خارج الحدود

رفض الجزائر اختصاص العدل الدولية يعمق الخلاف مع مالي بشأن إسقاط طائرة مسيرة

كشفت صحيفة “جورنال دو مالي” أن التوتر الدبلوماسي بين باماكو والجزائر لا يزال مستمرا في التصاعد، حيث وصل الخلاف إلى طريق مسدود بعد رفض الجزائر قبول اختصاص محكمة العدل الدولية في قضية إسقاط طائرة استطلاع مالية مسيرة.

وأوضحت الصحيفة أن الأزمة بدأت في ليلة 31 مارس إلى 1 أبريل 2025، عندما أسقطت القوات الجزائرية طائرة مالية من طراز “بيرقدار أقينجي” بالقرب من منطقة تينزاواتن الحدودية الاستراتيجية.

وأكدت سلطات باماكو أن الطائرة كانت في مهمة استطلاعية ضد جماعات مسلحة ولم تغادر المجال الجوي المالي، مشيرة إلى أن حطامها وجد على بعد 9.5 كيلومترات داخل أراضيها، وأن بيانات المسار تدعم هذه الرواية. في المقابل، شددت الجزائر على أن الطائرة انتهكت مجالها الجوي وأن اعتراضها كان دفاعا عن سيادة أراضيها.

وأشار التقرير إلى أن الخلاف اتخذ بعدا قانونيا في 4 شتنبر الماضي، عندما أعلنت باماكو نيتها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك سيادتها. وقد أكدت المحكمة استلامها الطلب في 16 شتنبر، لكنها أوضحت في بيان بتاريخ 19 من الشهر ذاته أنها لا تستطيع البت في القضية إلا بموافقة الطرفين، وهو شرط ترفضه الجزائر حاليا، مما يبقي الإجراءات معلقة.

وأضاف المصدر أن التوتر انتقل إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 شتنبر المنصرم، حيث ندد رئيس الوزراء المالي، عبد الله مايغا، بما وصفه بـ “التدخلات المتكررة” للجزائر في شؤون مالي الداخلية.

وردا على ذلك، انتقد وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، سلوك السلطات الانتقالية المالية. ووفقا للمصدر ذاته، رأت باماكو أن صمت الجزائر ورفضها اختصاص المحكمة يعكس “ارتباكا واضحا”.

وذكرت الصحيفة أن باماكو تعول حاليا على الدبلوماسية لتحريك الملف، حيث قد تلجأ إلى حلفائها الاستراتيجيين مثل روسيا، أو تعتمد على تكتل “تحالف دول الساحل” الذي يضمها إلى جانب النيجر وبوركينا فاسو لممارسة ضغط جماعي.

وتابعت أنه بإمكان مالي أيضا اللجوء إلى هيئات إقليمية مثل الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن التابع له، أو المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بهدف التوصل إلى وساطة.

ولفتت الصحيفة الانتباه إلى سوابق تاريخية لم تضع فيها الرفوض الأولية لاختصاص محكمة العدل الدولية حدا للإجراءات، كما حدث في نزاعات سابقة بين الولايات المتحدة ونيكاراجوا، وبين ليبيا وتشاد، وكذلك بين قطر والبحرين.

وخلصت الصحيفة المالية إلى أن الملف يبقى مجمدا في الوقت الراهن، حيث لا يمكن للمحكمة البت فيه دون موافقة الجزائر، مما يفرض على باماكو الاعتماد على حشد حلفائها والقنوات متعددة الأطراف للدفاع عن موقفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *