أدب وفنون

“لن أنساك”.. فيلم يعيد الذاكرة المنسية ليوم حارب فيه المغاربة إسرائيل دفاعا عن سوريا

شهدت قاعة كاب سبارطيل بقصر الفنون والثقافة في طنجة، السبت، عرض الفيلم الوثائقي الطويل “لن أنساك” ضمن المسابقة الرسمية للدورة الـ25 من المهرجان الوطني للفيلم، وهو شريط من إخراج محمد رضا كزناي وإنتاج الجزيرة الوثائقية، ويمتد على مدى 93 دقيقة من البحث في الذاكرة المغربية والعربية المنسية.

ويستعيد الفيلم صفحة مهملة من التاريخ، تتعلق بمشاركة الجنود المغاربة في حرب أكتوبر 1973 إلى جانب الجيش السوري ضد إسرائيل.

وينطلق العمل من واقعة شخصية عاشها المخرج، بعد أن عثر على شريط صوتي قديم سجله جده قبل يومين من الحرب، كان يخفيه في المنزل لسنوات طويلة، حيث قاده هذا الاكتشاف إلى البحث عن قصة جيله، وعن تفاصيل مشاركة المغرب في تلك الحرب التي لم توثق كما يجب في الذاكرة الرسمية.

وكشف محمد رضا كزناي، في تصريح لـ”العمق”، أن إنجاز الفيلم  استغرق خمس سنوات من العمل الميداني والبحث والتوثيق، تنقل خلالها بين عدة مدن مغربية، من الناظور إلى الداخلة، للقاء جنود مغاربة شاركوا فعلا في المعارك، وجمع شهاداتهم ومذكراتهم.

وقال المخرج المغربي، إن من بين هؤلاء، التقى بأحد أصدقاء جده القدامى الذي احتفظ بمذكرات ووثائق نادرة توثق للحرب، ساعدته على بناء الصورة الكاملة لأحداثها من زاوية مغربية.

ويسلط “لن أنساك” الضوء على التجريدة المغربية التي قادت المعارك على الجبهة السورية تحت إمرة الجنرال الراحل عبد السلام الصفريوي، وضمت حوالي ستة آلاف مقاتل من نخبة الجيش المغربي، مدعومين بدبابات وطائرات حربية.

ويبرز الفيلم كيف أن هؤلاء المقاتلين أدوا دورا حاسما في المعارك إلى جانب الجيش السوري، لكن قصصهم لم تجد طريقها إلى الإعلام أو التوثيق الرسمي، وبقي كثير منهم يعيشون التهميش والنسيان بعد عودتهم إلى المغرب.

ويعتمد الفيلم على الحكي الذاتي كأساس للسرد، إذ يربط بين تجربة المخرج الشخصية وحكايات المحاربين القدامى، ليعيد تركيب ذاكرة جماعية طمسها الإهمال.

كما يطرح العمل تساؤلات حول الانتماء والاعتراف والنسيان، ويكشف عن الفجوة القائمة بين التضحيات التي قدمت، والغياب التام لأي تكريم أو اهتمام رسمي لهؤلاء المشاركين في واحدة من أبرز لحظات التضامن العربي في التاريخ الحديث.

ورغم صعوبة الإنتاج وطول فترة البحث، تمكن كزناي من إنجاز الفيلم بموارده المحدودة، معتبرا أن هدفه لم يكن ماديا بقدر ما كان رغبة في حفظ ذاكرة جيل لم ينصفه التاريخ، وفق تعبيره.

وأشار ذات المتحدث، إلى أن الأجيال الجديدة في المغرب لا تعرف شيئا عن مشاركة بلادهم في تلك الحرب، وأن الفيلم جاء لتذكيرهم بتلك المرحلة وإعادة الاعتبار لجنود قاتلوا من أجل قضية عربية.

وفاز “لن أنساك” بعدة جوائز دولية ووطنية، منها جائزة أفضل إخراج في مهرجان “فيلماري لا ستوريا” الإيطالي، وجائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان الدار البيضاء، وجائزة في المهرجان الفرنكوفوني بالقاهرة، إضافة إلى جائزة أفضل تصوير سينمائي في مهرجان طنجة الدولي للفيلم في دورته الرابعة عشرة.

ولقي الفيلم تفاعلا كبيرا من جمهور المهرجان الوطني للفيلم، الذي أشاد بموضوعه الإنساني وتناوله الهادئ لقضية مغيبة، وبطريقة توظيف المخرج للسرد الشخصي من أجل استرجاع ذاكرة وطنية مشتركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *