انقطاع لقاح الرضع “Pneumo1” يثير قلق أسر مغربية ومخاوف من تهديد الصحة التنفسية للأطفال

أثار انقطاع لقاح الرضع “Pneumo1″، المخصص للوقاية من أمراض خطيرة مرتبطة بالتهابات الجهاز التنفسي، جدلا واسعا في صفوف الأسر المغربية، خصوصا بعد تأكيد العديد من المواطنين عدم توفره في عدد من المراكز الصحية العمومية والخاصة، وحتى في معهد “باستور” بالدار البيضاء، الذي يعتبر مرجعا وطنيا في توفير اللقاحات.
الأسر المغربية، خاصة الأمهات، عبرن عن قلق كبير بسبب غياب هذا اللقاح الذي يعطى عادة للرضع ابتداء من عمر شهرين، حيث أكدن أن الوضع يضع أبناءهن أمام مخاطر الإصابة بالجراثيم المسببة لأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي والتهابات صدرية قد تصل إلى مضاعفات خطيرة أو حتى الوفاة في بعض الحالات.
وأكد مراقبون صحيون أن هذا اللقاح يلعب دورا محوريا في حماية الرضع من بكتيريا خطيرة قد تؤدي إلى أمراض مثل التهاب السحايا والالتهاب الرئوي الحاد والتهابات الأذن الوسطى.
وأوضحوا أيضا أن أي تأخير في تلقي الجرعات الأساسية من اللقاح من شأنه أن يفتح الباب أمام مضاعفات صحية بالغة على المدى القريب والبعيد.
وأشار بعض الأطباء إلى أن انقطاع هذا اللقاح قد يساهم في ارتفاع نسب إصابة الأطفال الرضع بمضاعفات تنفسية تستدعي الاستشفاء، وهو ما قد يثقل كاهل الأسر والمنظومة الصحية على حد سواء.
في ظل هذا الوضع، تعالت أصوات تطالب وزارة الصحة بالكشف عن أسباب هذا الانقطاع ومدته، والعمل بشكل استعجالي على توفير اللقاح بكميات كافية لتغطية الطلب الوطني.
وقال الدكتور الطيب حمضي، الطبيب والباحث في مجال السياسات والنظم الصحية، إن اللقاح الذي يعطى للرضع ابتداء من عمر شهرين تقريبا يشكل خطا دفاعيا أساسيا ضد بكتيريا شديدة الخطورة، قد تسبب مضاعفات صحية بالغة.
فهذه الجرثومة، بحسب حمضي، لا تقتصر آثارها على التهابات صدرية بسيطة أو أمراض تنفسية مزمنة، بل قد تتطور في غياب الوقاية إلى حالات قاتلة تؤدي إلى تسجيل وفيات مرتفعة في صفوف الأطفال.
وأوضح الخبير الصحي، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن خطورة هذه البكتيريا تكمن في تعدد سلالاتها، حيث تم تطوير لقاحات متقدمة توفر مناعة فعالة ضد 13 سلالة مختلفة، ما يجعلها أداة أساسية للوقاية.
وأبرز أن أهمية هذه اللقاحات لا تتجلى فقط في إنقاذ حياة الرضع وتقليل عدد الوفيات بينهم، بل تتعدى ذلك إلى حماية المجتمع ككل من خلال تحقيق ما يعرف بـ”المناعة الجماعية”، التي تعد حصنا واقيا للأشخاص الأكثر هشاشة، مثل المسنين ومرضى الأمراض المزمنة.
وشدد حمضي على أن غياب هذا النوع من اللقاحات عن برامج التطعيم يشكل تهديدا مباشرا لحياة الرضع، إذ يجعلهم عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية، مما يضطر الأطباء إلى اللجوء إلى المضادات الحيوية كحل علاجي بديل.
غير أن هذا الخيار، بحسبه، ليس دائما ناجعا، بل قد يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للرضع بسبب ضعف مناعتهم وعدم قدرتهم على مقاومة المضاعفات، فضلا عن المخاطر المرتبطة بالاستعمال المفرط للمضادات الحيوية، مثل ظهور بكتيريا مقاومة للعلاج.
وخلص الباحث إلى أن الاستثمار في توفير هذه اللقاحات وضمان وصولها لجميع الرضع يشكل خطوة استراتيجية على مستوى الصحة العامة، لأنها تقلل بشكل ملموس من الأعباء الصحية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن انتشار الأمراض البكتيرية، وتحمي فئة عمرية حساسة هي الأكثر عرضة للمضاعفات.
اترك تعليقاً