أدب وفنون

مجاهد: الشاشة أصبحت حكرا على أناس لا علاقة لهم بالتمثيل

حوارته : نجلاء بن حمو / العمق المغربي

عبد الحق مجاهد، فنان مغربي من مواليد مكناس، تخرج من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي سنة 1998، وقام بمجموعة من المسرحيات مثل : “أهل المخابىء”، و”رحلة العطش” رفقة عبد الحق الزروالي، كما شارك في أعمال تلفزيونية وسينمائية.

تتميز أدواره بالجدية التي خولته في كسب محبة قلوب المشاهدين.

تحدث لنا مجاهد في هذا الحوار الذي أجرته معه جريدة “العمق المغربي”، عن حال الدراما المغربية والسبب وراء ازدهارها في شهر رمضان ، وكذا واقع “السيتكومات” المغربية والسبيل إلى ارتقائها.

كما أبدى مجاهد في هذا الحوار رأيه بخصوص واقع السينما المغربية وكذا جرعة الجرأة الزائدة التي باتت تعرفها.

كما نوه الفنان عبد الحق مجاهد الشباب الواعد في هذا المجال مبديا اعجابه بهذه الطاقة التي أضفت نكهة خاصة على المجال الفني على خد اعتباره.

ــــــــــــ

ونحن على أبواب رمضان لماذا الأعمال الفنية تزدهر فقط في هذا الشهر وليست على طول السنة ؟ اين يكمن الخلل؟

هذه المسألة لها علاقة فقط بقانون دفتر التحملات ، فهذا الأخير بالنسبة للدراما التلفزيونية ، مقسم الى شقين دورة خاصة بالسنة ودورة خاصة برمضان ، يعني القانون هو الذي يرغم عليك هذا الموقف على أن يكون العمل في شهر رمضان ، وبالتالي المبدع وشركات الانتاج مضطرة على أن تخضع له.

العديد المشاهدين يرون أن “السيتكومات ” الرمضانية غالبا ما تكون دون مستوى تطلعات الجمهور لماذا؟ هل المشكل من المؤلف أم المخرج أم الممثل؟ وما السبيل لارتقاءه ؟

لا يمكننا الجزم بان المستوى رديء حتى لا نسقط في منطلق التعميم ، فالمستويات تختلف بين ضعيف ومتوسط وجيد.

هناك سيتكومات جيدة من ناحية الابداع والاشتغال، سبق وأن حققت نسب مشاهدة مهمة، يعني ليس هناك مستوى واحد في كل الأعمال حتى نكن منصفين، لأن مثل هذه الأحكام اعتبرها أحكام قيمة ويجب أن تخضع للتحليل، ونحن نفتقر إلى دراسات اكاديمية أو استطلاعات راي على المستوى الفني لمثل هذه الأعمال.

أما بالنسبة لسبل الارتقاء لمستوى سيتكوم جيد، فهذا الأخير هو عمل جماعي يضم السيناريو و الممثل و المخرج ومنابر أخرى، يعني ليس هناك شخص واحد هو المسؤول عن نوعية العمل ، فلابد من تضافر الجهود ، من ناحية إشراك ممثلين جيدين ملمين بالعمل ومخرج جيد قادر على حضن فريق عمله وتأطيره بشكل مهني من أجل إخراج عمل يرقى للجمهور.

فالعمل التلفزيوني عمل جماعي إلا أننا دائما ما نحمل الممثل الخطأ في اخر المطاف حتى وإن كان خلفه جيش من التقنيين وسيناريست، وهذا فقط لأنه في الواجهة.

هل لك عمل خلال شهر رمضان؟ قدم لنا فكرة عنه ؟

لدي مشاركات عدة من بينها ، الجزء الثاني من مسلسل “وعدي” لياسين فنان ، وكذلك بعض الأفلام التلفزيونية، مثل “ليلة غير عادية” للمخرج ادريس لمريني ،و “اختيار أسماء ” لحسن بنجلون، و “360 درجة ” لمخرجه امين مونا.

ما رأيك في قانون الفنان الأخير؟ وما موقفك من بعض الانتقادات الموجهة له؟

اعتقد بأنه مررنا للمرحلة الثانية ، فالقانون الاول كان تأسيسي والان دخلنا بعض الشيء في التفاصيل وفي ماهو أعمق .
من حق الانسان أن ينتقد لكن ينبغي أن يكون الانتقاد بناء ، فالناس تشتغل ، هناك مجموعة من تحاول بدل مجهود في وضع قانون الفنان، الذي يشكل مرحلة مهمة في تاريخ المبدع المغربي ، فالانتقاد ليس عيبا لكن يجب ان يكون فقط في محله وفي اطاره الصحيح. 

فرئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح مسعود محسين يحاول برفقة مجموعة من الأصدقاء بدل مجهودات في هذا المجال، وقد سبق وأن اطلعت عليه واظنه ايجابي في هذه المرحلة ، فقط ينقصه نصوص تنظيمية هي التي ستؤطر ذلك القانون لكي نحمي الفنان ونحمي حقوقه وهذا سيتحقق بتظافر جهود كل الفاعلين كل الفنانين المبدعين .

ما رأيك في موضة الجرأة الزائدة في الأفلام السينمائية المغربية والمغطاة تحت اسم الواقعية ؟

بالنسبة للجرأة فهي مطلوبة في الفن لا يمكنني انكار ذلك، لكن ماهو مرفوض ومنبوذ في هذا المجال وهي الوقاحة.

فالفنان يجب أن يتمتع بالجرأة في طرح القضايا ،و في اختيار المواضيع ، وبطبيعة الحال تختلف المقاربات بين مبدع لاخر، هناك من يفضل الواقعية أكثر، وهناك من يميل إلى الرمزية ، كل واحد لديه اسلوبه الخاص لكن يجب الحفاظ على العمل الفني حتى لا نسقط في الابتذال بحجة الواقعية.

فمن سبقونا في الفن ، نعطي مثال الأعمال الفنية الأجنبية، فقد تجاوزت مسالة العري في الفن لأنهم وجدوا أشياء أكثر عمقا وأكثر قيمة.

هل يمكنك يوما المشاركة في فيلم واقعي ؟

بالطبع يمكنني أن أشارك فيه إن أتيح لي المجال بكل رحب، لكن يجب أن لا يكون وقحا ، يجب أن يحترم ذكاء المشاهد ، أن يبتعد عن المجانية والرخص، فطرق الابداع لها تاريخ.

يمكنني المشاركة في البعض الأفلام لكن قبل ذلك يجب علي أن أطلع على السيناريو والموضوع ، وأرى كيف يقارب المخرج موضوع الفيلم ، حتى لا نسقط بالأخير في فيلم وثائقي أو ربورتاج ، فالخيال هو خيال ، نأخذه من الواقع ونبدع فيه.

كمسرحي ما هو تقييمك للمسرح المغربي اليوم؟

اعتقد أن هناك تراكم فني في المسرح المغربي ، هناك مجموعة من الفرق تشتغل لا يمكن نكران هذا ، هناك دعم مسرحي ، و توطين مسرحي كذلك ، الذي خلق لنا مجموعة من الفرق من مختلف جهات المملكة ، وبالتالي خلق رواج مسرحي فقط يجب على الادارة أن تواكب هذا الزخم ، وتسهل المأمورية على الفنان.

هناك أعمال تخلتف مستوياتها من جيد لمتوسط إلى ضعيف ، فهذا هو حال الفن ، من المستحيل أن يكون مستوى واحد، كما أننا لا زلنا لم نصل بعد إلى صناعة مسرحية من غير وزارة الثقافة والمسرح الوطني محمد الخامس ، فمن الصعب أن تجد شركاء اخرون، يجب على الجماعة المحلية ، مؤسسات ، والقطاع الخاص أن يساهموا بدورهم في انعاش الحركة المسرحية ،و ليس فقط الوزارة والمسرح من يجب ان تهتم بهذا الدور، لأن الشأن الثقافي بالعموم والشأن المسرحي بالخصوص ، هو شأن كل شخص .

فهذا هو الخلل الذي يواجهه المسرح الان ، عندما تتحدث مع جماعة ما تتهرب بدعوى أنك مدعم من طرف الوزارة او من طرف المسرح الوطني محمد الخامس، فهذا اشكال كبير تعيشه الفرق المسرحية .

فرق مسرح التوطين فرق جيدة لكن يجب عليها أن تخلق لنا فرق جهوية ، لدينا 12 جهة وبالتالي يجب أن يكون لدينا 12 فرق مسرحية في المغرب على الاقل ، وكل فرقة يجب أن تكون مؤسسة مسرحية وليس فقط مجموعة الناس يشتغلون .

هل ترى أن الشاشة التلفزية أصبحت حكرا فقط على بعض الوجوه؟

فعلا نعاني من هذا الاشكال ، فمجموعة من الوجوه تتكرر كل سنة وهذا اشكال يغلق المجال على وجوه اخرى صوب الظهور. يجب على التلفزيون أن يصبح هو المنتج الحقيقي ويفكر في هذه المسالة بشراكة مع الشركات المنفذة لهذا الانتاج.

هناك اشكال اخر يواجه الميدان الفني، وهو عندما يتم جلب أناس لا علاقة لهم بالتمثيل والفن فقط لكونهم يشتغلون بثمن أقل، ويحتكرون الشاشة في حين يتم تهميش ممثلين يقتاتون من هذا الميدان . فهذا اشكال يجب أن يناقش ، لكون شركات الانتاج تقوم فقط بالإنتاج ويجب أن تخضع لرقابة ايجابية.

ما رأيك في الشباب الواعد في هذا المجال؟ هل أضفوا نكهة مميزة للأعمال الفنية أم تسببوا في تدهورها؟

اعتقد بأن الشباب الواعد يضيف شحنة جديدة على الفن عموما لأظنه يتسبب في تظهورها ،على العكس فشحنة الشباب مطلوبة في الفن.
هناك بعض التجارب ممتازة لشباب فاجؤونا بإبداعهم وبمستواهم الفني والفكري، غير أن هناك شيء واحد فقط ما يمكننا مؤاخذتهم عليه، هو كونهم يرمحون نحو السرعة في تحقيق النتائج بدون صبر وهذا هو مشكل شباب اليوم.

هل الحظ يلعب دورا مهما في نجاح الفنان أم هذه شماعة يعلق عليها بعض الفنانين رسوبهم؟

جانب الحظ هو موجود في هذا المجال ، كأي مجال الحظ والأقدار تلعب دورا كبيرا في حياة الانسان ، هناك مبدع ربما لم تسن له الفرصة في فترة معينة إلا بعد سن معين يتعرف عليه الجمهور ويكتشفوا إبداعه.

هل ندمت يوما لاختيارك عالم الفن؟

لا لم أندم قط، فقط تراودك في بعض الأحيان تقلبات نفسية ونوع من الإحباط في بعض الفترات ، لكن لم أندم يوم على اختياري لمجال الفن .

ما جديدك الفني؟

إضافة إلى ما سبقت أن ذكرت في بداية الحوار، فهناك عدة مشاركات في أفلام سينمائية ، من خلال فيلم “نوح ” لرشيد الوالي ، “ليالي جهنم” لحميد بناني ، وكذلك فيلم “المسيرة الخضراء” ليوسف بريطل ، وأتمنى أن تلقى الاقبال وتنال رضى المشاهد.

ومن جانب المسرح، فنحن بصدد التدريب على مسرحية “شجرة لرنج” من اعداد عزيز التفاحي ، ومن تشخيص مجموعة من الفنانين الشباب ايمان صامد ، يوسف كارط وريان، وسينوغرافيا الفنان الفركاني ، وهي عن مسرحية ألمانية “خطبة الادانة الطويلة أمام سور المدينة ” ، وانشاء الله في اخر هذا الشهر سيكون العرض الأول بسلا ، ثم مسرح محمد الخامس ، ثم يليها جولة وطنية ولما لا خارج أرض الوطن .

هل الشهرة والنجاح في مجال الفن يستدعى تقديم التضحيات والتنازلات؟

التضحية في مجال الفن ضرورية لكون الوقت لا يصبح ملكك ، ويمكن أن يأتي على على حساب عائلتك ،و أولادك وزوجتك ، وهذا اشكال مطروح في الفن عالميا وليس فقط في المغرب.

فمن أجل جني ثمار جيدة لا بد من تقديم التضحية .

كلمة أخيرة لجمهورك

أود تقديم جزيل الشكر لمنبركم على ايتاح هذه الفرصة للتواصل مع الجمهور ، الشكر لكل محبي فرقة محترفي المسرح الحر ، لكل محبي الفنان عبد الحق مجاهد ، نحن في الطريق نشتغل نخطئ ونصيب وهكذا هو الفن ، ليست ميكانيكية او حسباتية ، نجتهد نصل أحيانا وأحيانا لا نصل.