وجهة نظر

معايير الانتقاء الجديدة لولوج الماستر وإشكالية تكافؤ الفرص

أصدر وزير التعليم العالي قراراً يقضي باعتماد نظام الانتقاء المباشر لولوج سلك الماستر ابتداءً من الموسم الجامعي 2025/2026، دون الحاجة إلى مباريات كتابية أو شفوية. خطوةٌ اعتُبرت من طرف البعض محاولةً لترسيخ الشفافية وتبسيط المساطر، لكنها في المقابل أثارت جدلاً واسعاً بين الطلبة والفاعلين الجامعيين حول مدى عدالتها وقدرتها على ضمان تكافؤ الفرص.

ماهي المعايير التي يمكن اعتمادها في الانتقاء وهل تعتبر كافية لانتقاء الأجود والأفضل والمستحق؟

المعايير الجديدة الممكن اعتمادها في الانتقاء بدل المباراة الكتابية والشفوية:

الانتقاء سيعتمد غالبا على مجموعة من الضوابط والمعايير الأكاديمية المتعددة وهذه المعايير يمكن أن تحدد نسبتها في الانتقاء وكيفية احتسابها من خلال جدول التنقيط لكل معيار ويمكن تلخيصها في:

  1. المعدل العام للإجازة: المعيار الأول والأساسي لتقييم مسار الطالب، وغالبا يتم اعتماد الميزة في الحصول على الإجازة على الاٌقل بمعدل 12/20
  2. عدد الميزات المحصل عليها في الفصول الستة: دلالة على التميز الأكاديمي المتواصل والتراكمي والمستمر.
  3. النقط في المواد الأساسية المرتبطة بالتخصص:

مثال: في ماستر المنازعات او ماستر المهن القضائية وماستر الأعمال أو العقود، يُركز على مواد مثل المسطرة المدنية، المسطرة الجنائية، التنظيم القضائي، الحقوق العينية – المنازعات الإدارية … وغيرها من مواد التخصص.

ماستر في القانون العام مثلا الاداري والمالي او العلاقات الدولية وحدات النشاط الاداري المالية العامة المنازعات الاداري العلاقات الدولية وغيرها من المواد.

ويمكن أن تحتسب كل وحدة جزء من التقييم مثلا تخصص لك وحدة 10% من التقييم. أي أن الطالب الذي حصل مثلا فقط في وحدتين نقطة أعلى لديه نسبة 20٪ من نسبة الانتقاء وخكذا حساب باقي المعايير ونسبها.

قد يتم اعتماد عتبة (12 أو 14 فما فوق) كشرط لاحتساب الوحدة.

لكن طالب لم يحصل على أي معدل أعلى في أي وحدة من وحدات التخصص فكيف يمكن أن يقول أنه متمكن  ويستحق الولوج للماستر رغم ذلك؟؟؟

 

  1. المعدل في السداسيين الخامس والسادس: باعتبارهما فصلي التخصص مثلا بالنسبة لمسلك القانون العام والخاص. وبالتالي أغلب الطلبة في السداسي 5و6 تكون لهم معدلات مرتفعة ونقط جيدة وبالتالي إمكانية الولوج، وهذا المعيار تم الأخذ به لأنه يحدد تخصص الماستر.
  2. مدة الحصول على الإجازة: الأفضلية لمن استكمل مساره في المدة القانونية مثلا ثلاث الى اربع سنوات كأقصى حد.

لأنه معاير مهم جدا للمجهود المبذول والجدية والالتزام، لأن الحصول على الإجازة في خمس أو ست سنوات تعني أن الطالب قد اجتاز بعض الوحدات أكثر من ست مرات ولم يتمكن من استيفائها وبالتالي لا يمكن مقارنته بمن استفاها في الفرصة الأولى.

  1. كيفية استيفاء الفصول النهائية: هل تم النجاح في الدورة العادية أم بعد الاستدراكية.

وهناك معيار أخرى يمكن اعتمادها.

هذه المعايير تبدو، في ظاهرها، منطقية وتعكس التميز الأكاديمي، وتعطي اعتبارا للمسار الأكاديمي للطالب وكلما كانت معايير متعددة سمحت لعدد أكبر أن يكون ضمن الانتقاء غير أن تطبيقها يطرح إشكالات جوهرية.

إشكالية تكافؤ الفرص:

قد يثير البعض أن الانتقاء عبر المعدل العام وغيرها من المعايير المرتبطة بالتقييم والتنقيط، يفتح الباب أمام نقاش حاد حول غياب الانسجام بين معايير التنقيط داخل الجامعات المغربية.

بعض الكليات معروفة بصرامتها في إعداد الامتحانات والتصحيح، ما ينعكس على معدلات الطلبة ويجعلها متدنية. في المقابل، توجد مؤسسات أخرى حيث يلاحظ نوع من الليونة، ما يسمح للطلبة بالحصول على نقط أعلى.

كما تثار مسألة الغش واستخدام وسائل أخرى للحصول على معدلات أعلى. وإثارة عدم تكافؤ فرص التحصيل والمنح والامكانيات المالية وغيرها من المبررات.

إذا كيف يمكن الحد من هذه الإشكاليات حتى لا تؤثر على تكافؤ الفرص ….؟؟

مقترحات قد تجعل الانتقاء أخف الضررين والتقليل من مشكلات وتشكيات المباريات الكاتبية والشفوية، والحد من السلطة التقديرية الواسعة في الاختيار ومعايير تصحيح أوراق امتحان المباراة، لأن الإشكاليات والتشكيات كانت سابقا تثار بخصوص معايير التصحيح والنتائج النهائية.

وبالتالي يمكن تقديم عدد من المقترحات تساعد في جل الانتقاء المباشر أكثر ضمانا لتكافؤ الفرص وانتقاء الطلبة المستحقين:

1-أن يتم اعتماد معايير متعددة وليس معيار واحد مثلا المعدل العام فقط او سنوات الاجازة، بل اعتماد معايير كثيرة وبالتالي تقليص نسبة الطلبة الذين يمكن قد استعانوا بوسائل للغش وبالتالي لا يمكن أنهم استعملوا الغش في كل الوحدات وفي كل مراحل الدراسة.

2-وأن يخصص لكل معيار نسبة مائوية أي من يحصل على أعلى نسبة من كل المعايير يتم انتقاؤه. وبالتالي إعطى قيمة لمراحل الإجازة ثلاث سنوات من الدراسة والاجتهاد.

  1. تخصيص نسبة (10% مثلاً) من المقاعد لطلبة خارج الكلية المحتضنة للماستر، بما يضمن تفادي مشكل معايير التقييم والتنقيط المختلفة بين الكليات والمؤسسات الجامعية المختلفة.

4.توحيد معايير التقييم أكاديمياً على المستوى الوطني، أو على الأقل ضبطها عبر أطر مرجعية مشتركة.

5.اعتماد مؤشرات نوعية إضافية: بحوث، مقالات علمية، توصيات الأساتذة، الأنشطة الأكاديمية… لا الاقتصار فقط على “الأرقام”.

لا شك أن اعتماد الانتقاء المباشر خطوة إجرائية ستُسهم في تجاوز بعض أعطاب نظام المباريات، لكنها تظل حلاً ظرفياً أكثر من كونها إصلاحاً هيكلياً. فالرهان الحقيقي لا يكمن في “كيف ننتقي الطلبة”، بل في إعادة بناء المنظومة الجامعية على أسس عادلة وشفافة، قادرة على منح كل طالب فرصاً متساوية بصرف النظر عن مؤسسته أو ظروفه.

فبدون إصلاح بنيوي شامل، ستظل قرارات مثل هذه مجرد مسكنات لأزمة أعمق، بينما يظل الطالب المغربي في انتظار جامعة منصفة، تضع الجدارة الحقيقية فوق كل اعتبار.

واستعير هنا مقولة للأستاذ سعيد حمديوي البرفيسور بأرقى الجامعات العالمية يقول:” إذا فشلت الجامعة في تقييم مستوى الطالب بعد ثلاث سنوات من الدراسة والامتحانات والتقييمات وتريد تقييم الطالب في مباراة لمدة ساعتين فاعلم أن المنظومة داخل الجامعة فاشلة ويجب إعادة النظر فيها بشكل جذري”.

 

 

 أستاذ القانون بالكلية متعددة التخصصات الناظور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *