تعديلات قانون التعليم العالي.. فصل رؤساء الجامعات عن “مجلس الأمناء” ومشاركة الجماعات في تمويل الطلبة

كشفت مقارنة أجرتها جريدة “العمق المغربي” بين الصيغة الأولية لمشروع القانون رقم 59.24 المتعلق بالتعليم العالي والبحث العلمي، والنسخة النهائية التي أحالتها الحكومة على البرلمان، عن تعديلات ترسم ملامح جديدة للجامعة المغربية.
وأظهرت الوثيقتان، اللتان اطلعت عليهما الجريدة، أن أبرز المستجدات التي تضمنتها الصيغة المحالة على مجلس النواب تتمثل في تعزيز استقلالية “مجلس الأمناء” عبر فصل رئيس الجامعة عن اجتماعاته، وضمان استمرارية عمل “مجلس الجامعة”، وإقرار مساهمة الجماعات الترابية بشكل مباشر في تمويل الخدمات الاجتماعية للطلبة.
وأوضحت الوثيقة النهائية أن من أهم التغييرات التي تم إقرارها هو التخلي الكامل عن الفقرة التي كانت تسمح لرئيس الجامعة بحضور اجتماعات مجلس الأمناء بصفة استشارية.
وكشفت النسخة الاخيرة أن إحداث “مجلس الأمناء” على صعيد كل جهة جاء ليواكب عمل الجامعات وتطوير أدائها. ويهدف هذا المجلس، وفقا لما ورد في النص، إلى تنسيق الجهود الرامية لتطوير الجامعة على الصعيد الجهوي بشكل يضمن الانسجام التام مع السياسات العمومية في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
ويتألف المجلس، علاوة على رئيسه، من ممثلين عن السلطات الحكومية المكلفة بالتعليم العالي والتربية الوطنية والمالية والتشغيل والكفاءات، بالإضافة إلى أمناء السر الدائمين لأكاديمية المملكة المغربية وأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات أو من يمثلهم.
وأضاف المصدر أن المجلس يضم في عضويته والي الجهة التي يوجد مقر الجامعة في نفوذها الترابي، ورؤساء مجالس الجهات التي يشملها النفوذ الترابي للجامعة، ورؤساء الجامعات المعنية. كما يستقطب المجلس، حسب النص، شخصيتين لتمثيل المحيط الاقتصادي والاجتماعي، وشخصيتين مشهود لهما بالكفاءة والخبرة في التعليم العالي من داخل أو خارج المملكة، فضلا عن أستاذ وممثل عن الأطر الإدارية والتقنية يتم انتخابهما من قبل نظرائهما في مجالس الجامعات بالجهة.
أكد مشروع القانون على أن الأدوار المنوطة بمجلس الأمناء تتركز في التوجيه الاستراتيجي والمواكبة والتقييم. وتناط بالمجلس مهام محورية تشمل إبداء الرأي في مشروع استراتيجية تطوير الجامعة قبل المصادقة عليه من طرف مجلس الجامعة، وتقييم حصيلة منجزاتها السنوية، وإبداء الرأي في برنامج عملها للسنة الموالية. وأشار النص إلى أن المجلس يتولى أيضا تتبع تنفيذ العقود والبرامج المبرمة مع الدولة، والنظر في مشاريع إحداث الأقطاب الجامعية أو الانضمام إليها، وتقديم الرأي في أي عملية إحداث، أو تغيير أو دمج لمؤسسة جامعية أو فرع لها بالخارج.
وأضاف المصدر أن المجلس يضطلع بمهمة تتبع تنفيذ توصيات التقييم المؤسساتي للجامعة، ويبادر باقتراح كافة التدابير الهادفة إلى ضمان حسن تدبير الجامعة وفق مبادئ الشفافية والحكامة الرشيدة. ووفقا للمادة 43 من مشروع القانون، يرأس مجلس الأمناء شخصية من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة العلمية والخبرة في التدبير العمومي، ويتم تعيينه بمرسوم لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرتين.
وتابع النص أن رئيس مجلس الأمناء يعد تقريرا سنويا مفصلا حول أداء الجامعة، ويرفعه إلى رئيس الحكومة مصحوبا بالتوصيات اللازمة. ولتحقيق هذه الغاية، يحق لرئيس مجلس الأمناء أن يطلب من رئيس الجامعة المعنية جميع الوثائق والمعلومات اللازمة لإعداد تقريره، بالإضافة إلى مذكرة توضيحية حول مدى اعتماد آراء وتوصيات المجلس ومبررات عدم الأخذ بها عند الاقتضاء. كما أوضح المصدر أن مجلس الأمناء يجتمع بدعوة من رئيسه مرتين في السنة، وكلما دعت الضرورة لذلك، ويمكن للرئيس دعوة أعضاء المجلس لعقد دورات استثنائية.
وضمت النسخة النهائية تعديلا بارزا آخر يمس “مجلس الجامعة”، حيث نصت النسخة الجديدة على أنه في حال تعذر انتخاب ممثلي الأساتذة الباحثين والأطر الإدارية والتقنية والطلبة داخل الآجال المقررة، فإن المجلس يعتبر مكونا بصفة قانونية بباقي أعضائه. ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان استمرارية عمل المؤسسات الجامعية وتفادي أي شلل إداري قد ينتج عن تأخر العمليات الانتخابية، بما يضمن استمرار السير العادي للمرفق الجامعي.
وقضت المادة 88 من مشروع القانون الجديد بإقرار تغيير جذري في آليات تمويل الدعم الاجتماعي للطلبة، حيث نصت بشكل صريح على أن تمويل خدمات الإيواء والإطعام والتغطية الصحية والمنح سيتم عبر إعانات مالية تمنحها الدولة والجماعات الترابية أو مؤسسات التعليم العالي.
وأكد النص الذي أحيل على البرلمان أن هذا الإجراء يوسع قاعدة تمويل الخدمات الطلابية لتشمل مساهمة مباشرة من السلطات المحلية، إلى جانب مساهمات المستفيدين والتبرعات. كما تابع النص تأكيده على ضرورة توفير كل الوسائل المتاحة لتمكين الطلبة في وضعية إعاقة أو الذين يواجهون صعوبات خاصة من متابعة دراستهم في ظروف ملائمة.
اترك تعليقاً