وجهة نظر

على قرب العهد بالسيرة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم

يُخلِّد مؤسِّسو منظّمة التجديد الطلابي المغربية وأعضاءها ومنخرطوها والمتعاطفون مع فكرتها ومشروعها الذكرى 13 للإعــلان عن تأسيسها في جامعة المولى إسماعيل بمكناسة الزيتون يوم 8 مارس 2003م، الموافِق لــ 1424ه، فكان للزمن بركته وللمكان بركته، فــانغَرست بَذرة المشروع في تُراب مدينة الزيتون، فــأورَقت وآتت يَنْــعَها وثَمرها النّضديد في أكــثر من جامعة مغربية، واستوت الشجــرة على سُوقِها تُعــجِبُ الزّراع وتتعالَى على تاريخ المآزِق والتّرسُّبات الماضَوية، تَغــيضُ الــمناوِئين وكل أولائك الذين رَكَــنوا إلى خيار الأزمة وأُرْكِــسوا فيها، فكَــبْكَبوا أجيالا على مناخِرها في مهاوِي “اللاحلول، واللاخروج”، وغَمطوها حقّها في تجاوز جراثيم الوضاعة النضالية وتفاهة الأفكار المُختلّـة والإيديولوجيات الــمُنحَلَّة، وخــبَّبوا وضْعَها لتظلَّ مُستَنْــقِعَةً في النّفق المُظلِم الذي عانت ولا تزال تُعاني منه الحركة الطلابية المغربية إلى اليوم.

تحــلُّ السنة الثالثة من العُشرية الجديدة من عُمــر منظمة التجديد الطلابي، تدخُــل معها هته الأخيرة زَمنا طُلابِيا يستوجِبُ منها تَكــثيفَ أمكِنة التواجُد وتقدير حَجم المِساحات المُــستَثْمَرَة، انسجاما مع حَجم الفِكــرة الإصلاحية والتــجمُّع الإصلاحي الطلابي الذي يتبنّاها. ويستَذكُر المؤسسون والـــمُؤَسِّسَاتُ، والقيادة والقــواعِد صُــلْبَ الهدف الذي انْـتَظَمَتْ في سبيله قواهم وجُهودهم وآرائهم واقتراحاتهم، المتمثِّل في إطلاق دورة جديدة في مسار ومسيرة العمل الطلابي الإسلامي والفِعل القادِر على رفع التحديات الكُــبرى للمشروع الإسلامي بالجامعة المغربية والمعاهد العليا، واستِـعَادَةُ فاعلية الحركة الطلابية في مــعركة الإصلاح الوطني والتغيير الاجتماعي والانتقال الديمقراطي، وتمكين المنظّمة والحركة الطلابية المغربية من لعب دور بارز وناجــز في إعطــاء دُفعات للمشروع الجــبهوي داخل الحركة الطلابية إجــمالا وقــوى الحركة الطلابية الإسلامية تحديدا.

كما لا يَــنِ أحدُهم يتذكّر أن الإعلان عن إطلاق وتأسيس إطار مدني طلابي إصلاحي جاءَ في إطار مشروع أعمَّ وأشملَ، هدفه الارتقاء بالعمل الطلابي الإسلامي، والإسـهام قدْرَ المُستَطاع في تـجاوِز أزمات الحركة الطلابية، والنزوع إلى تكتيل الجُهود وإشاعة مُناخ الصِّدقية في الممارسة العملية للطلاب، واقتراح أفكار عملية لاستعادة مِحورية الجامعة في إنتاج النّخب والمعرفة والــقيم والبحث العِلمي المُساهم في الإقلاع الحضاري، وتأهيل الجِسم الطلابي لممارسة وظائف أفَعَلَ وأبــقى أثراً من مجرّد “نيل الشهادة” وتحصيل قــدْرٍ من الطرائق والمعارِف والمنهجيات.
إنَّ الاحتفاء والاحتفال بالذكرى الثالثة عشر لانطلاق عمل منظمة التجديد الطلابي يسْترْعي ويستدعي الالتفات إلى ثلاث أمــور غاية في الأهمية:

1) تجديد ربط الصلة بالله تعالى وشكره على ما هدى إليه ثُلّة من الشباب المُسلم المتوثّب لخدمة دينه وجامعته وبني جلدته ووطنه، وحمده جلّ في عُلاه على ما وفَّق للاجتماع حوله من فكرة ومبادرة ومشروع ثبُتَتْ نجاعته وتعمّقت القناعة بصوابيته، والثناء عليه ســبُحانه إذْ حبا التجمّع الإصلاحي المؤمن بفكرته، والصادق في عمله، والمثابِر في تجديده، والمتطوّع في صفوف الدعوة، والمتخلِّق بقيم التجرّد والتضحية والنزاهة، والـــمُمتلئ بالروح الدافعة والبركة الإلهية الفاعِلة في المسيرة والمسار والإنسان، قبل أن يَـعْـتَــبِرَ أنَّ ما هو منخرِطٌ فيه “وعاء تنظيمي” و”هيئة مدنية” و”منظّمة شبابية”، وحَما وجودَ هذا التجمّع وأرشَدَهُ إلى رأْب التصدّعات وتجنّب الانشقاقات وتجاوز العثرات وتوجيه القُدرات إلى الخدمة في سبيل الله، ابتغاء وجهه وطلبا لمرضاته.

2) تجديد ربطِ الأخلاف بالمتن المُؤسّس الذي صاغه الأسلاف، وتمتين انتظام طاقاتهم وجهودهم في إطار الفكرة والمشروع والرؤى والتصوّرات، وتوصيل قدْرٍ مُـهِمٍّ مِن مقولات وأدبيات ووثائق المنظّمة إليهم، وإشــغالِهم بالأصل عن الفرع، وبالكُلّ عن الجُــزء، وبالباقي عن الفاني، إشغالاً يُعمّق معنى الانتماء ويُحرّك القُدرات الفردية والجماعية للامتلاء والاستغناء، فيُــبادروا إلى الأخــذ والتَلقِّي لاستئنافِ المسار وتأمين الإطار بشكل سليمٍ مِن غير مَضار، وتجريد سَعــيهم لخدمة العلم والمعرفة والطلاب والجامعة والوطن، والدعوة إلى الإسـلام بدل الدعوة إلى التنظيم أو المشروع.

3) تجديدُ ربط المنظّمة ومناضلاتها ومناضلوها مع المحيط وتفاعلاته وتحدّياته، والرفع من مُستوى “الـواقِعية” في صُفوف القيادة والأعضاء، من أجلِ إدراكٍ متينٍ للمُـتَطَلَّبِ تُجاه موطِن تأسيس هيئتهم واشتغالهم ألا هو الجامعة، ثمّ الوطن الصغير، فالمُجتمع، فالعالم العربي، ولِــيَمْـتدَّ ذلك ليشمل الإحاطة والمتابعة لما يعرفه واقع العالم الإسلامي وإفرازاتُ التحوّلات الجارية، وتوسيع “الإنسانية” في كلّ فــرد لـيشعُر بآلام الإنسانية وقضاياها العادِلة، وليُسهِم من موقِع المُشارك والمتدافِع مع الآخرين في الدفاع عن حقوق وواجبات الإنسان والنــهوض بها، وليعمل على إقامة الدين على مُستوى شخصه وأسرته ومُجتمعه ووطنه وأمّتــه.

يُـــــمَــكِّـنُ حَدَثُ الذِّكرى والتذكّر من عـــودة وُجــودية لمسارٍ دام 13 سنة في أكبر وأكثر الجامعات المغربية، غارِساً اليقينَ في قيمة الدعوة التي إليها انتسبنا، والفكرة التي لها حملنا، والخير الذي عليه اجتمعنا، وزارِعاً الثّــقة في الفئات العريضة من المتعاطِفين والمنتسبين فِكراً وممارَسَةً في فرادَة الخطّ الذي اتّبعناه، والمنهج الذي فضّلناه، والإسهام الذي قدّمناه، والإقلاق الذي في حقِّ المناوئين والفاشلين أحدثناه، والمَقصِد العــام الذي ابتغــيناه، والــحُلم الكبير الذي نطمح إليه ونطمع؛ دونما مُباهاة ولا مزايدة ولا ارتكانٍ إلى عجزٍ أو كسل أو اتكالٍ على أحد.

مسار منظمة التجديد الطلابي تأطّــر بعدد من الأسئلة والقضايا والرهانات، لا يدّعي هذا المقال الوجيز ولا يتمحّل الوقوف عندها واستدعائها، بقدر ما يرومُ مُعاوَدة وضع الرأي العام الطلابي ومناضلي المنظّمة أمام بعضٍ من تلك القضايا التي ضغطت أو اقتضت تأسيس إطار مدني قانوني حامل لمشروع إصلاحي ورسالي، فكان منها:

التقدّم في اتجاه الإجابة عن أزمات الحركة الطلابية وتجاوز حالة الوهن الوظيفي والهدْر الذي طال المكتسبات النضالية والفكرية والإيديولوجية، والبحث عن مَمرَّ واسع لتصريف فائض الاختناق والفشل الذي اتّسَمَتْ به المُبادرات الطلابية وقتئذٍ، فضلاً عن اهْـتِـبال المُبادرة لِـــمُرَاوَحة واقع انسداد خيار حلّ الوضعية القانونية والعملية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.

التّداعي مع سُنّة الخروج للناس والإفــصاح عن “الكيان”، والاعتبار بضرورات تحوّلات مُسْتَهَل القرن الواحد والعشرين، وذلك بتبنّي خيار الوضوح السياسي والمسؤولية القانونية، لضمان تَمدُّدٍ راشد لصلاحيات الفِعل الطلابي، على أرضية هوية مدنية ذات أبعاد كفاحية ونضالية، متــجاوِزة لأحادِية الهوية (النقابة وفقط). وقد ساهم التّرسيم القانوني للمنظمّة الفتية في استــثمار المِساحات التي يُتيحها الواقع الــجَمْــعِياتي والوثيقة الدّستورية، وفَــتْح قنوات بديلة للتعاون والتشارك والتّنسيق بين الهيئات والفعاليات المدنية ذات الأرضية المُشتركة، والهدف النبيل.

المُساهمة من موقِع المُبادِرِ والداعي إلى التعاون على الخير مع الغــير في التّجديد الشامل للعمل الطلابي الإسلامي في الجامعة وخارِجها، من حيثُ نوعية الأنشطة والمبادرات، والصّلات والعلاقات التي تجْمَعُ الفرقاء من الإسلاميين واليساريين والديمقراطيين، بما يَــخدم الجامعة والمعرفة والطلاب.

إطــلاق دورة جديدة في النضال الطلابي والنهوض الوطني والتحوّل الديمقراطي، ضمن أفق تاريخي وحضاري كبير.
في إطار هته السياقات وضِمنها، انطلقت على بركة الله مسيرة التجديد الطلابي اختيارا وتنظيما ووظائفَ ومشاعِر ومشاريع، عاقِــلةً بعُمْقِ المقولة القائلة (إن الحياة المتــغيِّرة تحتاج إلى استجابات متغيّرة؛ ومتــجدّدة !)، وواسِمة نفسها بأنّها: أوّلاً؛ امتدادٌ لرسالة الأنبــياء ودعوة النبي الخاتَم المُوقَّر، وثانيا؛ امتــدادٌ للحركة الوطنية المغربية من جـهة الفِكر والصياغات والأهداف الطموحة (الاستقلال، التحــرّر، الوحدة، الديمقراطية، الوطنية الصادقة، العدل والتنمية المُستقِلّة..)، وثالثا؛ جُــزءٌ من المشْـروع الإصلاحـي العام في المغرب، ورابعا؛ تجــمُّع إصْلاحي مُـؤْمِن بالتَّعددية والحوار مَسْلَكًا لتدبير الاختلافات والتناقضات، ومُنْـخَرط في قضايا الشَّعْب والطلبة العادلة والمعقولة، ومُناضِل مع باقي الديمقراطيين من أجل الدَّمَــقْرَطة والتّغيير وضِدّ الفساد والاستبداد.

تَــتَّخِذُ المنظّمة من الكفاح والنضال والاستمرار والإسهام والاستقلالية مُفردات لهوية جامعة. ورسالتها في العمق وبكل بساطة كذلك “رسالةُ إحياء تربوي، وتجديد فكري، وبعث حضاري”، أمّا أهدافها فتتلخّص في “تأهيل الطلاب وحثّهم على قيم طلب العلم والاجتهاد في تحصيله، والدفاع عن مصالحهم وحقوقهم وتمثيلهم لدى الجهات المعنية، بناء جامعة وطنية فاعلة وقائدة لقاطرة التنمية ودعم إشعاعها العالمي، إنتاج بحثٍ علمي مُساهم في الإقلاع الحضاري والتجدد الذاتي للمجتمع والوطن والأمّة، إرساء مناخات وفضاءات الحرية والإبداع والحوار والتعاون والانفتاح، دعْمُ القضايا الإنسانية العادلة وبناء الوعي المُقاوِم، إسناد جـــهود الصحوتين الإسلامية والديمقراطية في العالم العربي والإسلامي وفي المجال الطلابي خصّيصا..”، أما منهجها في التجديد فيأخذُ بــ “الإسلام الوَسطي المُعتدل، الاعتبار بتراكُمات مشاريع النّـهوض في الأمّة الإسلامية، استئناف التّواصل مع التجربة التاريخية المغربية في الإصلاح، الاستفادة من مُنجَزات الحضارة الإنسانية، تأكيد الطابع العلمي والمعرفي للجامعة الوطنية”، وللقيم الجامعة مَركزية في وجود ومسار المنظّمة، وتتمثّل في “الإخلاص والمَبدئية، الاجتهاد والإبداع، الشُّـورى والمَسؤولية، الوسطية والاعتدال، التّعاوُن والإيجابية، العدل، الوحــدة”، أمّا مبادئها الــمُوَجِّــهَة فهي أربعةٌ كما هو مُضَمَّـنٌ في (عقدها الطلابي) وهي: “حــوار، عــلم، تجديد، نــهْضة”.

ولأنها ابنةُ بيئتها؛ ومتــأثرة بما بحدث في مُحــيطها وعُمقها المغربي والإفريقي والعربي والإسلامي فــقد لَزِمها طوال مسيرتها أن تُدْلِيَ بآراءَ وتتبنّى مواقِــفَ على المستوى العربي والإسلامي والوطني؛ فمن مواقفها الوطنية “التحيُّز المُطلَق لخيار الإصلاح والمُشاركة الإيجابية لبناء الوطن، مناهضة الفساد والاستبداد والاستفراد والاستبلاد بكلّ أشكالِها، التشبُّث بالثوابت الوطنية للشّعب المغربي، التّضامن مع ضحايا التّعسُّفات وقمع الحريات والمُطالَبة الدائمة بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، المُطالَبة يإقرار سياسات واضِحة خاصّة فيما يتعلَّق بشؤون الشباب والطلاب، مناهَضة برامِج الفساد الثقافي والقيمي، المُطالَبَة بتحرير الإعلام من سيطرة تيارات الإفساد والانحراف..”.

شهد المسار الممتد منذ العام 2003م أطوارَ تحوّلاتٍ وتجديدات مُستمرّة، بَدَت فيها نَــزْعَةُ طَلَبِ التجديد على مُستوى الوظائف والهيكلة وطرائق العمل لِــتَـدَارُكِ هَنّات التنظير والممارسة التي تعرفها فترة زمنية دون أخرى، ولإعمال البحث النَّـاصِبِ الذي يُطوّر الذهنيات ويُرقّي الممارسات، ويستبدل الطابع الباهِت للفعل الطلابي في الجامعة بالفِـعل المُــعبِّر عمّا يعتَمِل في دواخِل فئة الشباب والطّلاب من مَقدرات عظيمة للإبداع والاجتهاد والاقتراح إذا ما توفّرت البيئة المناسبة والمناخ السليم وعواطِف التغيير ومعاني التّحفيز لتفجير تلك الطاقات وصَقلِ العَزَمات وجَعلها في “حالة إنتاجية” تعود بالنفع والزرع على الفرد والجماعة والمجتمع، ويَسْتَحْصِدُ غِراسَهَا الوطن والدولة فيما بعدُ. ولعلَّ أبــرز سيماء وسمات تلك التحوّلات التي عرفها العمل الطلابي عموما والإسلامي على وجه الخصوص نحصره في الآتي:

تحول في الخـط الفكري الطلابي: إذ أضْحَت الجامعة في قلْب الأسئلة الكبرى للمجتمع والدولة والأمّة والإنسانية، من خلال ندوات ومنتديات ومهرجانات احتَشَدت فيها القوى الوطنية وزمرة من المُثقفين ورجال الإعلام والفكر لبَسْط وجهات النظر في عديدِ قضايا ذات صِلة بالتنمية والحرية والديمقراطية والتراث والحداثة والاقتصاد والعولمة والمقاومة والإعلام وما عداها من المواضيع الهــامّة، كما كانت هته الأنشطة في ذات الوقت فُرصة لتجديد عــقد قران بين الجامعة والسياسة، حيث شاهدنا وتابعنا عددا من اللقاءات والمحاضرات المفتوحة التي اسْتَدْعَت فيها المنظّمة وزراء ومسؤولين سياسيين للتساؤل معهم والاعتراض على بعض إصلاحاتهم ولمُقاسَمتهم بَعْضاً من مقترحات وملتمسات الطلبة وهيئاتهم المدنية.

كما انتقل الخطّ الفكري للفاعل الطلابي إلى مُستوى مناقشة رهانات التغيير، وفقه الإصلاح ومآلاته، وترسيخ قيمة الحوار والمدافعة السلمية، وتجاوز داء التّجسيد الذي اعترى بعض الفصائل الطلابية وإتاحة الفُــرصة للطلاب لينتقلوا من موقع “اللاَّ أُبالية” إلى موقع “المُشاركـة”، وتخصيص الجامعة بشعار ومبدأ “الجامعة أوّلاً”..إلخ.

تَحَوُّلٌ في النّفَس والأداء المُؤسَّساتي: حيثُ تمَّ تنظيم وقفة احتجاجية ضدّ اقتحام الأقصى، قيادة مبادرات تنسيقية، توجيه المُراسلات للهيئات والوِزارات والمؤسّسات الدستورية، التبنِّي الحقوقي لقضية المُعتَقَلين، الوقفات الوطنية أمام البرلمان، الوقفة الوطنية أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، التنسيق في معارك وحدوية، تنسيق الجهود التربوية والدعوية مع الحركة..إلخ.

التحوّل من العمل الطّلابي الذي يُخاطِب الطلبة فقط؛ إلى العمل الطّلابي الذي يهتمّ بالشباب: ندواتٌ حقوقية خارج أسوار الجامعة، ملتقيات وطنية، مُبادرات تنسيقية، عرائض ومذكِّـرات في شأن العمل الجمعوي والشباب، رفع أسئلة برلمانية حول قضايا الشباب والجامعة، ملتقيات التوجيه لفائدة تلاميذ الباكالوريا، والسعي لتأسيس المرصد الجامعي للحقوق والحريات..إلخ.

تحوُّل في المُـمارسة: إسنادُ المشروعية النضالية بالمشروعية المدنية القانونية، الانفتاح على النّخب الوطنية، ترسيخ أسيسة النّقد البنَّـاء، تعميق العلاقة بقضايا متعدّدة “مُجتمعيا، سياسيا، وطنيا، دوليا”، التحرُّر من سَقْف اليومي والنزوع نحو الاستراتيجي، رصيد نضالي وأخلاقي مُعــتَبَر..إلخ.

تحوٌّل في إطلاق المُبادرات: المُبادرة الطلابية ضدّ التطبيع والعدوان، المبادرة الطّلابية لإنهاء العنف بالجامعة، مبادرة دعم الطالب السّجين، مبادرة المحمدية للاحتجاج على استهداف الوحدة الترابية، مبادرة دعم الطلبة الباحثين، مبادرة ملتقى الدعاة الشباب، الملتقى الوطني للمهندسين، الملتقى الوطني للأطباء، الملتقى الوطني للإعلاميين الشباب، الألمبياد الوطني في المالية الإسلامية، الدوريات الرياضية، مبادرة القلم الذهبي والريشة المــقاوِمة، الأكاديمية الصيفية لأطر الغد، الملتقيات العلمية التخصُّصية، المنتدى الوطني للحوار والإبـداع الطلابي..إلخ.

تحوّل على مُستوى الاحتجاج والإنتاج: تقديم مُلتمسات وعرائض كشكل جديد من أشكال الاحتجاج والنضال التـرافُعي، إعداد مذكّرات مطلبية، تعزيز حركة النشر والإنتاج المعرفي والفكري والعلمي..إلخ.

تحوّلٌ في إدراك الواقع والموقع منه: تقديمُ إجابات مُركّبَة واستباقية للتحديات المُحيطة بواقع الشباب الجامعي والمتأثِّر بالمتغيّرات التي يعيشها الوطن والأمّة، المشاركة في إحياء الاتحاد الطلابي المغارِبي من أجل “فعل” طلابي ناهِض بالأوطان ومختَــزِنٍ لأفكار ومشاريع تُــحَوِّل مسار الزمان وتستعصي عن البِلى الذي ابتُلِيت به السياسة والسلطان في أوطاننا المغاربية، الوعي بطبيعة تحولات الدولة والمجتمع بعد الربيع الديمقراطي العربي والبحث عن موقع منسجِم مع المبادئ والمواقِف والاختيارات وروح العصر..إلخ.

هذا فضلاً عن جُملة من التَّـحَولات التي عَنِيَت بالجانب المنهجي والتنظيمي أفقاً لتصويب المعادلة المدنية والاجتماعية للمنظّمة، وخدمةً لمراقِي الدعوة الحضارية التي تتبنّاها، وسعياً دءوباً للمراجعة الدائمة للمناهج والبرامج والمخطّطات وأسلوب العلاقات، وحِرصاً من القائمين بالعمل الطلابي على الاستعانة بأحدث الموجِّهات وأنجع التوصيات لتَمنيع الفكرة والمشروع من أي ارتباك أو تفكُّك؛ وذلكَ بالقيام بمهام (التوجيه التّشخيصي) حالَ انــطلاق السَّنة النضالية والدراسية والتربوية، و(توجيه المُحافَظة) على ما تُراكِمهُ المنظّمة من مُنجزات على مختلف الأصعدة، و(توجيه الاستيعاب) الذي يقوم بحَلّ ما يواجه المنظّمة ومناضلوها داخليا وخارجيا من سلوكيات ومواقف قد تُغيّر مسارها عن مسالكه الصحيحة، و(توجيه الاستمرارية) الذي يهدف إلى دفع عملنا الطلابي ليَسْتَـمِرّ في خطّ سيره الأصيل، ويَدوم في حركته وعطاءه مهما كانت التحديات، و(توجيه التقويم) الذي يَـقوم بعمليات التقويم للأزمة، وللأشخاص، وللأفكار، وللأشياء في المنعطفات المختلفة للفعل والممارسة، و(توجيه التّوريث للتّغيير والتوريث الاستراتيجي للمشروع) بمعنى التفكير في المناهج، وكيفيات ووسائل توريث الرسالة التّغييرية بين الأجيال المختلفة، كَيْمَا تواصِل المنظّمة _ بعون الله _ فعلها الإصلاحي دونما انقطاع وتمرد على الأصول، و(توجيه تنمية الوعي مع حركة التغيير) وفيها يُطلَبُ تجنُّب تخلّفِ الوعي التّغييري عن هموم الشرائح الطلابية والفئة الشبابية والمُجتمع إجمالاً، ومتطلّبات المرحلة، وضرورات التبدّل الزمكاني.. إلخ. وافتكاكاً لمسارٍ مــغايِرٍ لما استقرَّتْ عليه بعض الفصائل وأوقفَت عنده “التاريخ” وتَــجَنّت على “الطالب- الإنسان”، حتى أضحت تتراكَب في الـــمِخيال الجَمعي للطلبة والمجتمع والدولة صُورة تتأبّى عن الفــهم لكثافة الغيوم ولــظلام المعاطِب التي ألْصَقَـتْهَا بعضٌ من تلك المكوّنات بنفسها وتاريخها وحاضرها وواقع الحركة الطلابية ومُستقبلها.

مناضلي مناضلات التجديد الطلابي؛ معشر الطلبة البَــرَرة:
إنَّ منظمة التجديد الطلابي قد رسمت لنفسها طريقاً بانت بعض نتائجه، واخْـتَطَّتْ مساراً فريداً على مُستوى المراجعات، وتقدّما ملموساً على مُستوى المبادرات، ووضوحاً وافيا على مُستوى المرجعية والتصورات، ووفاءً لا يُــخْرَم على مُستوى المواقف والتضحيات والــــمُنجزات، ومقاصِدية عالية على مُستوى الاختيارات.

إن منظّمة التجديد الطلابي مِن الطلاب وإليهم، مِــرآةٌ عاكِسة لقضاياهم وانشغالاتهم، تجمُّــع إصلاحي يضمُّ لفيفاً من المناضلات والمناضلين المتطوّعين في صُفوف الدعوة والمتصدّين لدعوات الانسحاب من المجال العام والعجز والكسل والراغبين في تجديد العقل المسلم والعاملين لرُقِيِّ الجامعة وتماسُك المُجتمع وإصلاح الوطني ونهضة الأمّة ورَشاد الحضارة الإنسانية المُعاصِرة. إنّ المنظّمةَ لا تُــعـبِّر بشكل قوي وحيوي عن جانِبٍ من هويتها وواجهات عملها وأهدافها إلا بــكُم وعَــبْرَكم، ومن خلال انخراطِكم تجترِحُ مساراتٍ مليئة وقويمة.

فالمنظّمة مَدرسة للتأهيل والتربية والتكوين والعمل العلمي، والمنظّمة ضمير للنضال عن همومكم والدفاع عن حقوقكم والترافع من أجل النهوض بأوضاعكم، والمنظّـمة سفير للمشروع الإصلاحي الإسلامي المعتدل، تمارِس وظائفها في التأطير والتأثير وضخِّ شرايين الوطن والمجتمع بدماء شبابية جديدة قوية ومؤمنة برسالتها، والمنظّمة مــؤسَّسة وجمعية مدنية قانونية بقيادة واحدة، لمشروع واحد بتنظيم جامع. هذه دعوة مفتوحة للتعرّف علينا، لقراءتنا، لإبــرام “صفقة” جماعية ناجحة مع الله سبحانه، للتـَّــصَــوُّنِ من هَدْر الطاقات فيما لا طائل من وراءه، للاستثمار في “زمن طلابي عابر” مــؤثّر في الــمحيط والأفراد والجماعات، للتــمكُّن من الإسهام في تخريج كفاءات طلابية مُحصّنة ضدّ التّطييف والتّزييف والتحّريف بما حصّلته من التزوّد والاطلاع والتّــثقيف، وبما استوعبته من “معنًى” لمزاولة أدوار مهمة في الحياة.

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما تــــوفِقيَّ إلا بالله
والله من وراء القــصْد؛ وهو يهدي السبيل.
مع أطيب التحيات.