وجهة نظر

بين النقد والعدمية: الرد على بوبكر الجامعي وموقفه من منجزات المغرب التنموية

يواصل الصحفي بوبكر الجامعي، في كل إطلالة إعلامية له، نهج خطاب عدمي يصر فيه على تقديم صورة قاتمة عن المغرب، متجاهلا بشكل لافت حجم المنجزات التي تحققت خلال العقدين الأخيرين، خاصة في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ومن بين أهم هذه الأوراش الكبرى، تبرز “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، التي تحولت إلى رافعة حقيقية للتنمية الإجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة في مختلف ربوع المملكة.

فمنذ إطلاقها في 18 ماي 2005، سعت المبادرة إلى تحسين ظروف عيش المواطنين، وتعزيز كرامتهم، عبر آلاف المشاريع التي تم تنفيذها بشراكة مع المجتمع المدني، والقطاعين العام والخاص.

ففي العالم القروي، مكنت المبادرة من فك العزلة عن مئات القرى من خلال بناء الطرق والمسالك القروية، وتوفير النقل المدرسي، مما خفض نسب الهدر المدرسي خاصة في صفوف الفتيات، وبناء داخليات جديدة ودور للطالب والطالبة لتحفيز التمدرس…

وفي المجال الصحي، ساهمت المبادرة في تجهيز عشرات المراكز الصحية بالمناطق النائية، وتوفير وحدات طبية متنقلة، إضافة إلى بناء وتجهيز دور الأمومة، والإهتمام بصحة الأم والطفل.

في التشغيل والإدماج الإقتصادي، أطلقت المبادرة برامج لدعم الشباب حاملي المشاريع، و“دعم الإقتصاد الإجتماعي والتضامني”، حيث استفاد آلاف الشباب من تمويل مشاريع مدرة للدخل.

في مجال الطفولة المبكرة، ركزت المرحلة الثالثة من المبادرة على دعم التعليم الأولي، خاصة في العالم القروي والمناطق النائية والجبلية، ببناء وتسيير وحدات التعليم الأولي، مما ساهم في تحسين مؤشرات التمدرس المبكر…

في ظل هذه المعطيات الواقعية، يتساءل المتابعون للشأن الإعلامي والسياسي: لماذا يصر بوبكر الجامعي على إنكار كل هذه الإنجازات؟ ولماذا لا يتم استحضار الصورة الكاملة، بسلبياتها وإيجابياتها؟ إن النقد البناء مطلوب ومشروع، بل وضروري لتقويم السياسات العمومية، لكن عندما يتحول إلى خطاب تيئيسي يغيب الموضوعية، فإنه يفقد قيمته وتأثيره، ويكشف عن موقف أيديولوجي أكثر منه تحليلا مهنيا.

بل الأدهى من ذلك، أن هذا النوع من الخطاب يتنكر لآمال ملايين المغاربة الذين يرون، كل يوم، ثمار هذه المبادرات على أرض الواقع: في تعليم أطفالهم، وفي تحسين مستوى عيشهم، وفي توفير فرص الشغل لهم ولذويهم.

إن المغرب ليس جنة مثالية، ولا يخلو من التحديات والإختلالات، لكن الإنصاف يقتضي الإعتراف بما تحقق، لا سيما في مجال التنمية الإجتماعية والبشرية. والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بشهادة المؤسسات الوطنية والدولية، تعد نموذجا ناجحا للتنمية المندمجة والمستدامة.

وبدل الإصرار على الخطاب العدمي، فإن الأجدر بمن يحمل صفة “المثقف” أو “الصحفي” أن يكون صوتا للحقيقة، لا أداة تبخيس، وأن يعترف بجهود وطن تبنى لبنة لبنة، في ظل بيئة إقليمية ودولية معقدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *