وجهة نظر

حكومة الأشتات

حزب التجمع الوطني فشل في كونه معارضا، و فشل أيضا في كونه مواليا، فشل حين رمى كلمات رئيسه الرافضة لأي تحالف مع العدالة و التنمية بحكم ثوابت الحزب و توجهاته المنافية لتوجهات الظلاميين و ارتمى في أحضان الحكومة في أول فرصة سانحة، جعلت منه الحزب الرابح المستحوذ على أهم الحقائب علاوة على رئاسة البرلمان، غير أن الأزرق و ما إن بدت نهايات الفترة الحكومية تلوح، و سطع نجم إلياس العماري و حزب الأصالة بثوب متجدد لمنافسة العدالة و التنمية و بخطاب معارض واضح عقب الإنتخابات الجماعية، خرج مزوار و صحبه بملاسنات و معارك ضد حلفائه في الحكم، بعضها بدون سابق إنذار.والغريب أنه مع كل هذا التلاسن من مزوار و وزير المالية و مكونات حزب العدالة و التنمية و مع غياب الإنسجام و التوافق، فالحكومة ماضية في عملها، و السؤال كيف يجلس هؤلاء في مجلسهم الوزاري وكل يتأبط عداوته بين ذراعيه و يحمل مشاريعه المستقبلية و رؤاه لما بعد انتخابات 2016؟

العرف الديمقراطي لربما و على ما أظن، يحتم على بنكيران و هو في حالته هذه تغيير طاقم حكومته و البحث عن أغلبية متجانسة أو الدعوة لانتخابات مبكرة إن أمكن ذلك، كما فعل مع حزب الإستقلال، مع العلم أن الأخير هو من أقال وزراءه، و هنا لماذا لم يستقل مزوار و البوسعيد مثلا؟ الحجة بانتهاء الفترة الحكومية و قرب آجالها، فلماذا البحث عن تغيير وزاري في الزمن الضائع، مع أنه وفي الزمن الضائع تم تعيين وزير مكلف في الخارجية، لكن يبدو أن القرار ليس بيد مزوار و لا بنكيران في مسألة الإستقالة و التغيير، لتعملوا في إطار حكومتكم، موظفون بصرفون أعمال الدولة كزوجين متخاصمين يضمهم بيت واحد حتى تنتهي ولايتكم.

منذ أن صنع بنكيران حكومته، وهو يناقض نفسه في مسائل عدة، حجته في ذلك العمل بأضعف ما يمكن فعله و لو بتحالف مع من اتهمهم سابقا، لكن سياسته هذه ربما لم تنجح و أفرزت ما نشاهده اليوم، فمن هاجمهم ثم حالفهم هاهو الآن و إن لم يتكلم صريحا يناكفهم و يهاجمهم، نحا سبيل المصلحة، فكانت حكومته لمصلحة البقاء في السلطة مع أي كان، وكما اجتمعوا على مصلحة، هاهو تفرقهم على مصالح لا مصلحة واحدة.

وقد يظل بنكيران إن فاز مرة أخرى، حبيس هذه التحالفات الهجينة، فالواقع الحزبي في المغرب يفرض ذلك، مغلب الأحزاب لا تملك إرادتها و لا تملك برنامجا سياسيا واضحا تقف عند حدوده و تسير وفق منهاجه، و مغلب الأحزب هي تجمع لرجال مال و أعيان يحركون و يتحركون و يعيشون مع الدولة و مع دواليبها، لا يعرفون من ثقافة المعارضة شيئا، و هذا ما بدا واضحا في ما سبق، لم تكن لحكومة بنكيران معارضة حزبية واضحة سوى بعض الأصوات البرلمانية التي كان ديدنها التقليد و التأثر بخطابات برلمانيي الثمانينات و جلساتهم.