أدب وفنون

بمشاركة 350 فنانا من 12 دولة.. مهرجان “كناوة” يسجل 300 ألف زائر في ختام دورته الـ26

اختتمت فعاليات النسخة 26 لمهرجان “كناوة وموسيقى العالم” على إيقاعات جمعت بين الكمبري والساكسوفون، ومزجت الأغاني الإفريقية بالإيقاعات الكوبية وإرتفاع أصوات كناوة على إيقاع الطبول السنغالية في حفلات جمعت أكثر من 300 ألف عاشق للموسيقى.

شكل العرض الافتتاحي بقيادة المعلمين انطلاقة موفقة، وإعلانا لبدء برنامج حافل بالعطاء والثراء الموسيقي احتضنته المنصة الكبرى بساحة مولاي الحسن، فتعاقبت الحفلات وفق تنسيق موسيقي دقيق.

الافتتاح المغربي-السنغالي الذي جمع حميد القصري، وفرقة بكالما، عبير العابد، وكيا لوم، كان بداية برنامج غني بالموسيقى واللقاءات الفنية. وتلا ذلك مزج موسيقي متنوع قدّم من خلاله حسام كانيا وماركوس غيلمور وصفة فنية بين الجاز وكناوة؛ واستكشف ضافر يوسف والمعلم مراد المرجاني بعدًا صوفيا صامتا ونابضا بالحياة في آنٍ واحد.

وحشد كل من سيمافنك وخالد سانسي، مساء أول أمس السبت، موجات بشرية هادرة، بينما جمع حفل CKay شبابًا متعطشا، للرقص من ثقافات متعددة، إذ شارك 350 فنانًا من أكثر من اثنتي عشرة دولة، بينها السنغال، الولايات المتحدة، تونس، نيجيريا، فرنسا، مالي، كوبا، سوريا، تركيا، العراق، كوت ديفوار، على مختلف منصات المهرجان، من بينهم 40 معلم كناوي من الرواد والمواهب الصاعدة.

وتنوع جمهور المهرجان بين طلاب وعائلات، وشباب أو أوفياء للفعالية الثقافية منذ أولى نسخها، فمتلأت المقاهي وجنبات أسوار المدينة بمجموعات شبابية بلهجات ولغات مختلفة تدندن موسيقاها المفضلة غلى ساعات متأخرة من الليل.

وشهدت الدورة 26 لمهرجان كناوة تنظيم النسخة الثانية عشرة، لمنتدى حقوق الإنسان، المنظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، تحت شعار “الحركية البشرية والديناميات الثقافية”، حيث ناقش من خلاله ناقش كتّاب، وباحثون، وسينمائيون، وفنانون الروابط المعقدة بين الهجرة، والإبداع، والانتماء.

وكانت من بين أبرز اللحظات: تدخلات الشاعرة الفرنسية-الإيفوارية فيرونيك تادجو، والمؤرخ المتخصص في الاستعمار باسكال بلانشار، والمخرج فوزي بنسعيدي، والكاتب إلغاز، والمخرج الفلسطيني إيليا سليمان، الذي أثّرت شهادته الشخصية الصادقة في الحاضرين.

وأجمع المشاركون على ضرورة التنقل البشري رغم العوائق والقيود، بدوافع مختلفة، أبرزها البحث عن حياة كريمة، مشيرين إلى أن الهجرة غالبًا ما تكون مؤلمة، لكن في كثير من الأحيان تصاحبها ديناميات ثقافية قوية، هجينة، وذات رسائل سياسية وهوياتية عميقة.

وفي إطار كرسي UM6P للتقاطعات الثقافية والعولمة، عُقدت مائدتان مستديرتان غير مسبوقتين أتاحتا لحظة نادرة وثمينة: حوار مباشر بين الباحثين، والمفكرين، ومعلمي كناوة. في تبادل عميق وصريح، التقت المعارف الأكاديمية مع معارف الجسد، والتقاليد الشفهية. فكان حوارًا إنسانيًا قائمًا على الإصغاء، والفضول المتبادل، واحترام الإرث الكبير.

وتحولت الصويرة بأكملها إلى منصة عرض: حفلات وترية في الزوايا أو في بيت الذاكرة، أصوات كردية في برج باب مراكش، نغم أمازيغي وعود كهربائي وعلى الشاطئ، تألق المعلمون الشباب وسط إعجاب الجمهور. فكان حفل فهد بنشمسي وفرقة ذا لالاس لحظة خالدة، اجتمع فيها جمهور لا محدود في منصة الشاطئ.

وواصل المهرجان التزامه بالتكوين، ونقل المعرفة، والبحث. حيث جمع برنامج بيركلي في مهرجان كناوة، المنظم للعام الثاني بالشراكة مع كلية بيركلي للموسيقى، 74 موسيقيًا شابًا من 23 جنسية في أسبوع من الإقامة الإبداعية، والتكوين، والتبادل تحت إشراف أساتذة عالميين.

ويُعد مهرجان كناوة أيضًا موعدًا إعلاميًا بارزًا. إذ غطى هذه النسخة السادسة والعشرون 250 صحفيًا ومصورًا من المغرب، وفرنسا، وإسبانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وأستراليا، والهند، والبرتغال، وتركيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والنرويج، والإمارات العربية المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *