منوعات

أنت فضولي إذا أنت مميز عن الآخرين.. لماذا؟

هل قضيت الكثير من الوقت من قبل في البحث عن مقالات على الإنترنت بشأن مواضيع معينة، ثم سألت نفسك فجأة بعض الأسئلة حول الموضوع نفسه؟ فضولك نحو معرفة المزيد حول موضوع معين قد يجعلك تبدأ في إيجاد الكثير من نتائج البحث بحثاً عن إجابات لأسئلتك.

فوفقاً لدراسة جديدة أعدتها جامعة كاليفورنيا الأميركية، فإنه مع ظهور حالة الفضول هذه لدينا، يبدأ المخ في تهيئة نفسه لمعرفة المزيد حول الموضوع الذي نهتم به، حسب دراسة نُشرت نتائجها على موقع “كولليكتيف إيفوليوشن” الأميركي.

هل للفضولي ذاكرةٌ قوية؟

يقول شارات رانغاناث، أستاذ الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا (دافيس) “في كل يوم، نواجه عدداً هائلاً من المعلومات الجديدة، ولكن حتى هؤلاء الذي يمتلكون ذاكرة جيدة لن يتذكروا سوى جزءٍ بسيط جداً مما حدث منذ يومين”.

شعر “رانغاناث” نفسه بفضول شديد حول سبب تذكرنا لمعلومات معينة، ونسيان معلومات أخرى من بين ما نتلقاه. لذلك، قرر رانغاناث مع فريق بحثي مكون من 19 عضواً أن يقوموا بطرح 100 سؤال مثل “ما هي أغنية البيتلز التي تصدرت قائمة أفضل الأغاني على مدار 19 أسبوعاً؟” وسؤال آخر مثل “ما الذي تعنيه كلمة ديناصور؟” ثم قاموا بتقييمها وفق رغبة الأشخاص وفضولهم للحصول على إجابات تلك الأسئلة، ثم قاموا بعد ذلك بمراجعة تلك الأسئلة بحضور نوعين من الحاضرين، الأول كان مهتماً للغاية ويشعر بالفضول نحو معرفة الإجابات، والنصف الثاني لم يكن بنفس الاهتمام. خلال هذه العملية، قام الباحثون بتصوير نشاط المخ للمجموعتين من خلال الرنين المغناطيسي الوظيفي.

أثناء تصوير نشاط المخ، تمّ توجيه بعض الأسئلة للمشاركين، ثم بعد 14 ثانية يتم عرض صورة لوجه أحد الأشخاص ليس له علاقة بموضوع الأسئلة على الإطلاق، دون توضيح السبب، ثم بعد ذلك يتم إعطاؤهم إجابة السؤال.

بعد تلك العملية، يتم اختبار ذاكرة الشخص، حيث كان العلماء يرغبون في معرفة مدى قدرة الأشخاص على استدعاء تلك الإجابات مرة أخرى بالإضافة لشكل الوجوه التي عرضت عليهم.

بمَ يمتيز مخ الفضولي؟

توصّل العلماء إلى أنه عندما يكون المشاركون مهتمين بإحدى الأسئلة، فإن ذاكرتهم تبدو أفضل بكثير. في اليوم التالي بعد إجراء الاختبار، استطاع العلماء التأكد من هذا الأمر، حيث أثبتت النتائج شيئاً هاماً: الأشخاص الفضوليون بشكل عام لديهم قدرة أكبر على إعداد المخ لتعلم وتذكر الأشياء أكثر من غيرهم.

قام الفريق البحثي بمراجعة صور الرنين المغناطيسي لمحاولة فهم الأمر، فوجدوا أن نشاط المخ عند انتظار الحصول على الإجابة هو السبب الرئيسي لتحسّن أداء الذاكرة بالنسبة لهؤلاء.

خلال هذه العملية، يزداد نشاط المخ بشكلٍ ملحوظ في منطقتين في وسط الدماغ، وهما السقيفية البطنية ، والنواة المتكئة وكلاهما تعتمدان على وجود خلايا الدوبامين، المسئولة عن الإحساس بالسعادة والمكافأة داخل المخ.

ويعتقد العلماء أن هذا الجزء من العملية هو العامل الرئيسي في الوصول لتلك النتيجة، لأنه قبل إعطاء الإجابة للمشاركين كان قد ظهر على عقلهم الرغبة في معرفة الإجابة بالفعل. علاوة على ذلك، لاحظ العلماء أن منطقة الحصين بالمخ، والتي تعتبر مركزاً للعاطفة والذاكرة والجهاز العصبي اللاإرادي، قد شهدت نشاطاً زائداً خلال تلك العملية أيضاً، حيث بدا الأمر وكأن نظام المكافأة داخل المخ يقوم بإعداد تلك المنطقة للتعلم.

طرق جديدة للتعليم وعلاج الأمراض

يعتقد رانغاناث أن نتائج الدراسة هامة للغاية وستساعدنا كثيراً في فهم مشاكل التعلم والذاكرة لدى من يعانون من انخفاض الدوبامين، مثل المصابين بمرض “باركنسون”، كما يمكن أن تساعد الدراسة المعلمين والمعلنين والمؤلفين في الوصول إلى طرق جديدة أكثر فاعلية لجذب المستمعين إليهم وزيادة قدرتهم على تلقي ما يتم توجيهه إليهم.

يؤمن الباحثون أيضاً أن الدراسة قد تساعدنا على زيادة متعتنا أثناء التعلم، على الرغم من عدم توفر الكثير من المعلومات التي مازلنا نحتاجها حول الأمر، مثل التأثير بعيد المدى للدراسة، مثل كيفية استغلال فضول الطلاب لتحفيز تلقيهم للعلم في دراستهم، وكذلك السبب وراء امتلاك بعض الأشخاص لدرجة أكبر من الفضول عن غيرهم، وما هي العوامل المؤثرة على درجة الفضول من الأساس.

يقول رانغاناث “لا توجد سوى دراسات قليلة للغاية حول موضوع الفضول، فهو أمرٌ من الصعب للغاية دراسته”.

رحلة يجب القيام بها

على الرغم من ذلك، تؤكد الدراسة لنا أن الأمر هو أشبه برحلة، المهم هو القيام بها أكثر من معرفة نهايتها بالتحديد، فالأسئلة بالأساس هي ما يثير فضولنا، أما الإجابات فهي مرحلةٌ لاحقة.

الهافنغتون بوست