مجتمع

رحلة العمر: من التجربة الماليزية إلى الواقع المغربي.. دروس ومقترحات لتجويد التنظيم والتأطير (الحلقة 16)

سلسلة توثق تجربة حاج مغربي شكلت لصاحبها رحلة عمر

سلسلة رحلة العمر.. انطباعات حاج مغربي

الحج ليس مجرد سفر أو تنقل بين شعائر وأمكنة، بل هو عبور روحي عميق يعيد صياغة علاقة المسلم بربه ونفسه والعالم من حوله، فمنذ أن نادى الخليل إبراهيم عليه السلام في الناس بالحج، ظل هذا الركن العظيم يجمع المسلمين من كل فج عميق، في مشهد مهيب تتجلى فيه وحدة الأمة ومساواتها أمام الله.

في هذه السلسلة التي تنشرها جريدة “العمق”، يوثق الحاج المغربي أحمد الطلحي، المنحدر من مدينة طنجة والخبير البيئة والتنمية والعمارة الإسلامية، تفاصيل رحلته إلى الديار المقدسة خلال موسم 1446 هـ، بعد سنوات طويلة من الانتظار والدعاء.

بين الشوق قبل السفر، والسكينة في المشاعر، والمواقف المؤثرة في عرفات والطواف، يقدم الطلحي شهادة صادقة وتأملات روحية وإنسانية وتنظيمية، يشارك من خلالها القارئ مواقف لا تُنسى، ونصائح قد تعين المقبلين على هذه الفريضة العظيمة.

ـــــــــــــ

الحلقة 16: من التجربة الماليزية إلى الواقع المغربي.. دروس ومقترحات لتجويد تأطير الحج

ينبغي التنبيه أولا إلى أن تأطير المقبلين على الحج حديث العهد بالمغرب، فلم يكن موجودا في الماضي، وهو نقطة إيجابية تحسب للتنظيم الرسمي للحج بالمغرب. كما أن التنظيم والتأطير الميداني للحجاج تحسن كثيرا، حيث ازداد عدد المرافقين وأعضاء البعثة المغربية، من مؤطرين دينيين وإداريين وأطر طبية.. لكن، لا تزال هناك أمورا تحتاج للتجويد والتحسين، ولما لا، الوصول إلى مستويات الدول الإسلامية الرائدة في ذلك وتجاوزها، حتى يصبح المغرب يضرب به المثل في هذا المجال كما هو الشأن في العديد من المجالات الدينية والدنيوية الأخرى.   

 

1- التجربة الماليزية في تنظيم الحج:

كل من وفقه الله للذهاب للديار المقدسة، معتمرا أو حاجا، لا بد أنه لاحظ تميز الحجاج والمعتمرين الماليزيين عن غيرهم، من حيث النظام والانضباط والتحرك في إطار مجموعات وارتداء لباس موحد، ولقد لاحظنا هذا العام أن حتى الحقائب كانت موحدة من حيث الحجم والألوان. وبالرغم من وجود وفود أخرى متميزة من جنسيات أخرى، إلا أن الريادة كانت ولا تزال لماليزيا. لذلك، من المفيد التعرف على هذه التجربة الناجحة.

أنشأت ماليزيا مباشرة بعد حصول البلاد على الاستقلال مؤسسة متخصصة في تنظيم الحج تعرف باللغة المحلية ب”تابونغ حاجي”، وتابونغ تعني الصندوق، أي صندوق الحج. وصاحب فكرة الصندوق هو أنكو عزيز المتخصص في علم الاقتصاد، حيث اقترح في عام 1959 تأسيس مؤسسة مالية غير ربوية تتولى ادخار واستثمار أموال الماليزيين الراغبين في الحج.

وادخار الماليزيين المال من أجل أداء فريضة الحج منذ الصغر، تقليد قديم، لكنهم كانوا يدخرونه في بيوتهم ولا يودعونه في البنوك حتى لا يختلط بأموال الربا. لهذا تطورت الفكرة إلى إنشاء صندوق خاص وتنمية أمواله في الحلال وبالحلال. والتجربة حظيت بموافقة شيخ الأزهر محمود شلتوت خلال زيارته لماليزيا عام 1962، وصرح قائلا: “إنها خطة مقبولة شرعا وسيجني منها المسلمون نفعا كثيرا”، وطالب بتنفيذها فورا.

المؤسسة انطلقت عمليا في عام 1963 بمساهمة فقط 1281 شخصا بمبلغ إجمالي قدره 186.4 ألف دولار، ليبلغ حاليا عدد المساهمين فيها 4.5 ملايين شخص بأكثر من 3.3 مليارات دولار. والبداية تكون بإيداع مبلغ بسيط لا يتجاوز 2.5 دولار، ويمكن للوالدين تسجيل أولادهما في المؤسسة منذ الولادة. وعندما يصل المبلغ المدخر إلى 500 دولار يستطيع المساهم تسجيل طلبه لأداء فريضة الحج، على أن المؤسسة هي التي تحدد السنة التي سيذهب فيها للحج.

وتقوم مؤسسة صندوق الحج باستثمار المبالغ المدخرة، وأداء نصف مصاريف الحج والحجاج يؤدون النصف الآخر للمصاريف التي قدرت بحوالي 8000 دولار في عام 2025. كما تقوم المؤسسة بتمويل أنشطة توعية الحجاج وتدريبهم على أداء مناسك الحج.

وتتكون برامج التوعية والتدريب التي تقدم للحجاج ابتداء من شهر محرم، بمعدل ساعتين أسبوعيا، من محاضرات وندوات نظرية عن رحلة ومناسك الحج. وقبيل الحج يتم تدريب الحجاج عمليا، بارتداء ملابس الإحرام، وباستعمال مجسمات للكعبة والمشاعر. وتشارك في التكوين والتدريب، بالإضافة إلى الهيئات الدينية، هيئات مدنية متنوعة في تأطير الحجاج، كالوكالات السياحية وهيئات الطيران.

وفي الحج، يتم تنظيم وتأطير الحجاج الماليزيين الذين يبلغ عددهم 30 ألف حاج بستة آلاف موظف بمعدل خمسة حجاج لكل موظف.

وعند عودة الحجاج يستقبلهم مسؤولو المؤسسة، في احتفال كبير. ويتم الإنصات إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم، التي يعتمد عليها في عملية التقييم لتفادي الأخطاء في المواسم المقبلة.

وتجدر الإشارة إلى أن كل الإجراءات الإدارية الخاصة بالحج، من تسجيل الحجاج وتنظيمهم ومتابعة أحوالهم، تتم بالتكنولوجيا الحديثة.

وإجمالا يمكن تلخيص نتائج التجربة الماليزية في:

– ارتفاع مستوى الوعي الديني عموما وبأحكام الحج ومعانيه وأسراره، مما ينعكس على الأداء الصحيح للمناسك وعلى المعاملات الأخلاقية الراقية فيما بين الحجاج ومع غيرهم

– الرضا الكبير والمتواصل للحجاج 

– المساهمة في تقليل تكاليف الحج

– شهرة نجاح التجربة، لدرجة أنها أصبحت نموذجا مطلوبا على مستوى العالم، بحيث بدأت مؤسسة صندوق الحج تقدم دورات تدريبية في تنظيم الحج لفائدة عدد من الدول الإسلامية، في مقدمتها تركيا وإيران.

 

2- كيفية تأطير الحجاج المغاربة:

يستفيد الحجاج المغاربة بتأطير قبلي وخلال رحلة الحج:

1.2- التأطير القبلي:

التأطير القبلي من خلال دورات تدريبية تنظمها في عدد من مساجد كل عمالة وإقليم، المندوبيات الجهوية والإقليمية للشؤون الإسلامية بالتنسيق مع المجالس العلمية. ويشرف على هذه الدورات مختصون في الشأن الديني من أعضاء المجالس العلمية وأئمة ومرشدون ومرشدات وخطباء ووعاظ وإداريين، بالإضافة إلى الأطباء وإداريين عن وزارة الصحة. 

وتتضمن دورات تأطير الحجاج المغاربة مجموعة من المحاور الهامة التي تهدف إلى توعية الحجاج وتجهيزهم لأداء مناسك الحج بشكل صحيح وميسر، وهي على الشكل التالي حسب منظمي هذه الدورات:

“- الجانب الشرعي:

شرح أركان وواجبات الحج، وشروط صحته، والأحكام المتعلقة بالإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، وغيرها من المناسك. 

– الجانب الإداري:

شرح الإجراءات الإدارية المتعلقة بالسفر، والحصول على التأشيرة، والتسجيل في الحملات، والتواصل مع الجهات المسؤولة، بالإضافة إلى معلومات حول السكن ووسائل النقل. 

– الجانب الصحي:

توعية الحجاج بأهمية الفحوصات الطبية قبل السفر، والإجراءات الوقائية اللازمة، وكيفية التعامل مع الأمراض الشائعة في موسم الحج، بالإضافة إلى نصائح حول التغذية السليمة والوقاية من ضربات الشمس. 

– الجانب السلوكي:

توجيه الحجاج حول السلوكيات الإيجابية التي يجب التحلي بها خلال فترة الحج، وكيفية التعامل مع الآخرين، واحترام الأنظمة والقوانين، وكيفية تجنب المشاحنات والخلافات. 

– التأمين:

شرح تفاصيل التأمين الصحي والتأمين على الأمتعة، وكيفية الاستفادة من خدمات التأمين في حال حدوث أي طارئ. 

– التواصل:

تزويد الحجاج بآليات التواصل مع البعثة المغربية في السعودية، ومعرفة أرقام هواتف المرشدين، وكيفية التواصل مع الجهات المسؤولة في حال وجود أي مشكلة. 

– الإقامة:

شرح تفاصيل الإقامة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والفنادق التي سيتم إيواء الحجاج فيها، والخدمات المقدمة لهم، بالإضافة إلى شرح تفاصيل الإقامة في منى وعرفات. 

– النقل:

شرح تفاصيل التنقل بين مكة والمدينة والمشاعر المقدسة، وأنواع الحافلات المستخدمة، وكيفية الاستفادة من خدمات النقل بشكل آمن وفعال”.

2.2- التأطير خلال رحلة الحج:

التأطير خلال رحلة الحج يتم من خلال المرافقين والمرافقات، حيث تم تخصيص مرافق أو مرافقة لكل 49 حاجا، بعدما كان عدد المرافقين في الماضي قليلا ولا يكاد الحجاج يعرفونهم. وهذا التأطير في الحقيقة يبدأ بمدة قبل السفر، إذ يتعرف حجاج كل مجموعة على مرافقهم أو مرافقتهم، الذي يتواصل معهم بالهاتف ويحدث مجموعة في الواتساب للتواصل المستمر معهم، ومن خلال هذه المجموعة الإلكترونية يخبرهم بالإجراءات الإدارية ومواعيدها ومواعيد السفر، ويمدهم بمختلف الوسائل التي ترشدهم وتكونهم، من كتيبات وفيديوهات وشرائط سمعية…

كما يرافق المرافق مجموعته، من المطار بالمغرب إلى العودة إلى المغرب. ويرافقهم في مختلف التنقلات في الديار المقدسة، ويكون معهم في مختلف الإقامات، ويساعدهم على أداء مناسك الحج…

وأرى أنه من الواجب التنويه بعمل المرافقين، الذي كان في مجمله على أحسن وجه. والشهادة لله، فقد كان معظمهم يتحلون بأخلاق رفيعة، ويتفانون في خدمة الحجاج ومساعدتهم، فلهم جزيل الشكر، وأسأل الله تعالى أن يجعل عملهم في ميزان حسناتهم. 

3.2- تطبيق “مسار الحاج”، مبادرة ممتازة:

تطبيق “مسار الحاج” تطبيق يتم تحميله على الهواتف الذكية، أعدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مشكورة، والذي يجد الحاج فيه كل ما يتعلق بأداء مناسك الحج والمواقع في الديار المقدسة. ولقد استفدت منه استفادة كبيرة، وأدعو كل الحجاج المقبلين على الحج للاستعانة به.

والتطبيق، كما هو معرف في رؤيته، “يعد من الأدوات الرقمية المصممة لمساعدة الحجاج من خلال توفير وصلات مرئية وإرشادات مسموعة، المصحف المحمدي الكريم، تسجيلات صوتية للأدعية، مكتبة الحاج التكوينية، ودروس تأطيرية باللغات الوطنية، العربية والأمازيغية (تشلحيت، تريفيت، تمازيغت)، دليل جغرافي لمواقع إقامة الحجاج بمكة المكرمة والمدينة المنورة وبالمشاعر المقدسة، علاوة على خدمات أخرى مختلفة”. 

المطلوب هو تحيين معطيات التطبيق، خصوصا ما يتعلق بمواقع الفنادق والمخيمات في عرفات ومنى. وأن تنضاف إليه معطيات أخرى يحتاج إليها الحاج قبل وخلال وبعد سفره.

3- الحاجة إلى تحسين وتجويد تأطير الحجاج:

كل المجهودات التي تبذل في تأطير الحجاج المغاربة هي مجهودات مهمة جدا، ولكن ككل عمل بشري لا يمكن أن يصل إلى درجة الكمال، ويحتاج دائما للمراجعة والتقييم من أجل التجويد والتطوير. وعليه أقدم بعض المقترحات للتجويد بناء على ملاحظاتي وملاحظات بعض الحجاج الذين التقيتهم أو الذين أعرفهم:  

1.3- بالنسبة للدورات التكوينية:

– ليس هناك برنامج منشور ومفصل لكي يطلع عليه الجميع، وعليه لا بد من إعداده ونشره في كتيب وتوزيعه على الحجاج وإلزام المسؤولين عن الدورات للتقيد به

– أخبرني عدد من الحجاج، أنهم لم يتلقوا أي تدريب قبل سفرهم، خصوصا الحجاج الذين ذهبوا إلى الحج خارج إطار نظام القرعة، لذلك وجب العمل على تعميم التكوين والتدريب

– أخبرني كذلك بعض الحجاج، أن نسبة مهمة من الحجاج كانوا لا يحضرون الدورات التدريبية، لذلك ينبغي التفكير في إجراءات تضمن التزام الحجاج بحضورها

– لا بد من التركيز في الدورات على النظافة: فبالرغم من تميز الحجاج المغاربة فيما يخص النظافة، إلا أنه لا تزال هناك بعض السلوكيات التي ينبغي تجاوزها، خلال الحج وبعد رجوع الحجاج إلى الوطن ليصبحوا قدوة في النظافة لغيرهم. ففي المشاعر المقدسة لا تختلف مخيمات الحجاج المغاربة عن غيرهم، فعند مغادرة الحجاج لعرفات تصبح المخيمات عبارة عن مزبلة كبرى ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهنا لا بد أن أشيد بمبادرة مجموعة من الحاجات المغربيات اللواتي قمن بتنظيف عدد من مراحيض المخيم، فجزاهن الله خيرا. في مخيم منى، وخصوصا في يوم النحر تنتشر في الممرات أشعار الحجاج التي حلقوها، وطول مدة الإقامة تنتشر النفايات بشكل لا يليق، بالرغم من توفر حاويات القمامة على جميع أبواب الخيم. والفنادق والحافلات أيضا، لم تسلم من هذه السلوكيات. 

– يجب توعية الحجاج في الدورات بعدم الإسراف والتبذير: هناك ظاهرة الإسراف في الطعام، بحيث لاحظنا في مطاعم الفنادق أن نسبة كبيرة من الحجاج يأخذون الطعام أكثر مما يحتاجونه، ويتركون الموائد مليئة بما فاض عنهم من الأكل، وللأسف ينتهي هذا الفائض إلى حاويات النفايات. والمطلوب أن يأخذ الحاج ما يستطيع أكله، وإذا احتاج للزيادة يأخذ من جديد، فالطعام متوفر بكثرة والحمد لله. والإسراف كما هو معلوم خلق سيء، والله تعالى يقول: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” (الأعراف: 31)، وقال أيضا: “إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا” (الإسراء: 27). كما أن هناك المبالغة في شراء الهدايا، وبمبالغ كبيرة، لدرجة أنه تقريبا كل حقائب الحجاج تتجاوز الوزن المسموح به. فالتهادي مطلوب، والمغاربة يتبركون بالهدايا القادمة من الديار المقدسة، لكن لا ينبغي أن تكون هناك مبالغة، وأجمل وأطيب وأنفع هدية يقدمها القادم من الحج لمعارفه هي ماء زمزم وتمر العجوة.

– من المفيد أن يتم التوضيح للحجاج كيفية صرف العملات، والميزانية المطلوبة. فلقد لاحظت أن بعض الحجاج لم يكن يعرف كيفية تحويل العملات ولا يعرف الأسعار بعملتنا الوطنية.

– نسبة مهمة من الحجاج المغاربة لم يكن يعلم بمسألة شراء الهدي ولا بالفدية ولا يخرجونها. لذلك يجب تخصيص دورة تكوينية في هذا الموضوع. 

– بما أن أغلب الحجاج لم يسبق له أن سافر بالطائرة، فلا بأس أن تكون هناك دروس لكيفية القيام بالإجراءات في المطارات، والتعرف على خدمات ومرافق الطائرة…

– في الجانب الصحي، لا بد من الاهتمام أكثر بتوعية الحجاج بكيفية التعامل مع المكيفات. 

– ضرورة إجراء اختبارات خلال الدورات وفي نهايتها، حتى يتم التأكد من أن جميع الحجاج على قدر كبير من المعرفة للأمور الدينية والدنيوية التي سيحتاجونها في رحلتهم. 

2.3- بالنسبة للمرافقين:

– يستحسن العمل على الزيادة في عدد المرافقين، فكلما كان معدل عدد الحجاج لكل مرافق أقل كان التأطير أفضل، والمشاكل أقل

– لوحظ أن بعض المرافقين ليس لهم تجربة سابقة، لم يحجوا ولم يعتمروا في السابق. وعليه، يرجى أن يشترط على المرافقين أن يكونوا قد اعتمروا على الأقل

– بعض المرافقين تجد لهم خبرة إدارية بدون تكوين شرعي، أو العكس، لذا يستحسن أن يتلقى المرافقون الذين اختيروا لهذه المهمة الجليلة تكوينا مزدوجا

– بعض المرافقين لم يؤدوا مهمتهم كما هو مطلوب، ومنهم من تسبب في مشاكل مع الحجاج أو مع الجهات المنظمة، سواء المغربية أو السعودية، هؤلاء يجب محاسبتهم والاستغناء عنهم في المستقبل

– بالمقابل، المرافقون الذين تميزوا في عملهم، المطلوب تكريمهم والاحتفاء بهم.

3.3- بالنسبة للحجاج:

– الحرص على الذهاب إلى العمرة قبل الحج

– الالتزام بحضور الدورات التدريبية، والاستزادة من التكوين من خلال الكتب والفيديوهات والتسجيلات الصوتية المعتمدة طبعا على الفقه المالكي، وتطبيق مسار الحاج مفيد جدا

– الانضباط لتعليمات وتوجيهات المرافقين في كل المراحل

– سيلاحظ الحجاج بعض الاختلاف في أداء العبادات بين الحجاج، وهذا بسبب اختلاف مذاهب المسلمين، لذلك عليهم ألا يجادلوا حجاج البلدان الإسلامية الأخرى في مثل هذه المواضيع. وفي مصلى الفندق الذي كنا فيه، قام أحد الحجاج المغاربة بوضع مصحف برواية ورش مع باقي المصاحف الموجودة والتي كلها برواية حفص، فاحتجت إدارة الفندق على هذا التصرف

– هناك مشكلة تطرح في مصليات الفنادق، تتمثل في الإمامة في الصلاة، بحيث يتطوع الحجاج أنفسهم للآذان وإقامة الصلاة والإمامة، لكن الذي يحصل هو أن بعض الحجاج يتقدم للإمامة وهو لا يتقن قواعد القراءة ويلحن كثيرا. وهذا وقع في مصلى الفندق الذي كنا فيه لمرات عديدة، واضطررت لمرتين أن أطلب من المتطوعين للإمامة أن يكونوا من حفظة كتاب الله أو يتقنوا القراءة، والحمد لله تمت الاستجابة بعد ذلك

– ومن خلال متابعتي لأحاديث الحجاج المغاربة في الحج، خلصت إلى أنها تدور حول خمسة مواضيع تقريبا: في المدينة المنورة يكون الحديث عن كيفية أداء العمرة وعن شراء العجوة والمزارات. وبعد أداء العمرة ينتقل الحديث عن مناسك الحج. وفي المشاعر المقدسة يغلب الحديث عن سوء الخدمات. وبعد العودة من منى وطواف الإفاضة انصب اهتمام الحجاج بالتسوق والتنقل بين أسواق مكة. وفي الأيام الاخيرة كان اهتمام الحجاج بجمع الحقائب وحزمها ووزنها، ولا حديث إلا عن الوزن الفائض والبحث عن الحجاج الذين ليس لهم وزن فائض لأخذ حقائبهم باسمهم وتسليمها لهم في المغرب، والحديث عن الوزن المسموح به وعن ثمن كل كيلوغرام زائد. لذلك، من المفيد أن تنظم خلال الإقامة في الديار المقدسة أنشطة، تساهم في زيادة الوعي الديني للحجاج وتعمل على التعارف الواسع فيما بينهم، فهناك فراغ كبير ينبغي استثماره فيما ينفع.

 

4- الحاجة إلى تحسين وتجويد تنظيم الحج:

تأطير الحجاج هو جزء من عمليات تنظيم الحج، وبناء على تجربتي وتجربة بعض الحجاج، من الواجب أيضا إبداء الملاحظات وتقديم المقترحات بالنسبة لباقي العمليات: 

– لا بد من مراجعة نظام القرعة، فمن غير المعقول أن يشارك الشخص في القرعة لسنوات طويلة ويكون له نفس الحظوظ في كل عام مع من شاركوا في القرعة لأول مرة. فمثلا يمكن أن تخصص نسبة من المقاعد لكل شريحة من المشاركين في القرعة بحسب عدد السنوات التي شاركوا فيها في القرعة

– بالاستفادة من التجربة الماليزية، يمكن فرض مبلغ من المال يودع في حساب خاص، قبل المشاركة في القرعة لمدة معينة، بعام أو أكثر. ويتم استثمار هذه الأموال المودعة، وينفق بأرباحها على الدورات التكوينية مع المساهمة في تقليل مصاريف الحج 

– رقمنة جميع الإجراءات الإدارية: سواء التسجيل وإرسال الوثائق الإدارية والأداء ومواعيد الفحص الطبي وسحب التذاكر والتأشيرات… وذلك تخفيفا على الحجاج من معاناة التنقل إلى المصالح الإدارية، وربحا للوقت، وتسهيلا لعمل الموظفين

– لوحظ، وأنا شاهد على ذلك، أن عددا من الحجاج المسنين والمرضى ليس معهم مرافقين من أقربائهم، وعليه وجب تعميم هذا الإجراء المطبق على حجاج نظام القرعة. كما يجب توعية المغاربة عبر المساجد ووسائل الإعلام بأهمية الذهاب إلى الحج في سن مبكرة، ومحاربة الثقافة السائدة وهي أن الحج لكبار السن.

– بالنسبة للفحوصات الطبية، يجب توحيد وسائلها وطرقها على جميع العمالات والأقاليم. كما ينبغي أن تشمل فحص الحالة النفسية والعقلية للحجاج.

– لا بد من دعم البعثة الطبية، بالزيادة في الموارد البشرية، ومدها بالتجهيزات الطبية اللازمة، وبالزيادة في رصيد الأدوية كما ونوعا والتي توزعها على الحجاج المرضى مجانا 

– إلزام الشركات الجوية التي تنقل الحجاج المغاربة، باستعمال اللغة العربية في التواصل معهم خلال رحلاتها، وكذلك بإشعارهم بدخول أوقات الصلاة وعند الوصول إلى الميقات بالنسبة للطائرات المتجهة إلى جدة. 

– ضرورة اختيار الفنادق التي تتوفر على فضاءات وتجهيزات وخدمات جيدة. وأن تفرض في دفاتر الالتزامات شروطا جزائية على الفنادق إذا ما تم الإخلال بالاتزامات، وإذا رفضت استقبال الحجاج كلية.

– توزيع الحجاج على الغرف ينبغي أن يكون برضا الحجاج أنفسهم، وأن يتم مسبقا في المغرب بأيام قبل السفر.

– لا بد من إيجاد حل لمشكلة الاتصالات، فخدمة الرومينغ لا تعمل بالنسبة لعدد كبير من الحجاج، وبالمقابل نجد بطاقات الاتصالات السعودية غالية ولا تسمح بالاتصال المباشر بالواتساب. وعليه لا بد من التزام الشركات المغربية للاتصالات بتوفير خدمة رومينغ لكل الحجاج المغاربة وبجودة عالية، ولما لا تخفيض سعر هذه الخدمة.

– ضرورة التفكير في إدماج المزارات، سواء في مك أو في المدينة، في الباقة الكاملة للحج، سواء بالنسبة للتنظيم الرسمي أو بالنسبة للوكالات السياحية.

– تقليص مدة الحج: بحيث هناك أياما طويلة لا يفعل فيها الحجاج شيئا، من غير الصلاة في المسجد الحرام وهي مهمة جدا. خصوصا بعد انتهاء مناسك الحج، حيث يصاب الحجاج بالإرهاق والملل. وأرى أن تقلص المدة إلى ما بين 20 و25 يوما، 5 أيام في المدينة المنورة و6 أيام في منى وعرفات وبينهما وبعدهما استراحة

– توزيع استمارة إلكترونية على الحجاج بعد عودتهم، لتقييم مختلف العمليات المتعلقة بتنظيم الحج

– استقبال الحجاج بعد عودتهم والاحتفال بهم من قبل السلطات العمومية، والإنصات إلى ملاحظاتهم ومقترحاتهم.

ـــــــــــ

* أحمد الطلحي: إطار مغربي وخبير في البيئة والتنمية والعمارة الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *