وجهة نظر

بين قاتل حمزة وقاتل عبد الرحيم.. حقيقة ثابتة !

بعد قدومها من حج بيت الله الحرام, أهدتني أم الشهيد عبد الرحيم حسناوي-رحمه الله-رواية “قاتل حمزة” للروائي الفذ والمبدع غسان كنفاني, وأخبرتني أنها كانت تتجول في معالم الأرض المقدسة, فصادفت الرواية وجلبتها لي دون اطلاع على مضامينها ولا غوص في معانيها.

نعم..دون قصد أونية, عثرت على قصة خلدها التاريخ, لشخص من شخوص الماضي الإسلامي المجيد.

قتل غدرا في ساحة المعركة الحضارية الكبرى, بين الحق والباطل, وبين النور والظلام!
قتل بسهم ماكر, رمي به من يد جبان مسخر, ممن يديرون المعركة من غرفة عمليات صف الباطل والظلام!
قتل..لا لشيء إلا أنه قال ربي الله!

قتل وهو يذوذ عن قيم تحرير الإنسان, وكرامة العبد, ووحدانية العقيدة, وسماحة الدين, وعدالة المجتمع!
علاقة سيميائية فريدة, بين حكاية حمزة رضي الله عنه وقاتله, وعبد الرحيم رحمه الله وغادره. فلنسرد تجلياتها.
عن القاتل:
هو في حكاية حمزة رضي الله عنه, عبد(وحشي بن حرب الحبشي) مملوك لهند بنت عتبة, سخرته لقتل حمزة في السنة الثالثة بعد الهجرة في معركة أحد المشهودة, بطريقة غادرة, لصعوبة مواجهته من الأمام, لأنه(أي حمزة) كان مجاهدا ومقاتلا محترفا, يخلف ضحايا كثر في سوح المعركة.

ومع عبد الرحيم , نفس معالم القاتل تتكرر, شباب مغسول الدماغ, من فصيل يمارس الإجرام في حق الجميع, موظف من طرف أعداء الجامعة والحركة الطلابية والمجتمع, ينفذ المخططات ويحبك المؤامرات, مدفوعة الأجر, كما أعدت له دون تغيير بل باجتهاد ! يترصد المناضل في الجامعة, المتأسف على حالها, والمستبشر بمستقبلها, والمساهم في إصلاحها…ويطعنه في ثنايا جسده النقي طعنات غادرة, في غفلة من الجميع.

عن المقتول:
إنه حمزة سيد الشهداء, صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريبه, دخل الإسلام وأصبح في صفوفه الأولى, مدافعا ومنافحا عن قيمه التحررية والثورية, آنذاك.

أما عبد الرحيم, فهو طالب علم من بلدة نائية, يحمل أحلامه وأحلام أسرته وبلدته, انتسب لمشروع إصلاحي غايته إقامة الدين وإصلاح المجتمع, والتعاون على الخير مع الغير, وإشاعة نفس التدين الوسطي في الجامعة والمجتمع.

أما الوسيلة:
هي سهم غادر, رمي به حمزة رضي الله عنه, في المعركة سالفة الذكر بين النور والظلام.
وهي سيف وساطور, خلف على جسد طاهر لروح شاب خلوق-طموح, لم يحمل ما حمل قتلته, بل تسلح بقوة الفكرة ونبل الرسالة, ونور العلم وشموخ الغاية.

ثم الدواعي:
قتل حمزة, لأنه انتقل من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, مدافعا عن معاني الحرية والكرامة, والمساواة والعدالة.
وقتل عبد الرحيم, لأنه أحب الوطن وتبنى ثوابته وهويته, والوسط الجامعي وآمن برساليته ووظيفته, ودعا للوسطية والاعتدال, والعلم والحوار, طامحا في جامعة المعرفة ومغرب الكرامة, ملتحما بالطلاب نابذا للإرهاب.

تلك أوجه التقاء بين القصتين, خطرت بالبال وجسدها الخيال, ليست غايتها تمثيل الشهيد-بإذن الله-عبد الرحيم حسناوي بسيد الشهداء حمزة رضي الله عنه(حاشى), ولا تشبيه من قتله(نسأل الله لنا ولهم الهداية) بوحشي بن حرب.

لكن المقصد التقاط الإشارة وتلخيص المشهد والخلفية..والمغزى همسة أو صرخة في أذن كل منيستطيع..أوقفوا العنف والإرهاب! !