مجتمع

13 سنة على “16 ماي”.. اعتراف ملكي بالتجاوزات وإنصاف جزئي دون مصالحة

13 سنة كاملة مرت على أحداث 16 ماي الإرهابية التي شهدتها العاصمة الاقتصادية للمملكة المغربية، ويأبى الجرح أن يندمل أو صفحات الملف الذي ما يزال عالقا بذاكرة المغاربة أن تطوى، أو يتجاوز المغرب تبعات هذا الملف الأليم والمروع.

ورغم أن الملك محمد السادس أقر في حوار سابق له مع جريدة “إلباييس” الإسبانية سنة 2005، بأن ملف “16 ماي” عرف تجاوزات وما عرفه بعد ذلك من محاولات لإنصاف المتضررين، إلا أنه مازال حوالي 400 معتقل محسوب على ما يسمى “السلفية الجهادية” يقبع خلف القضبان، فيما آخرون استفادوا من العفو الملكي وغادروا السجون ما زالوا يشتكون عدم إدماجهم في المجتمع، وعدم إنصافهم في السنوات “المغصوبة” من حياتهم.

من جهة أخرى، كلما توالت السنوات عن الذكرى الأليمة كلما تزايدت الأصوات المطالبة بكشف حقيقة الواقفين وراء العمليات الإرهابية ومساعيها الحقيقية، وعادت إلى الأذهان محاولات استغلال الأحداث الدامية لتصفية حسابات سياسية حيث تعالت يومها أصوات “استئصالية” تدعو لحل حزب العدالة والتنمية بسبب ما أسموه “المسؤولية المعنوية”.

مطالب بالكشف عن المدبر، والبصري يبرئ الإسلاميين

سبق للرئيس الحالي للحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران أن طالب في وقت سابق بكشف حقيقة أحداث “16 ماي” الإرهابية، ملمحا إلى إمكانية وقوف حزب سياسي معين من خصومه وراءها، وهو ما أثار يومه ضجة كبيرة في حق حزب العدالة ذو المرجعية الإسلامية، ولقي ردا قويا من وزارة الداخلية التي اتهمته بمحاولة التشويش على مسار مكافحة الإرهاب بالمغرب، كما طالبت يومها بعض القوى اليسارية بنفس المطلب. ولعل كثيرين يتذكرون التقرير الشهير على قناة الجزيرة حيث قال المحلل محمد ظريف إن فاعلين كثر يتساءلون عن حقيقة ما وقع “فقد عرفنا المنفذ ولم نعرف المدبر”. كما نتذكر رد ابن كيران على وزارة الداخلية التي تحولت إلى “فاعل سياسي”، حيث صرخ يوما في البرلمان “إن سيدنا إبراهيم شكك في وجود الله، فكيف لا أشكك أنا في 16 ماي”.

كما تعود إلى الأذهان التصريحات التي أدلى بها وزير الداخلية على عهد الملك الراحل الحسن الثاني، إدريس البصري، في حوار له مع قناة “الجزيرة” بعد لجوئه إلى فرنسا، أن الأحداث الإرهابية لم تعرف تدخل أي جهات أجنبية وأنها شأن مغربي مغربي لا علاقة للإسلاميين بها، وقال إنه “لن يفوح بأسبابه حتى يكون في المغرب لأنه شأن مغربي”، وأقر أن “3000 شخص حوكموا و7200 عذبوا”.

وبعد سنوات، بدأت أصوات عائلات المعتقلين المتابعين بفصول “قانون الإرهاب”، تطالب بكشف الحقيقية، حيث اعتبروا في وقفة نظموها أمس الإثنين أمام البرلمان المغربي وواكبتها جريدة “العمق المغربي” أن “أحداث 16 ماي دبرتها جهات مجهولة، وتحمل الإسلاميون العقوبة دون ثبوت التهمة الموجهة إليهم”.

وحملوا خلال الوقفة لافتات تشكك في تورط المعتقلين الإسلاميين فيها، من قبيل “16 ماي أكبر كذبة”، ولافتة  التماس رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران من الملك فتح تحقيق في أحداث 16 ماي، إضافة إلى لافتة أخرى تحمل كلام إدريس البصري، ” الدار البيضاء هوجمت من طرف مغاربة قح وليسوا إسلاميين كما يدعي، أتمنى من الحكومة أن تبين للرأي العام ماهي اليد الأجنبية التي حركت الدار البيضاء”.

وقال عضو اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين أحمد بالبركة، إن هناك شكوك حول هذه الأحداث بأنها مفتعلة، وكان الهدف منها هو ضرب الإسلام والمسلمين، حيث بعد وقوعها، حدثت اعتقالات بالآلاف، واعتقالات عشوائية بحجة أن هؤلاء الأشخاص لهم علاقة بما وقع في الدار البيضاء سنة 2003.

بدورها، أكدت المعتقلة السابقة المتحدثة باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، حسناء مساعد، أن المطلوب اليوم من الدولة هو إعادة فتح تحقيق حول أحداث 16 ماي، والكشف عن من يقف وراءها، خاصة مع وجود عدة معطيات وتصريحات، وحقائق “تشكك” في حقيقة هذه الأحداث على حد تعبيرها.

وقالت إن من بين التصريحات التي تدعو إلى “التشكيك” في ما وقع، تصريح البرلماني السابق سعيد شعو الذي قال إنه “سمع رفاقه الذين لهم علاقة بأصحاب نفوذ عليا يتحدثون عن حدث ضخم سيمكنهم من سحق الإسلاميين”، حيث لم يمر وقت طويل حتى وقعت أحداث الدار البيضاء ودفع الإسلاميون ضريبة كبيرة.

وأشارت المتحدثة إلى أن “هناك عدد كبير من المعتقلين الإسلاميين المحكوم عليهم على خلفية أحداث 16 ماي، بالمؤبد أو بالإعدام، مازالوا داخل السجن بعد أن قضوا داخل أسواره 13 سنة، مضيفة أن هناك أشخاص اعتقلوا قبل أحداث 16 ماي بسنة ومن بينهم الشيخ أبو ميعاد نور الدين نافعة.

وتابعت مساعد، أن رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران، كان أيام المعارضة يطالب بفتح تحقيق نزيه فيما حدث، وهو الآن في الحكم ولديه الصلاحيات، ونحن اليوم نطالبه بفتح هذا التحقيق لإنهاء معاناة المعتقلين الإسلاميين وجبر ضررهم، والتأكيد على أن اعتقالهم كان خارج القانون، وكان تعسفي، تعرضوا خلاله للتعذيب، وكانت محاكماتهم جائرة بشهادات العديد من الحقوقيين والمحامين.

التشكيك نفق مظلم وشيوخ السلفية أبرياء

من جهته، رفض الشيخ السلفي وخطيب الجمعة بمدينة طنجة محمد الفزازي أحد المعتقلين السابقين على خلفية الملف نفسه قبل أن يفرج عنه بعفو ملكي سنة 2012، الخوض في نقاش التشكيك في الجهات التي تقف وراء أحداث 16 ماي، مشددا أن الأمر الوحيد الذي يعرفه ويعرفه الناس ومتيقن منه، هو أن “محمد الفزازي لا علاقه له بتفجيرات الدار البيضاء لا من قريب ولا من بعيد”، وأن الأمر نفسه ينطبق على الشيوخ الثلاثة الآخرين الذي اعتقلوا معه على خلفية الملف نفسه، (عبد الوهاب رفيقي المعروف بـ “أبي حفص”، وحسن الكتاني، ومحمد الحدوشي).

واعتبر الفزازي أن الخوض في نقاش “من كان وراء الأحداث الإرهابية؟ ولماذا نفذها؟ وكيف؟…” هو “خوض في نفق لا مخرج منه، وجري وراء السراب”، مشددا أنه لا يملك الحجة والدليل لاتهام هذه الجهة أو تلك، وأن الأمر خطير جدا “خاصة إذا كان فيه اتهام لجهات رسمية أو مؤسسات مسؤولة”.

مطالب بالإفراج عن المعتقلين وإنصاف المفرج عنهم

في الوقفة التي نظمتها أسر معتقلي ما يسمى بـ “السلفية الجهادية” أمس الإثنين في الذكرى 13 لأحداث 16 ماي الإرهابية، طالب المحتجون بالإفراج عن جميع المعتقلين الذي لم يثبت تورطهم في الأحداث الإرهابية التي هزت مدنية الدارالبيضاء، معبرين عن امتعاضهم من استمرار الدولة في سجن العديد من المعتقلين الإسلاميين رغم عدم ثبوت التهم الموجهة إليهم.

واعتبرت أسر المعتقلين المشاركة في الوقفة التي دعت إليها اللجنة المشتركة للمعتقلين الإسلاميين، أن الدولة تستمر في سلب حرية العديد من الأشخاص، في وقت قدمت فيه وعود بالإفراج عنهم عبر دفعات، وهو ما لم يتم لحد الساعة بعد مرور 13 سنة من الاعتقال.

وقالت المعتقلة السابقة والناشطة في الدفاع عن “المعتقلين الإسلاميين” حسناء مساعد، إن أحداث 16 ماي 2003، خلفت أيضا ضحايا من المعتقلين الإسلاميين الذين أقبروا داخل السجون لعشرات السنين وضاعت زهرة شبابهم، ويتم أطفالهم ورملت نساؤهم، ومنهم من مات آباؤهم بسبب هذا المشكل.

وأضافت حسناء مساعد وهي معتقلة سابقة على خلفية أحداث 16 ماي وزوجة أحد المعتقلين الإسلاميين الذين ما زلوا وراء القضبان، خلال حديثها لجريدة “العمق المغربي” أن هذه “الأحداث سببت الكثير من المأساة للمعتقلين ولأسرهم، من الاعتقال إلى المحاكمة، تم النطق بالحكم في حقهم بتهمة الضلوع في هذه الأحداث، دون ثبوت هذه التهمة”.

من جهته، قال الشيخ السلفي عبد الوهاب رفيقي المعروف إعلاميا بأبي حفص إن المعتقلين على خلفية أحداث 16 ماي، لم يتم إنصافهم من طرف الدولة ولا من طرف المجتمع المدني، مشيرا في اتصاله مع جريدة “العمق المغربي”، إلى أنه بعد مرور 13 سنة على هذه الأحداث الأليمة والتي أدانها الجميع، “نحتاج إلى طي حقيقي لهذا الملف والذي في نظري يعتمد على إنصاف الضحايا الذين سقطوا إثر الإجرام الذي وقع تلك الليلة وهم الضحايا الذين قتلوا وأصيبوا بعاهات مستدامة إثر الأحداث الإرهابية”.

وأضاف أبو حفص، أن المقاربة التي ينبغي تناول الملف بها، يجب أن تعنى بشكل كبير بالذين كانوا ضحايا الاعتقالات التعسفية والحملات الأمنية العشوائية التي وقعت في سنة 2003، وبذلك إنصاف الكثير من الأبرياء الذين ذهبوا ضحية الاعتقالات والمحاكمات غير العادلة والتجاوزات غير القانونية التي تم الاعتراف بها من طرف أعلى سلطة في الدولة من خلال التصريح الملكي لجريدة “إلبايس” الإسبانية”، مؤكدا أن هذا الملف بحاجة لمعالجة كاملة من طرف الدولة وتعاطي المجتمع المدني معها.

“المعتقلون الإسلاميون” ثلاثة أصناف

الشيخ محمد الفزازي الذي أقر أنه لقي جبر ضرر أكثر مما كان يتوقع بعد أن اختار الملك محمد السادس أن يؤدي وراءه خطبة جمعة، دعا في تصريح خص به جريدة “العمق المغربي” إلى التفريق بين ما يسمى “المعتقلين الإسلاميين” والمحسوب أغلبهم على تيار “السلفية الجهادية، حيث صنفهم إلى ثلاثة أصناف، ويتعلق الأمر بصنف مستعد للاندماج في المجتمع والتخلي عن سابق أفكاره المتطرفة، “وهؤلاء تعرفهم الدولة واحدا واحدا، ويجب الإفراج عنهم في أقرب فرصة”، على حد قوله.

أما الصنف الثاني والذي فيه أمل، حسب الشيخ السلفي، فهو صنف “المتذبذبين الذين لا من هؤلاء ولا هؤلاء”، ويرى الفزازي أنه على الدولة أن تفتح السجون للشيوخ والعلماء والحقوقيين للجلوس مع هؤلاء، من أجل رفع اللبس وإقامة الحجة، وإقناعهم بأن الحل الوحيد والأوحد هو الاعتدال في الدعوة والإسلام وكل شيء”.

في حين هناك صنف ضمن المعتقلين في قضايا الإرهاب “ميؤوس منه”، ولا يمكن تقديم أي شيء له، وهم حسب الفزازي الذين اختاروا التطرف وغير مستعدين للتنازل عن أفكارهم.

ورفض الفزازي الاتهامات الموجهة لشيوخ ما يسمى “السلفية الجهادية” بالتخلي عن المعتقلين بعد مغادرتهم للسجن بعفو ملكي، وشدد أنه لا يمكنهم التخلي عنهم “ونحن أعرف الناس بأحوالهم ومعاناتهم” على حد قوله.

دعوة لرفع الأمنيين يدهم عن الملف

اعتبر الشيخ حسن الكتاني، أن ملف السلفيين المعتقلين لا ينبغي أن يظل بين يدي الأمنيين فقط، لأنه أمر غير مقبول، مضيفا في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أنه “يجب فتح حوار وطني في ذلك ومناقشة الملفات والنظر فيها، وأن يكون هناك حوار ما بين الشيوخ والعلماء”.

وأشار الكتاني، إلى أن “ملف أحداث 16 ماي، ظلم فيه كثير من الناس، ومازال العديد منهم يقبعون ظلما وعدوانا في السجون بمحكمات مرت بأجواء غير قانونية، ولم يحدث أي انفراج إلى الآن في ذلك”.

السلطوية راهنت على المغامرة والشعب حكم

بعد مرور 13 عام على أحداث 16 ماي الإرهابية بالدار البيضاء، لا زالت تداعياتها السياسية ترخي بظلالها على المشهد السياسي المغربي، إذ أن الحزب الذي اتهم بالمسؤولية المعنوية حينها، وكاد يُحل بسبب ضغط وتحريض من جهات نافذة ومؤثرة، لولا “التعقل الملكي” كما عبر عن ذلك بن كيران في أكثر من مناسبة، أصبح اليوم يقود الحكومة بعد التغييرات التي كانت رياح الربيع العربي عاملا حاسما فيها.

خالد الرحموني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، اعتبر أن الداعين لحل حزبه في 2003، راهنوا على منطق الاستبعاد والاستئصال والتحكم والسلطوية والهيمنة، غير أن مخططهم فشل بسبب وسطية واعتدال الحزب.

وأضاف الباحث في العلوم السياسية في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن من سماها بـ”القوى السلطوية وجزء من ملحقاتها كانت تراهن على المغامرة وإدخال البلد في المتاهة والمجهول، بينما الآن نرى هامشيتها وانحطاط خطابها وضعفها وبؤسها وعزلتها عن وجدان الشعب المغربي”.

واعتبر أن الشعب المغربي بإعطائه الصدارة للعدالة والتنمية ولحلفائه لتدبير الشأن العام في الحكومة، نظرا لطبيعته المنفتحة والمعتدلة، حكم حكما تاريخيا قاطعا على كل المراهنين عن المغامرة والمقامرة بمستقبل البلد، الذين انزووا وانسحبوا من ساحة الفعل المؤثر سياسيا ومجتمعيا، وهم الذين كانوا يتحصنون خلف الخطابات السلطوية والتحكمية”.

وتابع قوله إن حزبه “نابع من عمق الشعب المغربي ويمثل أمله، وأن النموذج المغربي المتوازن أثبت أنه مبني على الإصلاح السياسي والديمقراطي والفكري والثقافي والديني والانفتاح والتعددية، كما أثبت جدارته بإدماج كل القوى السياسية”.

إضعاف التوجه الإسلامي وراء الدعوة لحل “بيجيدي”

المحلل السياسي المعطي منجيب، قال في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، إن الدعوة إلى حل حزب العدالة والتنمية، كان هدفها ضعاف التوجه الإسلامي بالمغرب، خاصة وأنه كان يثير قلق النظام في ظل استقلاليته التامة عن أجهزة النظام”.

وأوضح أستاذ التاريخ السياسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الاتهامات التي وُجهت لحزب المصباح في أحداث 16 ماي، كانت “محاولة لتخويف النظام والمجتمع من التيار الإسلامي، والتراجع عن المكتسبات الديمقراطية منذ بداية التسعينات، وذلك عبر الضغط على المعارضة والصحافة المستقلة منذ 2003، حيث بلغت أوجها مع الربيع العربي”.

وأضاف بالقول، إن النظام كان يظن أن “البيجيدي” أثناء تأسيسه سيدخل إلى حظيرة النظام بشكل سلس وسريع، خاصة وأن المؤسس عبد الكريم الخطيب كان مقربا من النظام، إلا أن هذا لم يحدث في ظل استقلاليته وتحوله إلى الحزب الأقوى في المغرب، حسب تعبيره.

المغرب والنجاعة في محاربة الإرهاب

في سياق منفصل، اعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية محمد بنحمو أن الدولة المغربية أبانت عن نجاعة كبيرة في مواجهة مخاطر الإرهاب، وأن السياسة الأمنية الاستباقية التي انتهجها المغرب بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، أعطت النتائج المطلوبة منها وأبانت عن فعالية الأجهزة الأمنية.

وأكد بنحمو في اتصال مع جريدة “العمق المغربي” أن 13 سنة التي مضت بعد أحداث الدارالبيضاء الأليمة، تكفي لتقييم تعاطي المغرب مع قضايا الإرهاب، مضيفا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من تطوير الأسلوب والمناهج وحتى الثقافة لدى أعضائها في التعامل مع هذه القضايا.

وتابع الخبير في قضايا الإرهاب، أن الأمن المغربي نجح في تطوير أساليبه وهياكله مما أتاح له مواكبة تطور التنظيمات الإرهابية التي غيرت بشكل كبير وسائل عملها وأساليبها في التجنيد والتمويل والتدريب وكل ما يرتبط بالتنظيم؟

إلى ذلك، اعتبر بنحمو أن انتشار الإنترنيت والوسائل الافتراضية واستغلالها من طرف التنظيمات الإرهابية، جعل مواجهتها من طرف الأجهزة الأمنية أكثر تعقيدا وصعوبة، كما جعل التتبع الاستخباراتي لتحركاتها “أمرا غير هين”.

غير أن المتحدث أشاد في اتصاله مع جريدة “العمق المغربي” بتطور القدرات الأمنية المغربية، وجعلها قادرة إلى حدود الآن على التصدي لمخاطر الإرهاب عبر إحباط العديد من العمليات قبل وقوعها، وتفكيك العديد من الخلايا الإرهابية.

مسؤولية العلماء كبيرة وعلى المجتمع أن يتجند

من جهة أخرى، ألقى الشيخ السلفي محمد الفزازي الذي غادر السجن بعفو ملكي بعد ثماني سنوات من الاعتقال، المسؤولية الكبرى في مواجهة “التطرف في الدين” على العلماء، عبر التصدي لما أسماه “المخاطر المذهبية”، مشددا أن المقاربة الأمنية التي نجح فيها المغرب غير كافية لوحدها.

وتابع، في تصريحه لجريدة “العمق المغربي”، أن الحلول لمواجهة هذا الوباء الذي “يتسرب إلى الشباب من قنوات لا قبل للدولة بها”، أي عبر “الإنترنيت والواتساب والوسائل التكنولوجية الحديثة”، يجب أن تكون حلولا شاملة تهم الجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي إلى جانب المعرفي والأمني، من أجل إدماج الشباب في المجتمع وحصولهم على حقهم في العيش الكريم حتى لا يفكروا في الالتحاق ببؤر الصراع.

كما دعا في الوقت ذاته المغاربة إلى التجند للمقاومة التطرف بكل أنواعه، سواء التطرف “في الدين” أو “التطرف اللاديني”، وكذا من أجل حماية الثوابث المعلومة وهي “الملكية، والإسلام، والوحدة الترابية، واللغة العربية والأمازيغية والثقافة الحسانية”، على حد وصفه.

الاستقطاب السياسي مشروع إذا ابتعد عن الاسترزاق

وبخصوص تسابق الأحزاب لاستقطاب المعتقلين الإسلاميين السابقين، يرى محمد الفزازي أنه أمر يمكن أن يكون مشروعا إذا ما كانت غايته إدماجهم في الحياة العامة والشأن السياسي وفي المجتمع، وإذا كان بعيدا عما أسماه “الاسترزاق على حساب معاناة هؤلاء المتضررين ومعاناة أسرهم”.

وشدد أنه باقتراب المواسم الانتخابية تبدأ عدة أحزاب بالتسابق على هذه الفئة من أجل “الركوب على معاناتهم”، معتبرا ذلك بالأمر “غير الأخلاقي”، والذي يجب على الأحزاب الابتعاد عنه.