أخبار الساعة، المغرب العميق

“الهضبة السعيدة” على صفيح ساخن.. ساكنة “آيت بوكماز” تحتج مشيا نحو بني ملال

تعيش منطقة آيت بوكماز، التابعة لإقليم أزيلال، منذ أسابيع، على وقع توتر اجتماعي متصاعد تغذّيه مطالب تنموية عالقة، وشعور متنامٍ بـ”الإجحاف التنموي”، في ظل ما تصفه الساكنة بـ”تهميش مزمن” تعيشه المنطقة مقارنة بجماعات مجاورة استفادت من مشاريع كبرى في البنية التحتية والخدمات الأساسية.

وفي تصعيد لافت، خرجت ساكنة “الهضبة السعيدة”، صباح الأربعاء، في مسيرة احتجاجية سلمية مشيا على الأقدام نحو مقر ولاية جهة بني ملال خنيفرة، بعدما عبّر السكان عن “فقدان الثقة” في الحوار المحلي، خاصة عقب اجتماع وصف بـ”الفارغ” جمع قبل أيام رئيس جماعة تبانت بعامل إقليم أزيلال، دون التوصل إلى أي التزامات عملية.

اللجنة التنظيمية للمسيرة، التي تم تشكيلها خلال لقاء شعبي سابق، اعتبرت هذا الشكل الاحتجاجي تعبيرا عن رفضها لـ”محاولات الالتفاف على المطالب الحقيقية”، في ظل ما قالت إنه “تفاقم مظاهر الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي”، مشددة على أن الساكنة “لم تعد تقبل بسياسة التسويف والوعود المؤجلة”، وتطالب ببرامج تنموية عاجلة.

وفي صلب المطالب المرفوعة، تصدّر إصلاح البنية الطرقية الأولويات، وعلى رأسها الطريق الجبلية الرابطة بين آيت بوكماز وتيزي نترغيست (الطريق الجهوي 302) وطريق آيت عباس (317)، التي تعتبر شريان الحياة الوحيد لربط عدد من الدواوير بالمراكز الحيوية، غير أنها تتحول، حسب السكان، إلى مسالك مغلقة خلال فصل الشتاء بسبب الثلوج والانهيارات الأرضية.

كما شملت المطالب توفير طبيب قار بالمركز الصحي المحلي، الذي يعاني من خصاص حاد، إلى جانب تغطية شاملة لشبكة الهاتف والإنترنت، التي لا تزال منعدمة في مناطق واسعة، ما يحرم أبناء المنطقة من التعلم عن بعد والخدمات الرقمية.

وطالب المحتجون أيضا ببناء ملعب جماعي للشباب، وفتح مركز للتكوين في المهن الجبلية يتماشى مع خصوصيات المنطقة ويوفر فرص شغل محلية، إضافة إلى بناء مدرسة جماعاتية لتخفيف الهدر المدرسي، وإنشاء سدود تلية لحماية الهضبة من الفيضانات.

ومن بين أبرز الملفات التي أثارت غضب الساكنة أيضًا، استمرار ما وصفوه بـ”القيود الإدارية” على البناء، نتيجة غياب تصميم تهيئة يراعي طبيعة المجال الجبلي القروي. وأكد عدد من المواطنين أن غياب هذا التصميم يمنعهم من الحصول على تراخيص لبناء مساكن على أراضيهم، مما يفاقم من هشاشة أوضاعهم.

في مقابل هذا الاحتقان، لم تسفر اللقاءات السابقة، خاصة اجتماع رئيس جماعة تبانت بعامل أزيلال، عن نتائج ملموسة، وهو ما اعتبرته اللجنة المنظمة دافعًا رئيسيًا لتغيير وجهة المسيرة من عمالة الإقليم إلى مقر ولاية الجهة، في رسالة مباشرة إلى صناع القرار الجهويين، على أمل فتح حوار جديد على مستوى أعلى.

بالتوازي مع تحرك الساكنة، أصدرت السلطات المحلية بأزيلال قرارا يمنع تنظيم المسيرة نحو مقر العمالة، مبررة ذلك بـ”اعتبارات أمنية وصحية” نظرا لمشاركة فئات عمرية مختلفة، ومحذّرة من احتمال “الإخلال بالنظام العام”. كما حمّلت السلطات المنظمين كامل المسؤولية القانونية في حال خرق القرار.

ورغم ذلك، شددت اللجنة التنظيمية للمسيرة على الطابع السلمي لتحركاتها، مؤكدة أن الاحتجاج ميداني ومنظم، ويهدف فقط إلى لفت الانتباه للفجوة التنموية التي تعيشها آيت بوكماز، في ظل غياب العدالة المجالية، ودعت إلى تدخل فوري من طرف سلطات جهة بني ملال خنيفرة لوضع حد لما اعتبرته “تجاهلا ممنهجا” لمنطقتهم داخل السياسات العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *