وجهة نظر

9 مارس

احتفل العالم البارحة باليوم العالمي للمرأة، ورغم أن المناسبة هي 8مارس ، فلا بأس إن تأخرت بيوم أو تقدمت بيوم كما في عنوان المقال، المهم هو الاحتفال مع المرأة سواء فـي يوم9 أو 8.. “الله يجيب غيرالصحة والسلامة” ، فالأمم المتحدة قررت الإحتفال بهذا اليوم في سنة 1977 ، لكن الإشكال هو في تحديد المرأة “النموذج” الذي تريد الدول “العظمى” تسويقه؟ هل هو النموذج اليساري”شيوعي” أو “الليبيرالي” الرأسمالي؟ أو ببساطة ما هو المطلوب من الدول التابعة كي يرضى عنها الغرب فيما يخص حقوق المرأة؟.

إن الأمر بالغ التعقيد فالمرأة التي يحتفل بيومها العالمي، و حيث ينشد الكل ودها قد أصبحت تتقاذفها التيارات و الإيديولوجيات المختلفة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ناهيك عن الإسلاميين واختلاف توجهاتهم واجتهاداتهم” تشدد اعتدال وسطية” ، المهم كما يقال :”كل يغني على ليلاه”، لقد أفتى زعيم حزب مغربي وهو بالمناسبة اشتراكي على المذهب المالكي بـ” المساواة في الإرث بين الجنسين..”، وأعتبر أن هذه وجهة بلا نظر ومزايدة سياسية، و مع ذلك فالمرأة لها كل الإحترام والتقدير فهي الأم والأخت والجدة..، ونحن لا نتحدث عن حقها في الشغل واحترام آدميتها كالرجل، فهذه الأمور لم يعد أحد يجادل فيها، لكن المشكل هو سعي الأقوياء لفرض تصورهم وقيمهم على الضعفاء، والمقصود هنا هو الغرب المسيحي و العالم الإسلامي وباقي دول العالم الثالث، إن قوة الإعلام والمال جعلت دول الإتحاد الأوروبي في موقع من يملي شروطه على باقي دول العالم.

لقد أصبح الإحتفال بأعياد الغرب دليل تقدم الشخص، فمثلا “عيدالحب”بدا يجد مكانه في الإعلام الرسمي لبعض الدول المسلمة، وأعياد رأس السنة المسيحية” بابانويل”، ومن يدري فقد يصبح لهم عيد “اليوم العالمي للمثليين”،ومن الطرائف التي عايشتها لليلة 8مارس، فأثناء تواجدي بمحطة القطار”الوازيس” متوجها إلى مراكش، قالت مذيعة المحطة باللغة الفرنسية”..ستحتفل oncfبيوم المرأة وتوزع الهدايا..”، ثم اعتذرت عن تأخر القطار عن موعده بـ نصف ساعة ، عندها اعترى المسافرين غضب شديد ولسان حالهم يقول:”..الإحتفال هو ايجي القطار فوقتو او نمشيو من هد البرد”، المهم عندما تفقد الأمة بوصلتها يقودها من هب ودب، فأي شيء يحتفل به الغرب يعد”عالميا” ما علينا إلا أن نتبعه مرغمين، إننا كأمة إسلامية متخلفين عن ركب التقدم التكنولوجي والعلمي نسبيا، ولكننا من حيث القيم الحضارية ليس للغرب أفضلية علينا، فالقوة العلمية والعسكرية يمكن تداركها مع الوقت، إن التحكم في “الذرة” مثلا يعد من أرقى العلوم، حيث نجد دولة “باكستان” التي أنتجت قنبلتها النووية وكذلك “إيران” أصبحت تتحكم في هذه التكنولوجيا، وماليزيا لها باع كبير في ميدان الصناعات الإلكترونية..، المهم فرغم الحصار التكنولوجي المضروب على الدول المسلمة من طرف الغرب بدعوى محاربة الإرهاب، استطاعت بعض الدول المسلمة اختراقه وتجاوز الخطوط الحمراء.

إن الصراع العالمي الآن يدور حول القيم، فهناك تيار الإباحية الجنسية المدعوم من طرف الدول “العظمى”، وبين المسلمين بكافة توجهاتهم ” معتدلين سلفيين وصوفية..” وعنوان هذا الصراع “المرأة”، فموجة المؤتمرات المؤيدة لحقوق المرأة تتحكم فيها الدول الغربية كـ”مؤتمربيكين”، وما”خطة إدماج المرأة في التنمية” عنا ببعيد، حيث تكفلت بعض المنظمات النسوانية مؤازرة بمتطرفي اليسار بتنزيل بنوده، وأعتقد أن الغرب جاد في فرض نموذجه للمرأة وثقافته المتساهلة مع “الفاحشة”، على الدول المسلمة عبر وكلائه من بني جلدتنا، وذلك عبر بوابة المهرجانات الكبرى وشاشات السينما، حيث يكون للعري الفاضح برقصاته ذات الإيحاء الجنسي الحيز الأكبر من “الفرجة” ، كما تكفل بعض مخرجي السينما بترجمة توصيات هذه المؤتمرات المشبوهة إلى أفلام “بورنو”.

خلاصة القول أن الصراع في بداياته والبقاء للأصلح، فالمرأة كرمها الله من فوق سبع سماوات “..ولقد كرمنا بني آدم..”، فالتكريم هنا للرجل والمرأة فالإثنان من جنس بني آدم، ولا نحتاج للقوانين التي لا تحترم بعض خصوصيتنا الحضارية.