جدل قياس سرعة الدراجات النارية .. “نارسا” أنفقت 100 مليون سنتيم لاقتناء 18 جهازا فقط

في خضم الجدل الواسع الذي أثارته أجهزة قياس سرعة الدراجات النارية بالمغرب، وما تبعه من قرار لرئيس الحكومة عزيز أخنوش بإرجاء العملية لمدة 12 شهرا لإتاحة الفرصة لأصحابها لتسوية وضعيتهم القانونية، طفت إلى السطح تساؤلات بخصوص كلفة هذه الأجهزة التي أثارت الرعب في صفوف أصحاب الدراجات النارية بالمغرب.
وكشفت تفاصيل رسمية عن فوز شركة “جيريوم” بصفقة توريد 18 جهازا من هذه المعدات بقيمة تجاوزت 1.1 مليون درهم لفائدة الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أواخر شهر أكتوبر 2024، وهو ما يفوق القيمة التقديرية الأولية التي حددها صاحب المشروع والمقدرة بـ 1.017.600 درهم شاملة للرسوم، والمقسمة بين 974.400 درهم لتوريد المعدات و 43.200 درهم لخدمات الصيانة.
وبالعودة إلى وثائق الصفقة التي اطلعت عليها “العمق”، فإن وكالة “نارسا” تهدف من هذه الصفقة إلى تزويد مصالح المراقبة الطرقية بـ 18 جهازا متطورا لتعزيز السلامة على الطرق، من خلال أجهزة محمولة على شكل منصة اختبار مزودة ببكرات، مصممة خصيصا لقياس وعرض السرعة القصوى للدراجات النارية التي تقل سعة محركها عن 50 سم مكعب. وتتميز هذه المعدات بسهولة النقل وقدرتها على العمل في ظروف بيئية قاسية.
وتشمل المواصفات التقنية الإلزامية للأجهزة هيكلا من الألومنيوم، ومؤشر سرعة رقميا بدقة ±1 كم/ساعة، ونطاق قياس يصل إلى 99 كم/ساعة. كما صُممت الأجهزة لتكون مقاومة للحرارة والظروف البيئية، حيث تعمل في درجات حرارة تتراوح بين -10 و +50 درجة مئوية، مع مؤشر حماية لا يقل عن IP65. كما تضمن البطارية الداخلية للجهاز استقلالية تشغيلية لا تقل عن 10 ساعات.
ولضمان فعالية واستمرارية الأداء، ألزم دفتر التحملات، المورد بتقديم ضمان شامل لمدة 36 شهرا، يشمل خدمات الصيانة والإصلاح، مع تحديد مهلة قصوى لإصلاح أي عطل لا تتجاوز 3 أيام. ويتعهد المورد بتحمل جميع تكاليف النقل وبتوفير قطع غيار أصلية وجديدة. إضافة إلى تنظيم دورة تدريبية مكثفة ليوم واحد لفائدة 20 مستخدما من موظفي الوكالة بمدينة الرباط، يتولى إدارتها مدربون معتمدون من الشركة المصنعة.
وكانت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية قد أصدرت قبل أيام مذكرة تنص على استخدام أجهزة خاصة لقياس سرعة الدراجات، مع تصنيف أي دراجة تتجاوز 57 كم/س على أنها معدّلة بطريقة غير قانونية، مما يعرّضها للحجز الفوري. وأثار هذا الإجراء غضب عشرات الآلاف من المواطنين، الذين يعتمدون على هذه الدراجات في تنقلاتهم اليومية وأعمالهم.
في هذا الإطار، أعطى وزير النقل واللوجستيك، عبد الصمد قيوح، تعليماته بتعليق العمل بالمذكرة الجديدة الخاصة بمراقبة سرعة الدراجات النارية الخفيفة (السيكلوموتر)، بطلب من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وذلك استجابة لموجة الغضب الشعبي والانتقادات الواسعة التي رافقت إطلاقها.
وقد أكد مصدر مقرب من الوزير أن هذا القرار جاء لإيقاف الإجراءات التي باشرتها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا)، والتي وُصفت من طرف مستعملي الدراجات بأنها مجحفة وغير واقعية. في هذا الإطار، قررت وزارة النقل واللوجستيك إرجاء تطبيق مضامين مذكرة كانت تروم تشديد مراقبة الدراجات النارية باستخدام أجهزة قياس السرعة، وذلك عقب تنسيق مع رئيس الحكومة وأخذا بالاعتبار للظروف الاجتماعية والاقتصادية لأصحاب هذه المركبات.
وأعلنت الوزارة عن منح مهلة زمنية لمالكي الدراجات بمحرك للتأكد من مدى مطابقة مركباتهم للمعايير القانونية، لا سيما احترام سعة المحرك المحددة في 50 سم³ والسرعة القصوى في 50 كم/ساعة، على أن تُحدد مدة هذه المهلة لاحقا بعد مشاورات موسعة مع الجهات المعنية.
اترك تعليقاً