لن يوهن النباح عظمة العهد

منذ سنوات والجار الشرقي الفاقد لأيّة شرعية ديمقراطية ينحت لنفسه “شرعية” خاصة عبر التوغل في استعداء المغرب، الذي يعتبر سيكولوجيًّا مسألة قومية جزائرية داخلية. لكل هذا استثمر النظام العسكري للمرادية في زرع بذور الحقد والضغينة في المخيال العام للشعب الجزائري الذي وقع فعلاً ضحية بروباغندا مسمومة تسخّر كل مؤسسات العسكر، من مدارس وإعلام ومساجد وغيرها، قصد تكريس صورة العدو المتربص بالمغرب بما يخدم أجندات الاستبداد العسكري الفاقد لأية شرعية، ما عدا استعداءً باثولوجيًا للمغرب.
لقد انخرطت أموال رشاوي “البترو-دينار” في شراء ذمم “صحفيين” و”إعلاميين” و”باحثين”، مع تيسير رغد العيش لخونة اللجوء، وذلك من أجل شنّ حملات مسمومة ضد المغرب الذي يعيش في وضعية استقرار ثابتة بفضل تلاحم الملكية والشعب؛ وهو تلاحم ما فتئ يقضّ مضجع حكام الجزائر ومعهم الرئيس الشكلي للمرادية، وغير بعيد عنهم الدول العميقة في شمال المتوسط التي تحن إلى أزمنة الاستعمار في معرض رفضها لما نجح فيه المغرب من نحت قوته بنفسه دون استعداء وبلا خضوع. وبقدر ما يرتفع منسوب الطعن الممنهج في المغرب وتسويق صور سلبية عن مؤسساته، بقدر ما ترتفع السومة الكرائية للحناجر المتخصصة في الإساءة للمغرب ولمؤسساته عبر شنّ ادعاءات مغرضة ضد مؤسسات هي أنزه وأكبر من دسائس مغول الشنطاج الثوري الذي يشتغل وفق رهانات كل هدفها التأثير السلبي نحو إضعاف دولة المؤسسات التي وضع قواعدها جلالة الملك بتمكّن واحترافية.
لقد تبيّن مؤخرًا أن درجة البروباغندا المسعورة ضد المغرب من لدن مؤسسات إعلامية ادعت لنفسها الحياد والاستقلالية، وهي في معرض النبش في ملفات خاصة على حدّ قولها، مثل ما حصل مع “Forbidden Stories” التي منحت لنفسها “طهرانية” المساس بقرينة البراءة في قضايا دولية أصدرت فيها وحولها أحكامًا صحفية حتى قبل أن تتحرك تحقيقات القضاء. وهل يخفى حجم الحملات المغرضة التي شنّها “صحافيو” الممنوعات الذين احتكروا “طهرانية” السلوك ومنحوا للمختلفين علامة تجارية من نوع “الشيطان”.
هكذا أضحت رشاوي الدول المارقة تخترق كل جسد للصحافة لممارسة الابتزاز ضد دولة صاعدة مثل المغرب الذي نجح في فرملة غرور القوى العظمى التي ما فتئت تبتزّ هذا المغرب الذي يشقّ لنفسه مسارًا سياسيًا واقتصاديًا بما ينافس تلك القوى التي خاضت مغامرات فرملة المغرب الصاعد عبر كل رهانات بسط الهيمنة، لكنها فشلت بفضل قوة الملكية التي تدافع عن مصالح المغرب القومية بهدوء ورباطة جأش، مع القدرة على ردّ الاستهداف بكل قوة في الوقت المناسب ودون ضجيج.
ولا يمكن بحال من الأحوال فصل تحرشات نظام العار العسكري بما شنّته صحافة القصص الممنوعة على المغرب من دعايات ملغومة كان في مقدمتها الاتهامات المجانية بالاختراقات الرقمية بفضل “البيغاسوس”. ويبدو شكلاً أن تهمة التجسس الاختراقي مسيئة للمغرب، لكنها من وجهة نظر الأعراف الدولية مناط فخر، لأن من حق المغرب أن يدافع عن نفسه وفق المتاح من الطفرات “التكنو-معلوماتية”، وخاصة أنه وطن يتعرض منذ نصف قرن لمحاولات قرصنة وحدته الترابية من لدن العسكر الفاشيستي جار السوء الذي يختلس مقدرات الجزائر – الإيالة العثمانية – قصد تمويل حركة انفصالية ومساندتها بالسلاح ضد وحدة شعب جار مسلم، كل وزره أنه قدّم يد الدعم لمقاومة عبد القادر أيام السلطان عبد الرحمان بن هشام.
إن العلاقة بين نظام المرادية و”صحافة” المراهقة الثورية وطابور اللجوء السياسي، وما يستهدف المغرب من حملات مغرضة دامت لسنوات ضد رموز المغرب التي ما قبلت يومًا أن تردّ بالمثل لشيء واحد هو الثقة بالنفس والترفّع عن مناوشات البؤس التي تتغذى برشاوي “البترو-دينار” المخصصة للحروب السرية من الأسفل لتغذية الشكوك في علاقة المغاربة بالملكية ومؤسساتها الصادقة؛ وهي، لا ريب، علاقة أقوى وأصمد من كل حملات طوابير الفتنة. فكيف ينحرف الفهم عند هؤلاء وهم لا يفقهون حقيقة الوشائج بين قطبي الوجود المغربي وهما الملكية والشعب، ذلك أنهما الترياق الذي نجح عبر قرون في حماية الجسد المغربي من كل السموم، وهما المصل الذي ظل صامدًا أمام كل مناوشات الضباع والصعاليك والكلاب المزركشة التي تتربص الدوائر لتخريب اللحمة، منذ الحماية القنصلية نحو حركة بوحمارة إلى دعاة الفتنة من أبواق الإشعاعات المسعورة ضد ما يراكمه المغرب الصاعد وهو يواجه بثبات حركة انفصالية مسلحة هناك وطابورًا جديدًا يمتطي صهوة الريف المغربي الوفي بدعم من نفس ماكينة العار المتربصة بهذه الأرض المعطاء.
لقد خاب ظن مناوشات أعداء التميّز المغربي وهم في حسرة مما يعرضون من حملات ودسائس ومؤامرات وتكالب، اصطدمت كلها بجدار صلب من فولاذ وإسمنت، روحه عهد غليظ مقدّس بين الملكية والشعب يتجدد باستمرار كلما تجددت الحملات المسعورة المغرضة من لدن أعداء هذا الوطن المغربي الكبير.
ريع الاستعمار والضرب تحت الحزام
إن من الموغل في السخرية حقًا أن يصنّف بعض تجار البطولة الوهمية أنفسهم في محراب “الطهرانية” وهم تكالى ريع اللجوء السياسي في بلدان الغرب، فلا يملّون من تحويل منصات الفضاء العمومي التكنولوجي إلى دبابات من نوع خاص تشنّ الحرب على قدم وساق ضد بلدهم الأم، ودون خجل. لقد تحوّلت عائدات اللجوء السياسي ومعها أرباح “الأدسنس” إلى ريع استعماري جديد يستثمر في وهم البطولة قصد النيل من المغرب والتشكيك في ما يراكمه بشهادة الخصوم قبل الأحباب. فكيف لا يفقه هؤلاء من “صحافة” وإعلام الطابور الخامس أنهم يعيشون في دول كولونيالية استنزفت وتستنزف خيرات شعوب القارة الغنية المُفقَرة، أي شعوب إفريقيا التي تعيش ويلات التفقير والتهميش على مسمع ومرأى من “أبطال” ماخور ريع استعراض السادية المسنودة بأظرفة سمينة تغني من جوع الحقد في مطبخ كراء الحناجر.
كيف لا والمناضل مطلوب منه أن يطلب اللجوء السياسي في أفقر بلدان إفريقيا أو آسيا، بدل التوجه نحو بلدان النعيم الأوروبي قصد ضمان العيش الرغد باسم الثورية المخصية في ماخور العهر القيمي ضد وطن أعزل ثغوره في الشمال تقع تحت الاحتلال رغم المسافة البحرية التي لا تراها عيون أبطال الزور المغلقة بمرهم الرشاوي الثورية. وكيف لا يجرؤ من يصنّفون أنفسهم في خانة “محرري الشعوب” وهم يشهدون على ما يتعرض له المغرب من غدر مستمر، تارة باسم قوى الاستعمار التقليدي التي تحتل سبتة ومليلية وجزيرة ليلى والجزر الجعفرية، وتارة باسم حركة انفصالية مسنودة بأسلحة وأموال الشعب الجزائري الذي يرزح تحت بطش التوتاليتاريا العسكرية التي تُبلقن كل بلدان المغارب لصالح وهم “الدولة-القارة” التي خلقها الميثاق الإمبريالي قبل ستة عقود فقط لعرقلة مسار دولة عظيمة ذات تاريخ حافل بالملاحم وهي هذا المغرب الذي يزداد حسّاده بقدر الانتصارات الحاصلة.
لقد أظهر نظام الحكم بالمغرب، صدقًا وحقيقة، أنه يملك من الشرعيات ما يكفي ليحمي نفسه من السقوط في مستنقع الرد على الطابور الخامس هنا وهناك، وهم جميعًا لا يعرفون أن نباح الكلاب وضباح الثعالب وعويل الذئاب وفحيح الثعابين لن تنجح مهما فعلت في استدراج مغرب الإمبراطوريات إلى معترك أوغاد التاريخ الذين لا يوقرون الشعب المغربي ولا ثوابته المصونة عن كل شكوك، وبدرجة الحقد نفسه لا يحترمون ذكاء المغاربة.
ختامًا؛ لعمري إن البروباغندا المسعورة لم تبدأ اليوم فقط ضد المغرب، بل انطلق عدّها منذ سنوات وهي تروم إرباك مسار مغرب هادئ يخطّ مساره بثبات بدماء العهد المتجددة بين الملكية والشعب، عهد غليظ لن يثنيه مكر العلوج مهما ارتفع منسوب الخبث ضد المؤسسات التي لا تنام حتى ينعم المغرب بالأمن والأمان مصداقًا لقوله تعالى: “أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ”.
وختامًا، لن نبلغ، مهما فعل أوغاد طابور الخيانة، مبلغ الريبة في مؤسسات الوطن المغربي العظيم، مؤسسات لا تنام حتى ينام الوطن، ولا تملّ ولا تكلّ حتى ينجح المغرب في إيجاد موطئ قدم في اقتصادات إفريقيا وفي أجرأة مقترح استراتيجي لصالح إفريقيا الساحل نحو المحيط الأطلنتي الذي ينحت موقعًا مناسبًا في معاملات الاقتصاد العالمي بمنأى عن سيطرة البحر الأبيض المتوسط الذي لا يقبل تغيّر مواقع القوة أبدًا. وكيف لا ينفعل حرّاس معبد الخيانة، هنا وهناك وهنالك، وهذا الشبل من ذاك الأسد، وخلفهما معًا شعب وفي لن يخون العهد أبدًا ولن يشك مهما ارتفع صدى دسائس العار وهي تكشّر عن أنيابها لنهش استقرار المغرب العظيم بفضل ما حباه به الله من نعمة التلاحم الوثيق بين الملكية الشريفة والشعب الأبي.
وأمام هذه اللحمة المفعمة بالإخاء في رحاب الأسرة الملكية الشريفة المحمية بحفظ الرحمان، ومع هذا الشعب المغربي العظيم الذي يفهم جيدًا كل شفرة هذه اللعبة المسمومة التي ترنو زرع الشك بين مستقبل المغرب، والعمر المديد لجلالة الملك نسأله طلبًا من الله، والمؤسسات الساهرة على صون العهد ميثاقًا غليظًا لا يتعب ولا يملّ مهما صاح ضجيج العلوج في منصات الفتنة التي هي أشدّ من القتل.
وما على المغاربة قاطبة غير حسن فهم أن لكل نجاح أعداء، ولكن نعمة خصوم. وأن مؤسسات الدولة والشعب فوق كل الشكوك مهما عالت قرهدة الضباع المسنودين برشاوي الليل قبل بزوغ فجر تحريك الأنامل وفتح الأفواه أمام تكنولوجيا العقل العلمي لتحرير الحملات المغرضة المسعورة ضد وطن عظيم يحميه الله جلّت قوته، وطن تسنده اللحمة المعطاء بين الملكية والشعب ترياقًا يكفي لتجديد دماء العهد في شرايين الوطن المغربي العظيم رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين.
اترك تعليقاً