تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران في يومها الرابع وسط تطورات دبلوماسية

دخلت المواجهة بين إسرائيل وإيران يومها الرابع، وسط تصعيد غير مسبوق في العمليات العسكرية والتوترات السياسية، حيث شهد اليوم الأخير هجوماً واسع النطاق وصفته طهران بأنه “الأقوى والأكثر تدميراً”، فيما أعلنت مصادر إسرائيلية مقتل ثمانية أشخاص على الأقل وإصابة العشرات، نتيجة الضربات الإيرانية على مناطق متفرقة داخل إسرائيل، شملت مدينة بتاح تكفا شرقي تل أبيب.
وفي السياق ذاته، كشفت القناة الإسرائيلية الـ12 أن تحقيقاً أولياً أظهر أن أحد الصواريخ الإيرانية أصاب ملجأ بشكل مباشر في بتاح تكفا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص، وأكدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن صاروخاً باليستياً ثقيلاً أصاب الحائط الفاصل بين غرفتين محصنتين في نفس المدينة.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه شنّ غارات جوية استهدفت 20 موقعاً عسكرياً تابعاً لفيلق القدس والحرس الثوري الإيراني في العاصمة طهران. وذكر أن هذه الضربات أسفرت عن تصفية قائد فيلق القدس. كما تعهد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بمواصلة العمليات “شرقاً” لمواجهة البرنامج النووي والصاروخي الإيراني، بحسب تعبيره.
على الصعيد السياسي، قال الرئيس الإيراني إن بلاده “صامدة بكل قوة ولا تخشى شيئاً”، داعياً الشعب الإيراني إلى الصبر في مواجهة ما وصفه بـ”الكيان المتوحش”. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، أن طهران لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، مؤكداً أن ذلك “نابع من سياسات المرشد الأعلى، وهو موقف راسخ”.
في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن العمليات العسكرية ضد إيران ستتواصل إلى حين القضاء الكامل على قدراتها النووية. وأضاف أن الهدف الأساسي من الهجوم هو منع طهران من تطوير أسلحة نووية، دون أن يحدد إطاراً زمنياً لانتهاء العمليات.
وأعلن مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي عن ارتفاع عدد القتلى إلى 24 شخصاً، فيما بلغ عدد الجرحى نحو 600، وذلك نتيجة الهجمات الصاروخية التي شنتها إيران على إسرائيل منذ يوم الجمعة، رداً على ضربات إسرائيلية استهدفت أراضيها.
وأشار البيان إلى أن إيران أطلقت أكثر من 370 صاروخاً باليستياً خلال الأيام الماضية، موضحاً أن 30 منها سقطت داخل الأراضي الإسرائيلية.
وبحسب التفاصيل التي أوردها المكتب، فقد تم تسجيل 24 حالة وفاة، إلى جانب 592 إصابة، من بينها 10 إصابات صنفت بالخطيرة، و36 حالة متوسطة، بينما بلغ عدد الإصابات الطفيفة 546.
وشملت الإحصائية أيضاً 11 حالة وفاة إضافية تم توثيقها منذ منتصف الليل، حيث أفادت البيانات الرسمية بمقتل 4 أشخاص في مدينة بتاح تكفا قرب تل أبيب، و3 آخرين في حيفا، بالإضافة إلى قتيل في بني براك الواقعة ضمن ضواحي تل أبيب. كما تم انتشال جثتين من تحت الأنقاض في بات يام نتيجة قصف سابق، في حين لم يُحدد موقع مقتل الضحية الأخيرة.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مصادر طبية إسرائيلية أن الهجمات الصاروخية الإيرانية التي نُفذت فجر اليوم أسفرت عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 287 آخرين، معظمهم في مناطق وسط البلاد. وأوضحت الصحيفة أن القصف أدى إلى انهيار عدد من المباني في مدينتي حيفا وتل أبيب، بينما تواصل فرق الإنقاذ عمليات البحث عن أشخاص ما زالوا عالقين تحت الركام.
وفي تطور آخر، كشفت بيانات من موقع “مارين ترافيك” أن حاملة الطائرات الأميركية “نيميتز” غادرت بحر جنوب الصين صباح اليوم الاثنين، متجهة غرباً نحو الشرق الأوسط، بعد أن ألغت رسوها المقرر في مدينة دانانغ الفيتنامية. وقال مصدر دبلوماسي إن السفارة الأميركية في هانوي أبلغته بالإلغاء لأسباب تتعلق بـ”متطلبات عملياتية طارئة”، في حين لم تصدر السفارة تعليقاً رسمياً على هذه التطورات.
وأفاد الموقع الإلكتروني لقائد الأسطول الأميركي في المحيط الهادي أن مجموعة “نيميتز كاريير سترايك” أجرت الأسبوع الماضي عمليات أمنية بحرية في بحر جنوب الصين ضمن النشاط الروتيني للبحرية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
من جهتها، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً سلّط الضوء على تطورات النزاع، مشيرة إلى أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يبرز ما وصفته بـ”إخفاقات” الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مجال صنع السلام. وذكرت الصحيفة أن نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، لم يقترب من تحقيق هدفه بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
وفيما يتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، خلال اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة، أنه لا توجد مؤشرات على تعرض قاعة السلاسل تحت الأرض في منشأة نطنز لأي هجوم مباشر. وأضاف أن “انقطاع التيار الكهربائي ربما ألحق ضرراً بأجهزة الطرد المركزي هناك”، مشيراً إلى أن الوكالة لم ترصد أضراراً أخرى في موقع فوردو أو في مفاعل خونداب قيد الإنشاء.
وأفاد غروسي أن الوكالة لا تزال موجودة في إيران وستستمر في أداء عمليات التفتيش الخاصة بالضمانات حالما تسمح ظروف السلامة بذلك، في إطار التزامات طهران بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
تستمر الأزمة في التفاعل على مستويات متعددة، مع تحركات عسكرية واسعة وتصريحات متبادلة تؤكد تصميم كل طرف على المضي في خياراته، وسط ترقب دولي لمآلات التصعيد في واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً.
اترك تعليقاً