بنك المغرب: القطاع البنكي ينهي 2024 بصلابة قياسية رغم الجفاف والاضطرابات

كشف بنك المغرب أمس الأربعاء 24 يوليوز 2025، خلال تقديم النسخة الحادية والعشرين من تقريره السنوي حول الإشراف البنكي برسم سنة 2024، عن حصيلة مفصلة لأنشطته في مجالي التنظيم والمراقبة. وسلط التقرير الضوء على أبرز التحديات والإنجازات التي ميزت القطاع البنكي المغربي في عام اتسم بعدم اليقين الاقتصادي وظروف مناخية صعبة.
ووفقا للتقرير، سجل الاقتصاد المغربي أداء إيجابيا نسبيا خلال سنة 2024، وسط مناخ دولي مضطرب بفعل التقلبات الجيوسياسية وآثار التغيرات المناخية التي أفرزت مواسم متتالية من الجفاف. ورغم هذه الظروف، بلغ معدل النمو الاقتصادي 3.8%، ما يعكس مرونة النسيج الاقتصادي الوطني. كما انخفض معدل التضخم إلى 0.9%، في تطور وفر متنفسا لقدرة الأسر الشرائية.
في هذا السياق، اعتمد بنك المغرب سياسة نقدية تيسيرية، من خلال خفض سعر الفائدة الرئيسي بمجموع 50 نقطة أساس (في يونيو ودجنبر)، ليستقر في 2.50%، بهدف تحفيز الاستثمار والاستهلاك دون المساس باستقرار الأسعار.
وأظهر التقرير أن الائتمان البنكي ارتفع بـ 4.6%، مدفوعا بزيادة القروض الموجهة للمقاولات والأسر، ما يعكس دينامية السوق وثقة الفاعلين الاقتصاديين. كما نمت ودائع الزبناء بنسبة 9.2%، مدفوعة بتوجه نحو الادخار والاستفادة من الخدمات الرقمية.
أما الديون معلقة الأداء فاستقرت في 8.4% على أساس فردي و9% على أساس مجمع، ما يعكس تحسنا في جودة محفظة القروض، بفضل تطور آليات التقييم والمتابعة الائتمانية.
وسجلت البنوك التقليدية ارتفاعا بـ 24.1% في أرباحها، ما يعزز متانة القطاع، في حين حققت البنوك التشاركية توازنا في نتائجها لأول مرة، وهو ما يعد مؤشرا على استقرار تدريجي لهذا النمط من التمويل.
وأكد التقرير تمتع القطاع البنكي المغربي بمستويات ملاءة وسيولة مريحة، حيث بلغ متوسط معدل الملاءة 16.2%، ومعدل الأموال الذاتية من الفئة الأولى 13.5%، وهي نسب تتجاوز بكثير الحدود التنظيمية الدنيا (12% و9% على التوالي).
ووفقا للتقرير السنوي، فقد أولى بنك المغرب أهمية خاصة للمخاطر غير التقليدية، على رأسها المخاطر المناخية والسيبرانية. فقد ألزم البنوك باعتماد مقاربات أكثر صرامة لتدبير المخاطر المناخية، وشارك في إعداد استراتيجية وطنية للتمويل الأخضر في أفق 2030.
وفي الجانب الرقمي، واصل البنك تعزيز الأمن السيبراني بتنسيق مباشر مع المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، تحصينا للبنية التحتية البنكية ضد الهجمات الإلكترونية.
وشهدت سنة 2024 استكمال إصلاحات هيكلية مهمة، من أبرزها إعادة هيكلة آليات معالجة صعوبات مؤسسات الائتمان، ومراجعة الإطار الداخلي لمنح السيولة الطارئة. كما تم الانتهاء من إعداد مشروع قانون لإحداث سوق ثانوية لتداول القروض معلقة الأداء، ما سيسهم في تعزيز سيولة السوق وفعالية إعادة الهيكلة.
في إطار رقمنة القطاع المالي، أطلق بنك المغرب إصلاحا قانونيا شاملا لمؤسسات الأداء وخدماتها، بما يضمن الابتكار ويسهل ولوج الفئات غير البنكية إلى خدمات مالية مرنة. كما منح ثلاثة تراخيص جديدة لشركات التمويل التعاوني (Crowdfunding)، بينها ترخيص لفئة التبرعات، دعما للاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وواصل البنك تعزيز الشفافية والنزاهة، من خلال استكمال مشروع قانون ينظم الأصول المشفرة، لضمان امتثال التشريع الوطني للمعايير الدولية، خاصة مع تزايد استخدام العملات الرقمية. كما كثف مراقبته لاحترام البنوك للضوابط التنظيمية في حماية المستهلك، وعمل على إطلاق برامج لتحسين ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة إلى الخدمات البنكية، وتعميم الثقافة المالية، والوقاية من الاحتيال الرقمي.
اترك تعليقاً