جيل Z بين سلطة التفاهة وتراجع مؤسسات التنشئة: قراءة سوسيولوجية

أصبحت التفاهة، كما وصفها آلان دونو، نمطًا ثقافيًا مهيمنًا في زمن الإعلام الرقمي، حيث تحوّلت شبكات مثل تيك توك وإنستغرام إلى أدوات لصناعة النجومية والاعتراف الاجتماعي على أسس سطحية لا تقوم على المعرفة أو القيم. من خلال نظرية الحتمية التكنولوجية، نلاحظ أن هذه المنصات لم تعد مجرد أدوات، بل أصبحت فاعلًا مباشرًا في التنشئة، مزاحمةً بذلك الأسرة والمدرسة، اللتين لم تعودا قادرتين على ضبط المسار القيمي أو الهوياتي لجيل Z. هذا الجيل لا يُقاد بسهولة لأنه يعيش خارج المرجعيات التقليدية، وتحت تأثير “رأسمال رقمي” جديد، كما وصفه بيير بورديو، قوامه المتابعات والتفاعل الافتراضي، لا الكفاءة أو المضمون.
في المقابل، نعاين ما سماه غي ديبور بـ”مجتمع الفرجة”، حيث الحياة تُختزل في صور ومظاهر، ويتحوّل الإنسان إلى مستهلك للفرجة دون عمق فكري أو وعي نقدي. جيل Z يعيش في بيئة لا مركزية وعابرة للحدود، لكنه يفتقد للثبات القيمي والانتماء الراسخ. هذا ما يجعل التفاهة اليوم ليست مجرد انحراف أخلاقي، بل نظامًا رمزيًا متكاملًا يحتاج إلى تفكيك سوسيولوجي وإعادة بناء بدائل فكرية وتربوية حقيقية تعيد التوازن للمنظومة القيمية في زمن الرقمنة والسطحية .
اترك تعليقاً