وجهة نظر

رؤيا

حقائق مرة نكتشفها كل يوم، وفي كل وقت وحين،البطل دائما يكون ضحية مجتمع منحط أخلاقيا، يضع حدودا وحواجر لكل شيء تحت لواء الدين، وتسمى بالخطوط الحمراء التي يمنع من االحديث عنها أو الإقتراب منها كأنها داء، أو فيروس فتاك، فتحدث تلك التراكمات فينتج كبتا يصعب حله مستقبلا، لأن أرضيته مهدت له الطريق للوصول إلى ما وصل إليه، والمجتمع الذي يختبئ وراء الدين يكون دائما السبب فيما يقع من إنحرافات أخلاقية، لأنه يمنع ثقافة السؤال عن الطبوهات، ليس خوفا وإنما بداعي أنها محرمة، لهذا نجد في مجتمعاتنا العربية الفساد أكثر إنتشارا، لكن يحدث كل هذا في الخفاء، فلو أجبنا منذ البداية عن القضايا التي تشغل الجميع بدء من الصغار ماكنا نصل إلى هذه الدرجة من الإنحراف الأخلاقي، لو أننا أزلنا جدار الحشمة مند البداية لكانت النتيجة في صالحنا، وما بحث أبنائنا عن ما حرمه فقهائنا، فلو صيغت المحرمات بشكل أفضل من الزجر والنهي والتكفير لقضينا عن واقع بعض من شعوبنا العربية، الذي أصبح كل فرد منا يخجل لسماعه.

المجتمع السليم أخلاقيا هو الذي يفتح الحدود لمناقشة كل القضايا العويصة التي تشكل تعثرا أمام تقدمه، ويزيل الغبار عنها، من أجل أن لا تكون هناك مشاكل مستقبلا و التي قد تهدم القيم والأخلاق، لأن كل شيء يمنع السؤال عنه ومدموم تكون لذة تجريبه أكثر جمالية ومتعة، حيث نجد أن الدعارة اليوم أكثر إنتشارا في البلدان العربية الإسلامية للأسف، ولعل هذا ما يدل على أن المجتمعات العربية تعيش قمعا جنسيا، سببه المباشر غياب وعي تام لذا ثلة من العرب إتجاه الجنس، والنظرة الحيوانية إتجاه المرأة.

إن أمراض المجتمع كثيرة لا تعد ولا تحصى، ويعتبر التعليم تلك الحقنة التي يمكن أن يعالج بها أي مرض كيفما كان نوعه، حيث أنه يعتبر النواة الأساسية لبناء مجتمع سليم، والتعليم ليس بمعناه الميتافيزيقي أو المجرد من قيمته الحقيقية، وإنما تظهر صلاحيته في مقرراته، التي من اللازم أن تمس القضايا الحساسة والتي تشكل إستفهاما لذا المتعلم، بحيث أنه تعليم الكتابة والقراءة لم يعد كافي بتاتا، وإن اقتصرت المدراس على ذلك فالأمر غير سوي، لأن البيت ثاني يعلم كل ما يدور في الحياة، وعليها أن تلعبها دورها كي لا يجد الفرصة الشارع ليلقن أبنائه مايحلوا له، لأنها بدورها تولد عند المتعلم ثقافة واسعة يمكن مواجهة الحياة دون صعاب، فمثلا حديثنا عن الدعارة يبقى دائما هو ذاك الشيء الذي من الحرام الحديث عنه، وتلمس ذلك في أعين المتلعمين وضحكاتهم إن سمعوا بالكلمة، إذن المشكل ليس فيهم، لأن ذاك البعد عن الثقافة الجنسية هي من تولد ذلك، وللأسف لا نجد مقرراتنا تهم بأمراض المجتمع الحقيقية همها الوحيد هي معرفة تواريخ البلدان ونشأتهم، ودراسة من توفي منذ قرون، فلو تعلم ذلك الإنسان في المدارس، ما كنا سنصل إلى ماوصلنا إليه، من إنحطاط أخلاقي، إذن يبقى السبب في كل الأمراض التعليم، لغياب جودته، وتلك الفجوة الكائنة بين التعليم النظري والقضايا الواقعية الحساسة في المجتمع وحتى أمراضه.

لإستئصال الفساد من المجتمع، يبقى الأمر صعب وغير مستحيل، ويرجع ذاك لمتانة وتقويم التعليم، حيث أنه القاهر الوحيد لكل الأشياء الدخيلة على جمالية المجتمع، الراغبة في تهديمه وإزالة قيمه ومبادئه، ويبقى ذلك غير كافيا في غياب دستور حقيقي، ويتمثل في القرآن الكريم، حيث من اللازم أن تمرر من خلال خطب الجمعة،ومجالس الذكر ما يزعزع القلوب، ويجعلها تدمع بلا دموع، ويتخسر الفرد لا على حاله، فالبناء بناء شامل يجمع بين تعليم جيد، مصحوب بدين قويم حقيقي، لأن نقطة ضعف الفرد هي الدين، ومن خلالهما يمكن أن نطمح في إزالة ولو قليل من الفساد الذي ظهر في البر بما كسبت أيدي الناس.