مجتمع

تقرير رسمي يحذر من ارتفاع أسعار الطاقة وتدهور الأمن الغذائي للمغاربة

كشف تقرير حديث للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمغرب عن تفاعلات سلبية مقلقة بين قطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية، مسلطا الضوء على استنزاف الفلاحة المسقية للموارد المائية وخطورة ذلك على ارتفاع أسعار الطاقة على الأمن الغذائي.

وحذر التقرير، الذي يحمل عنوان “النكسوس في مجالات الماء ـ الطاقة ـ الغذاء ـ النظم البيئية؛ تدبير أنجع للموارد الطبيعية، تعزيز التآزر والحد من المخاطر المشتركة بي القطاعات في المغرب”، من أن الفلاحة المسقية تستهلك نحو 87% من الموارد المائية القابلة للتعبئة، مما يشكل ضغطا هائلا على هذه الموارد الحيوية.

وأوضح التقرير أن إنتاج الطاقة يرتبط بشكل وثيق بتوفر المياه، حيث تعتمد المحطات الكهرومائية على تدفق مستمر للمياه، بينما تحتاج المحطات الحرارية كميات كبيرة من المياه لأغراض التبريد، مشيرا إلى أن تطوير الطاقات المتجددة، رغم أهميته، قد يفرض تحديات جديدة تتعلق بزيادة استهلاك الموارد المائية واستغلال المساحات البرية والبحرية.

وفيما يتعلق بالتفاعلات بين الماء والغذاء، لفت التقرير إلى أن ندرة المياه تؤدي إلى تراجع المردودية الفلاحية، مما يهدد الأمن الغذائي للبلاد، مؤكدا أن الفلاحة المسقية تواجه تحديات متنامية نتيجة محدودية الموارد المائية، وأن الاعتماد على المياه الجوفية لاستدراك النقص الحاصل يؤدي إلى استنزاف الاحتياطي الاستراتيجي ويسهم في تملح التربة.

كما أشار إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة يؤدي إلى زيادة تكلفة إنتاج الغذاء، مما يحد من قدرة الفئات الأكثر هشاشة على الحصول على المواد الغذائية الأساسية، موضحا أن إنتاج الطاقة الحيوية من المحاصيل الزراعية قد يساهم في ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية ويقلل من الموارد المخصصة للاستهلاك الغذائي.

وحذر التقرير من أن الممارسات غير المستدامة في قطاعات الماء والطاقة والغذاء قد تؤدي إلى استهلاك مفرط للموارد المائية، وتدهور التربة، وتلوث مصادر المياه، والإضرار بالبيئة، واضطراب الدورة الهيدرولوجية، وإزالة الغابات، واستنزاف الموارد الطبيعية، مشيرا إلى أن هذه التأثيرات تهدد الأمن المائي والغذائي للبلاد، فضلا عن تهديد استدامة مصادر الطاقات المتجددة.

في المقابل، سلط التقرير الضوء على أوجه التكامل والتآزر بين قطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية، مشيرا إلى أن التدابير المتخذة في أي من هذه القطاعات قد تحدث تأثيرات جوهرية على القطاعات الأخرى، مؤكدا على أهمية تحديد واستثمار أوجه التكامل والتآزر بين هذه القطاعات لتحقيق تدبير مستدام للموارد الطبيعية، وتعزيز الأمن الغذائي والطاقي، والنهوض بالتنمية الشاملة.

ودعا التقرير إلى تبني ممارسات فلاحية مستدامة تقلل من استهلاك المياه والحد من استخدام المدخلات الكيميائية، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة في ضخ المياه، واستغلال المياه المتدفقة من الأنهار أو المخزنة في السدود لتوليد الطاقة الكهرومائية، وتثمين النفايات الزراعية لإنتاج الغاز الحيوي أو الوقود الحيوي.

كما شدد على أهمية استخدام تقنيات الري الحديثة، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة أو مياه التحلية بفضل مصادر الطاقة المتجددة، والتنسيق بين المشاريع في مختلف القطاعات لتوفير حماية أفضل للبنيات التحتية، والاستفادة من الحلول المستمدة من الطبيعة، وتغيير السلوكيات للحد من الضياع والهدر.

ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى وضع خارطة طريق وطنية لمقاربة “النكسوس” التي تعتمد على دمج  القطاعات ضمن إطار مشترك في ترشيد استغلال الموارد الطبيعية، بين قطاعات الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية، وإحداث آلية للتنسيق بين القطاعات على المستوى المركزي والجهوي، وتقوية الإطار التشريعي والتنظيمي، وتفعيل هيئات ضبط قطاعات الماء والطاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *