا، نحن فقراء إلى الله، وطريقتنا ستظل سالكة نهج الكتاب والسنة كما كان يوصي سيدي حمزة: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}”.
وأكد أن الطريقة، رغم محاولات الإساءة إليها، ستبقى وفية لرسالتها، مشيراً إلى أن “ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل”، وأن “ثمرة الذكر هي العمل الصالح، والعمل الصالح يرفعه، وسنبقى فقراء وفقيرات مجندين وراء صاحب الجلالة، وسيبقى هذا السند المحمدي والهمة الربانية حاضرين في مواكبة الطريقة بهذه الرؤية الربانية المباركة”.
جاء تصريح منير القادري بودشيش بعد أيام من تداول مريدي الطريقة لبيان أول منسوب إليه، قال فيه إنه بعد صلاة الاستخارة قرر التنازل عن المشيخة لشقيقه معاذ القادري بودشيش، معتبراً أن “المشيخة تكليف وليست تشريفاً”، غير أن بياناً ثانياً نُشر لاحقاً نفى صحة الخبر، واعتبره “باطلاً ولا أساس له من الصحة، وافتراءً من جهات تسعى لشق الصف”.
ويأتي هذا الجدل بعيد وفاة الشيخ مولاي جمال الدين القادري البودشيشي، أحد أبرز شيوخ الطريقة، عن عمر ناهز 86 سنة بعد صراع مع المرض، مما فتح النقاش حول مستقبل قيادة الزاوية التي تتخذ من قرية مداغ في إقليم بركان مقراً لها.
وأكد نجل الشيخ مولاي جمال الدين، أن الأهم هو بقاء الزاوية “رافعة وحاضنة للقيم الأخلاقية السامية”، وأن “نبقى على العهد، وعهد المحبين غير منقطع، ونبقى متبعين إشارات صاحب الجلالة وتعليماته السامية، ومحبته لشيوخ هذه الطريقة”.
اترك تعليقاً