الساسي: السياسة خرجت من المؤسسات.. والمغاربة يعبرون عن مواقفهم خارج صناديق الاقتراع

اعتبر محمد الساسي، القيادي في فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن العزوف عن المشاركة في الانتخابات لم يعد مجرد ظاهرة سلبية بل تحول إلى ما وصفه بـ”رياضة شعبية” وشكل من أشكال الحكم السياسي القاسي على مجمل العملية السياسية في المغرب.
وأوضح الساسي خلال مداخلته في ندوة نظمتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، أن السؤال الجوهري الذي يطرح في المغرب عقب كل استحقاق انتخابي لم يعد “من فاز؟”، بل تحول بشكل دال إلى “كم شارك؟”، وهو ما يعكس أزمة ثقة عميقة وفقدان الحماسة لدى الناخبين والمناضلين على حد سواء.
وأوضح الساسي أن هذا العزوف المتصاعد ليس تعبيرا عن عدم الاهتمام بالشأن العام، بل هو في حقيقته “حكم على اللعبة وحكم على اللاعبين”.
وشرح أن الحكم على “اللعبة” ينبع من إدراك المواطنين بأنها تتسم بالمجازية والجمود وما أسماها بـ”الديمقراطية الصورية”، بينما يستهدف الحكم على “اللاعبين” النخب السياسية التي يتهمها بالتوجه البراغماتي، وتغليب المنفعة الشخصية، والشيخوخة، والتبعية، وغياب الديمقراطية الداخلية داخل تنظيماتها.
إقرأ أيضا: محمد الساسي: الانتخابات في المغرب تخضع لهندسة مسبقة والإدارة لا تلتزم الحياد
وأشار المحلل السياسي إلى أن تراجع المشاركة أفرز متغيرات خطيرة على طبيعة الحملات الانتخابية، التي اكتسبت طابعا “باطنيا” وغير مرئي.
وتابع أن هذه الحملات لم تعد تعتمد على التجمعات الجماهيرية والاتصال المباشر، بل أصبحت تدار عبر شبكات من الوسطاء و”المساعدين المأجورين” الذين تحولوا إلى آلية جديدة لشراء الأصوات بطريقة مقننة، حيث قد يفوق عددهم أحيانا عدد الأصوات التي يحتاجها المرشح للفوز، مما يطرح تساؤلات حول مصادر تمويلها.
وأضاف الساسي أن من أخطر نتائج هذا الوضع هو الانفصال التام بين دينامية الفعل الانتخابي والديناميات الكفاحية الحقيقية التي يشهدها المجتمع، مثل نضالات الأساتذة والأطباء وغيرها.
وختم بالقول إن مسارات الاحتجاج أصبحت مختلفة تماما عن مسارات الأحزاب والنقابات، مما يثبت أن السياسة الحقيقية والتعبير عن المطالب أصبحا يمارسان بشكل متزايد خارج القنوات والمؤسسات الرسمية التي فقدت مصداقيتها وجاذبيتها.
اترك تعليقاً