سياسة

بلقاضي يحذر: تقرير الخارجية الأمريكية يدعو إلى حرب إثنية بين العرب والأمازيغ

قال ميلود بلقاضي، إن أخطر ما تضمنه تقرير الخارجية الأمريكية حول المغرب، هو دعوته لحرب إثنية بين العرب والأمازيغ، حين تحدث عن الأقليات، واعتبر أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في الرباط، بأن التقرير مؤشر أمريكي لاستهداف المغرب والتحرش به، مرشح للاستمرار، داعيا في هذا السياق، إلى الحيطة في الرد عليه، ومقترحا أن تكون للحقوقيين كلمتهم في مواجهة من يعتبرهم أنهم كانوا وراء هذا التقرير.

من جهة أخرى، قال بلقاضي، إن الولايات المتحدة، “عوض أن تعطينا دروسا في الديمقراطية، عليها أن تعترف بأعمالها الإجرامية التي لم تدمر شعوبا فقط، بل إنما دمرت بلدان مثل سوريا واليمن والعراق، ومعالم حضارات الشرق العتيقة”، وذلك في تصريح خص به “العمق المغربي”، حاول خلاله تفكيك مضامين التقرير.

إلى ذلك، لاحظ بلقاضي، بأن جل المهتمين بتقرير الخارجية الأمريكية حول المغرب، إنما اطلعوا عليه من خلال المنابر الإعلامية بمختلف أشكالها، كما قال. فيما أشار “إلى أن “هناك فئة من الباحثين والإعلاميين والسياسيين، من اطلعت عليه من مصدره مباشرة”، في حين أن “الحال يفرض العودة إلى تقرير وزارة الخارجية الأمريكية، وتحليله قبل الرد عليه، لكي لا نسقط في بعض المتاهات، أو بعض التأويلات الخاطئة”، يؤكد الباحث.

تفكيك تقرير الخارجية الأمريكية

في عملية منهجية لتفكيك مضامين التقرير الأمريكي، الوارد في 32 صفحة (في نسخته الأصلية)، بمقدمة عامة، وعدة أقسام، شملت عناوين فرعية، واصل الباحث تحليله، مشيرا إلى مقدمته التي “لم تخل من “لغة هزلية وتأويلية”، وهو يتحدث عن موقع المؤسسة الملكية في النظام السياسي المغربي، بالإضافة إلى تركيزه على القضاء والعدل والأمن ومجال الصحافة، فيما أنه “لم يذكر المصادر والمراجع التي اعتمدها لإطلاق أحكام عامة وغير نزيهة”. واستغرب تناقض التقرير مع ما ورد “في التصريحات والتقارير التي أعدت من طرف مؤسسات أمريكية ومن كبار المسؤولين الأمريكيين، الذين يعترفون للمغرب بمجهوداته في مجال حقوق الإنسان”.

في هذا السياق، اعتبر بأن من بين الأدلة القاطعة على هذا التناقض، ما ورد من اعتراف واضح من قبل التقرير الأممي لسنة 2015، وقرار مجلس الأمن الدولي 2015، وأيضا تقرير الأمم المتحدة 2016، وكذا قرار مجلس الأمن 85/22 الأخير، وهي كلها تقارير صادرة عن مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، “وهما مؤسستان أكبر من صلاحيات الخارجية الأمريكية، وهو ما يبرهن على أن التقرير كتب لخدمة أجندات معينة”، حسب تعبير بلقاضي.

سياق نشر التقرير ليس بريئا

في اعتقاد الباحث، فإن السياق الذي نشر فيه التقرير الأمريكي “ليس بريئا أو اعتباطيا”، وإنما “يأتي على خلفية المرحلة الحاسمة التي تشهدها القضية الوطنية” ذاكرا في هذا الإطار، القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي كان قد منح أجل 90 يوما أجلا لإحاطة مجلس الأمن حول مدى التزام المغرب من عدمه بتوصيات قراره الأخير، (85/22)، ثم الخطاب الملكي خلال القمة الخليجية المغربية، فالزيارتين الأخيرتين للملك محمد السادس إلى روسيا والصين، وهي المعطيات /السياقات، التي “تبرهن على أن التقرير مخدوم، ويهدف بالدرجة الأولى الإساءة إلى المغرب وإلى كل الأوراش التي سار عليها”، يشدد بلقاضي.

لغة عنيفة وبعيدة عن الموضوعية والحيادية

شدد بلقاضي على أن مضامين التقرير الأمريكي، ” لم تخل من لغة عنيفة”، وهو الذي ركز على قضايا تراوحت بين “كرامة الشخص”، “تعامل القضاء مع المواطن”، “حرية المشاركة السياسية”، و”الفساد والشفافية” في علاقة بالتدبير الحكومي، فيما خص في باقي الأقسام لحرية الصحافة والتعبير وحقوق الإنسان والحقوق المدنية والدينية.

في هذا السياق، اعتبر الباحث بأن هذه اللغة “بعيدة عن لغة التقارير العلمية والموضوعية، وعن اللغتين الدبلوماسية والقانونية والحقوقية”، في “برهان” آخر على أن الهدف منه كان هو الإساءة إلى المغرب ومؤسساته، ما يجعله “بعيد كل البعد عن التقارير الدولية الموضوعية المحايدة، بل إنه تقرير صيغ بأقلام تريد الانتقام من المغرب، وتأزيم العلاقات المغربية الأمريكية، خصوصا في هذا الظرف من تاريخ المغرب المعاصر”.

دعوة لحرب إثنية بين العرب والأمازيغ

في جانب آخر من التقرير، استغرب الباحث إثارته لقضايا متعددة، كحرية الصحافة، وحقوق الإنسان، والانتهاكات الاجتماعية، والاغتصاب، والعنف الأسري، والتحرش الجنسي والتعليم والزواج المبكر، ووضعية الأشخاص المعاقين، ووضعية الأقليات القومية والعرقية والإثنية، و”هنا مكمن الخطر”، يحذر الباحث، بعد أن ورد في الصفحة 26 منه، إن أكثر المناطق المغربية فقراء هي تلك المتعلقة بمنطقة الأطلس المتوسط التي تقطنها غالبية الأمازيغ، وقد أضاف بأن نسبة الأمية فيها تتجاوز 80 بالمائة، ومن أن هناك فرضا للغة العربية على حساب اللغة الأمازيغية، كما وقف كثيرا عند اللغة الأمازيغية، بل إنه استهزأ حتى من وضعية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي قال عنه إنه ممول من طرف القصر، يشير بلقاضي.

وأوضح: “هنا، نرى خطورة التقرير، حيث أراد أن يدعو إلى حرب إثنية بين العرب والأمازيغ، في حالة مشابهة لما وقع عام 1930 حين أصدرت السلطات الفرنسية الاستعمارية الظهير البربري”، مشيرا إلى أن هذه الفقرة وجب الوقوف عندها، “وعلى خطورة التحرش السياسي والثقافي والإثني والهوياتي بالمغرب”، ما يتطلب من المغرب كدولة وأحزابا وحكومة ونخبا وإعلاما، “ألا نقوم بردود فعل على هذا التقرير غير العادل، وغير الموضوعي، والخطير، بل يجب أن نقرأه بتأني وأن نجيب عن كل فقرة منه بالأدلة الدامغة، حتى نفرغه من محتوياته، ونبين للمواطن الأمريكي بأن هذا التقرير يسيء للأمريكيين ذاتهم، ويضللهم ويسيء لدولة عربية كانت من أولى الدول التي اعترفت بالولايات المتحدة الأمريكية”.

اختلاف مع بلاغي الداخلية والخارجية

لم يخف بلقاضي، انسجاما مع القراءة التي تناولها حول التقرير الأمريكي، اختلافه مع بلاغ وزارتي الشؤون الخارجية والتعاون، والداخلية، بخصوصه، لأن “لغتهما كانت عنيفة”، كما قال، في حين “أن السياق يتطلب الحكمة والتأني وليس الاكتفاء بإصدار البلاغات”. مقترحا ضرورة وضع “خطة استراتيجية، باللغة الإنجليزية، يقودها فاعلون جمعويون وباحثون وسياسيون، لفضح التقرير وتعرية ألاعيبه وتناقضاته”، لإفراغه من كل قيمة، يؤكد بلقاضي، معتبرا أن ما يحدث هذا مجرد مؤشر أطلقته الإدارة الأمريكية، لاستهداف المغرب من قبل بعض اللوبيات داخلها والتي ستستمر في التحرش بالمغرب مثلما تحرشت الإدارة الأمريكية به بمناسبة القرار الأخير لمجلس الأمن 85/22.

ودعا إلى الحيطة تجاه ما يجري، و”ألا نكون سريعي الرد، ولنترك الحقوقيين المغاربة في مواجهة من كان وراء هذا التقرير، لأن المجال الحقوقي في المغرب، مجال مضيء، ضمن الإصلاحات الكبرى التي يشهدها المغرب، رغم بعض الاختلالات والتي يمكن أن نراها في العديد من دول العالم”.