مجتمع

“رحلة العمر”.. حلقات على “العمق” توثق تجربة فريدة لحاج مغربي في ضيافة الرحمن

الحج رحلة عمر لا تشبه أي رحلة أخرى، فليس هو مجرد انتقال جسدي من بلد إلى بلد، ولا مجرد تنقل بين شعائر وأماكن، بل هو عبور روحي عميق يعيد ترتيب الأولويات، ويصوغ علاقة المسلم بربه ونفسه والعالم من حوله. منذ أن نادى الخليل إبراهيم عليه السلام في الناس بالحج، فلبت القلوب قبل الأقدام، ظل هذا الركن العظيم من أركان الإسلام الخمسة يجمع المسلمين من كل فج عميق، في مشهد إيماني مهيب تتجلى فيه وحدة الأمة ومساواتها أمام الله.

وقد جعل الله للحج مقاصد جليلة، منها تطهير النفس من الذنوب، وتجديد العهد مع الله، وإحياء معاني التضحية والصبر والإخلاص. لذلك ارتبط الحج في وجدان المسلمين عبر العصور بالتحول الروحي الكبير، بل اعتبره كثيرون نقطة فاصلة بين مرحلتين في حياة الإنسان؛ ما قبل الحج وما بعده.

ومع ما شهده العالم في العقود الأخيرة من تطور في وسائل النقل والتنظيم والخدمات، ظل الحج محتفظا بروحه الأصيلة ومعانيه العميقة، بل صار أداؤه أكثر يسرا وأمنا، الأمر الذي زاد من شوق المسلمين لأدائه كلما تحققت لهم الاستطاعة المادية والبدنية.

وفي هذه السلسلة التي تنشرها جريدة “العمق” ابتداء من اليوم وحتى نهاية شهر شتنبر الجاري، لا يكتفي الحاج المغربي أحمد الطلحي، المنحدر من مدينة طنجة، بسرد مذكراته الشخصية، وإنما يقدم شهادة على عصر وموسم، وتأملات في المناسك والمشاعر، وانطباعات عن التجربة الروحية والإنسانية والتنظيمية، وما رافقها من مواقف لا تُنسى. إنها توثيق لرحلة عمر سبقتها سنوات طويلة من الانتظار والدعاء، حتى كتب الله له أن يكون واحدا من وفده الميمون في موسم 1446 هـ.

الطلحي، وهو إطار مغربي وخبير في البيئة والتنمية والعمارة الإسلامية، عاش التجربة بكل تفاصيلها: من لحظات الشوق قبل السفر، إلى المواقف المؤثرة في عرفات، وصولا إلى طواف الوداع ومغادرة الديار المقدسة. حاول أن يرصد كل ذلك بدقة وأمانة، ليس فقط ليشارك القارئ أجواء الحج، بل أيضا ليضع بين يدي المقبلين عليه مقترحات ونصائح قد تعينهم على أداء المناسك بسهولة ويسر، ويسهم في تطوير الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.

تأتي السلسلة في سبعة عشر حلقة متتابعة -انطلاقا من اليوم الجمعة وإلى غاية نهاية الشهر الجاري-، تبدأ بالاستعدادات الأولى وتنتهي بالخلاصات والدروس المستفادة، لتكون دعوة للتأمل والمشاركة، ولعلها تزرع في القلوب شوقا أكبر إلى بيت الله الحرام، وسعيا لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام متى ما تحققت الاستطاعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *