وجهة نظر

بنعباد يكتب عن مسيرة الأحد: عذرا.. فلن أشارك

انطلق موسم الوطنية من جديد بعد تصريحات بان كيمون الذي قال بأن المغرب يحتل “صحراءه”، المشاركة في المسيرة تعني أنك وطني، ورفض المشاركة تعني أنك ضد مصالح بلادك إن لم تكن خائنا مع وقف التنفيذ.

لا ضير عند العقلاء أن يصنفوا خارج دائرة “الإجماع” على التظاهر، لكن البلاء كله في “الاتباع” دون قيد أو شرط، وإن كان في قضية مصيرية كقضية استكمال الوحدة الترابية.

لقد تحول المغاربة إلى “أضحوكة” يطلب منهم في كل “فصل” وقفة ضد بلد، ففي الصيف وقفة ضد الجزائر، وفي الخريف وقفة ضد فرنسا، وفي الشتاء وقفة ضد السويد، وفي الربيع مسيرة وطنية ضد الأمم المتحدة، يؤطرها الشعار الخالد “وا المغرب ازطاراطا”.

يا سادتي الدفاع عن الصحراء يعني إشراك الشعب (عبر منتخبيه) في تدبير الملف، لا تجييش الناس، وتضييع الوقت، وتبدير المال، وإعادة إنتاج الأخطاء، و “مناطحة” الحائط.

صدق الانتماء للوطن لا يكون بالاتباع فقط، بل يكون أيضا بالرفض، ويكون بطرح مبادرات لا تراعي رضى السلطة، وتسعى لتحقيق مصالح الأمة الاستراتيجية ولو عبر إغضاب السلطة.

من المفروض من ذوي الرأي والنظر والهيئات التي تعلن أنها ديمقراطية أن تضع مسافة بينها وبين سياسات الدولة التي تبين فشلها، وانقلب مفعولها على الوطن لا أن تباركها وتسير في ركابها.

إن اتباع سياسات الحكم في تدبير الملف أوصلتنا إلى الارتجالية والعبث بمصير دولة والإساءة إلى تاريخ الأمة، فالدفاع عن الصحراء يكون بمواجهة الدولة بأخطائها، وبالاتفاق على التدبير الديمقراطي للملف.

من يقول إن المغرب أخطا يوما قبل باستمرار ملف الصحراء قضية في “لجنة تصفية الاستعمار” بالأمم المتحدة؟ ومن يقول إن المغرب أخطأ يوم أطلق يد بعض ممثلي الدولة على خيرات الصحراء؟ من يقول إن ضمان الوحدة لا يكون بتمليك الأعيان رقاب سكان الصحراء؟…

يستحق المغرب وشعبه أن يكونوا استثناء في تدبير مشاكلهم، وفي هذا الملف تحديدا نحتاج أن نكون نموذجا عبر إشراك الجميع، والقطع مع الريع في المنطقة، سواء الذي يستفيد منه كبار ممثلي الدولة أو كبار أعيان الصحراء.

الديمقراطية تعني تمكين الناس من تدبير شؤونهم وفق اختياراتهم التي تصنعها صناديق الاقتراع، وتحمي نزاهتها سلطة الوصاية، وتضمن عدالة توزيع الموارد والخيرات.

الصحراء جزء من مغربنا نحن الناس البسطاء الساكنين في القرى والمداشر والمناطق النائية، ليست مسؤولية مؤسسة واحدة، مهما علا شأنها، وعظمت مكانتها، فالصحراء بقية المغرب العظيم سيد شمال إفريقيا وجنوب أوروبا وحاكمها لقرون.

الخوف على الصحراء من الجزائر وعملائها، أو مناورات جنرالات قصر “المرادية”، ليس مبررا للعبثية، فلا يمكن عملاء الجزائر بالداخل، أو خائن باع نفسه لمشروع تفتيت المغرب، أن يحمي نفسه فأحرى أن يحمي مصالح غيره.

يا سادة.. أنا مغربي، ومؤمن بمغربية الصحراء، عذرا فلن أشارك في مسيرة 13 مارس.