أخبار الساعة، سياسة

رفع “مقاعد الريع” وتسقيف النفقات.. هذه أبرز مطالب الاستقلاليين لإصلاح قانون الانتخابات

في خضم التحضيرات المبكرة للانتخابات التشريعية لعام 2026، وضع حزب الاستقلال، مقترحاته على طاولة وزارة الداخلية، كاشفا عن رؤيته لإصلاح المنظومة الانتخابية، والتي على رأس أولوياتها زيادة عدد مقاعد الخاصة بالنساء والشباب، والتي غالبا ما تثير جدلا سياسيا وتُوصف بأنها “لوائح الريع”، إلى جانب فرض رقابة صارمة وتسقيف لنفقات الحملات الانتخابية، خاصة في الفضاء الرقمي.

وتبرز هاتان النقطتان كأكثر المطالب إثارة للاهتمام ضمن مذكرة مفصلة قدمها الحزب، وحصلت جريدة “العمق” على نسختها الكاملة، حيث دعا بشكل صريح إلى رفع عدد المقاعد المخصصة للنساء عبر اللوائح الجهوية من 90 مقعدا حاليا إلى 120 مقعدا.

وأكد الحزب في تقديم المذكرة أن المغرب، تحت قيادة الملك محمد السادس، حقق تقدما ملحوظا في مجال الديمقراطية منذ دستور 2011، الذي كرس الخيار الديمقراطي كثابت دستوري، مشيرا إلى أن الانتخابات التشريعية المقبلة تمثل محطة مفصلية في مسار البناء الديمقراطي، وهو ما يفرض، وفق المذكرة، معالجة الأعطاب التي أفرزتها التجارب السابقة وتوفير كل الشروط السياسية والمجتمعية والقانونية لإنجاحها.

وشدد الحزب على أن نجاح هذا الاستحقاق يمر عبر تقوية المشاركة السياسية للمواطنين في ظل تصاعد ما وصفها بـ “خطابات العدمية والشعبوية”، داعيا إلى مواجهة هذه الخطابات من خلال ملء الفضاءات الرقمية بالمحتوى الإيجابي، وتعبئة الإعلام العمومي، والجامعيين، والخبراء، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤثرين المحايدين من أجل تحفيز المواطنين على التصويت.

واقترحت المذكرة مجموعة من الإجراءات لرفع نسب المشاركة، من بينها جعل التسجيل في اللوائح الانتخابية شرطا ترجيحيا للاستفادة من بعض الخدمات الاجتماعية أو الولوج إلى الوظيفة العمومية، وتخصيص دعم مالي للأحزاب التي تمنح مراتب متقدمة للشباب والنساء في اللوائح الانتخابية، ورفع عدد المقاعد المخصصة للنساء من 90 إلى 120 مقعدا، مع تقديم دعم مالي إضافي لترشيح مغاربة العالم والأشخاص في وضعية إعاقة.

كما دعت المذكرة إلى مراجعة اللوائح الانتخابية بشكل شامل ودائم، مع فتح باب القيد الإلكتروني طوال السنة، وضمان إشعار المشطب عليهم بجميع الوسائل المتاحة، وإعادة العمل بخدمة الرسائل النصية للتأكد من التسجيل.

وفي الجانب المتعلق بتخليق الحياة السياسية، طالبت المذكرة بإبرام ميثاق أخلاقي بين الأحزاب يلزمها بتجديد النخب وعدم تزكية المشتبه في تورطهم في قضايا فساد، واحترام قواعد المنافسة الشريفة، والابتعاد عن أي ممارسات من شأنها التأثير على حرية الاختيار ونزاهة الاقتراع.

كما أكدت على ضرورة تطوير القانون التنظيمي للأحزاب لتمكينها من الموارد المالية والبشرية الكافية للقيام بأدوارها الدستورية في التأطير والترافع وتقديم البدائل، واقترحت مراجعة منظومة الدعم العمومي للأحزاب من خلال رفع قيمته وتوسيع نطاقه ليشمل الدراسات والبرامج، وإعفائها من الضرائب والرسوم على ممتلكاتها، ومراجعة المخطط المحاسباتي الخاص بها.

وفي ما يتعلق بالعملية الانتخابية نفسها، شددت المذكرة على ضرورة مراجعة التقطيع الانتخابي بما يعكس التطورات الديمغرافية ويحقق التمثيلية العادلة، وتقليص مدة الحملة الانتخابية من 14 إلى 10 أيام، وتشديد العقوبات على الاستعمال غير القانوني للمال أو النفوذ أو الضغط خلال الحملات، ومنع الإعلانات المدفوعة على المنصات الأجنبية، وتجريم نشر الإعلانات الانتخابية يوم الاقتراع.

وينص المقترح أيضا على تسقيف المصاريف الخاصة بالإعلانات المؤدى عنها في المواقع الإلكترونية والقنوات الإذاعية والتلفزية الخاصة، بما يمنع أي حزب سياسي من احتكار هذه الوسائل أو تحويلها إلى أدوات دعائية حصرية، مع تخصيص جزء من الدعم العمومي لضمان ولوج جميع الأحزاب إليها بشكل متساو، وبما يكفل التعددية ويحقق مبدأ تكافؤ الفرص خلال الحملات الانتخابية.

وتضمنت المذكرة أيضا مقترحا يقضي بالرفع من السقف الأقصى للتبرعات المالية التي يمكن أن تتلقاها الأحزاب السياسية من 600.000 درهم إلى 800.000 درهم، وذلك بهدف تمكينها من موارد مالية إضافية تساعدها على تطوير هياكلها وبرامجها وتعزيز قدراتها في مجالات التأطير والتكوين وإعداد الدراسات والمقترحات، بما يساهم في الرفع من جودة العمل الحزبي والارتقاء بأدواره الدستورية والسياسية.

كما اقترحت تمكين المرشحين من توكيل محاميهم لتتبع الشكايات أثناء الحملة ويوم التصويت، وتوسيع مجال القضاء الاستعجالي للبت في الخروقات الانتخابية بسرعة، ومنح لجان المراقبة الوطنية والإقليمية صلاحيات واسعة واستقلالية أكبر لمتابعة سير العملية الانتخابية.

ولتعزيز مصداقية الوظيفة الانتدابية، أوصت المذكرة بإلزام النواب بالحضور إلى البرلمان بما لا يقل عن مرتين في كل دورة تحت طائلة التجريد من العضوية، مع إلزام رئيس مجلس النواب بإحالة طلبات التجريد على المحكمة الدستورية في أجل محدد.

كما دعت إلى تقريب مكاتب التصويت في القرى وتوفير النقل للناخبين، واعتماد البطاقة الوطنية أو وصل إعدادها كوثيقة وحيدة للتصويت، وإعلان النتائج فور انتهاء الفرز، وتمكين الأحزاب من محاضر المكاتب دون تأخير.

واعتبر حزب الاستقلال أن هذه المقترحات تمثل مدخلا أساسيا لتوفير بيئة سياسية وقانونية وتنظيمية تضمن انتخابات نزيهة وشفافة تعزز الثقة في المؤسسات وتفرز نخبا سياسية قادرة على التجاوب مع انتظارات المواطنين ومواصلة مسار الإصلاح الديمقراطي بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *