وجهة نظر

من يحمي “الإرهاب” في الجامعة المغربية؟

أن تتشكل ميلشيات في الجامعة المغربية وتنمو وتترعرع بكل حرية حتى تشكل دولتها داخل الحرم الجامعي، فتغلق أبواب الكليات بالسلاسل وتفتحها متى شاءت، وتنظم المحاكمات على الطريقة الجاهلية الداعشية، تحلق رأس عاملة في المقصف وتطرد طالبة من الحي الجامعي، وتعلن الحرب ضد كل من يخالف هواها معلنة بكل جرأة “بيننا الدماء مع ظلام الخوانجية” و”رجعية الشوفين”، والويل لمن خالف هذا القانون الغابوي فبالتأكيد مصيره بكل برودة دم القتل عن سبق إصرار وترصد… يجعل المتابع للشأن الطلابي المغربي أن يطرح ألف علامة تساؤل عمن يحمي الإرهاب في مكان يفترض فيه أنه مضمار للتنافس الفكري المعرفي، لا حلبة للصراع الهمجي المليشياتي!..

عصابات تقطن الأحياء الجامعية بمراكش وأكادير وفاس ومكناس ووجدة، وتنشئ فيها مخازن الأسلحة البيضاء المطلية بالثوم أو بعض المواد السامة لمنع شفاء ضحيتها، والزجاجات الحارقة التي تعتبرها الميلشيات سلاحا ناجعا إلى جانب الحجارة في مواجهة عناصر القوات العمومية..

عصابات منظمة تصول وتجول بكل حرية بين الجامعات والكليات، وتصدر البيانات التهديدية وتعلن الحرب في الساحات ومن مواقع التواصل الاجتماعي، دون ترصدها أعين رجال عبد الحق الخيام النشيطين في تفكيك الخلايا الإرهابية الحديثة والغابرة، ودون أن نسمع عن تحريك لفصول قانون الإرهاب رغم أنه هو القانون نفسه الذي عرف العصاباب الإرهابية في الفصل 293 بـ “كل عصابة أو اتفاق، مهما تكن مدته أو عدد المساهمين فيه، أنشئ أو وجد للقيام بإعداد أو ارتكاب جنايات ضد الأشخاص أو الأموال، يكون جناية العصابة الإجرامية بمجرد ثبوت التصميم على العدوان باتفاق مشترك”.

العصابات الإرهابية تقتل، وتذبح، وتحلق الرؤوس، وتقيم المحاكمات، وتنزع حجاب فتيات، وتضرب وتجرح.. وتغذي ظاهرة العنف الجامعي التي مازالت تحصد أرواح طلبة في ريعان شبابهم، حيث سجلت في السنتين الأخيرتين ثلاث حالات قتل بفاس ومراكش وأكادير، وتكون معظم الحوادث التي أزهقت فيها الأرواح مبيتة وعن سبق إصرار وترصد، بل في حالة مقتل الطالب عبد الرحيم حسناوي بكلية الحقوق ظهر المهراز فاس أعلن الفصيل اليساري الرافض أن ينظم الآخر الإسلامي محاضرة فكرية، عبر بيان عممه على الجامعة وأفسد به صباغة الجدران، عزمه منع ذلك ولو كلفه إراقة الدماء أمام مرأى ومنظر الرأي العام وطبعا “من يهمه الأمر” أو بشكل أدق “من عليه منع الجرم”.

وإذ ينص القانون الجنائي المغربي نص في فصله 218-1 المتعلق بقانون الإرهاب على أن “تعتبر الجرائم الآتية أفعالا إرهابية، إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف: 1- الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص وعلى سلامتهم وعلى حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم. (…) 3- التخريب أو التعييب أو الإتلاف (…) 6- صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة خلافا لأحكام القانون”، لا يملك أي طالب وخريج من الجامعات الخمسة المذكورة إلا أن يتساءل، من يمنع تطبيق القانون على تلكم العصابات؟ ومن يوفر لها الغطاء السياسي؟ ليعيش عناصرها في الأمن الذي حرموا منهم طلبة الجامعة.

العصابة المسماة “البرنامج المرحلي” لم يسلم من بطشها أي من الفصائل المتواجدة في الجامعات التي تتواجد فيها هذه الكائنات، سوابقها كثيرة مع “منظمة التجديد الطلابي” و”فصيل العدل والإحسان” الإسلاميين، اعتداءاتها متواصلة على فصيل “الحركة الثقافية الأمازيغية”، ومواجهاتها متواصلة مع “مكون الطلبة الصحراوين” رغم الهدنة المزعومة، بل لم يسلم من شرها حتى الفصائل اليسارية التي تعد أقرب إليها من حيث الأديولوجية والاختيارات السياسية، فهي تعتدي على الكل وتحارب الكل ولا يهمها سوى “عرقلة ما يمكن عرقلته في إطار العرقلة الشاملة”.

في انتظار تفعيل القانون، وتطبيق فصول الإرهاب على كل الإرهابيين لا فقط على من يحسبون على ما يسمى “السلفية الجهادية”، تبقى الدولة بكل أجهزتها المسؤول الأول عن إيقاف مسلسل إراقة الدماء داخل الحرم الجامعي، وعن حماية الأرواح وكذا الحريات النقابية والتنظيمية والثقافية للطلبة وهيئاتهم، وكشف الماسكين الحقيقيين بـ “الريموت كونترول” التي تحرك دمى المليشيات، وتبقى الدولة المسؤول الأول عما يمكن أن يؤول إليه الوضع في جامعة العلم والمعرفة.