وجهة نظر

لا بل شهيدا شهيدا شهيدا

حلت هذا الأسبوع الذكرى 22 لمجزرة المسجد الإبراهيمي بالخليل، وكما قال القائد الشهيد أبو عمار عندما حاصره العدو الصهيوني بمقر القيادة في رام لله:” ..يريدونني أسيرا طريدا قتيلا لا بل شهيدا شهيدا شهيدا”، والواقع أن الشعب الفلسطيني بما سطره من كفاح أسطوري ضد الصهاينة المحتلين، وما قدمه من تضحيات تعجز عن مجاراته دول ناهيك عن منظمات، فهذا الشعب يجسد مشروع الاستشهاد على أرض الإسراء و المعراج، طبعا لا أقصد زمرة التنسيق الأمني مع المحتل الصهيوني، إنهم القادة العظام ومن كل فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة المباركة، ونحن نعيش أجواء انتفاضة الأقصى بعد تجاوزها 150 يوم، حيث قدم فيها الشعب الفلسطيني أزيد من شهيد200، إننا في هذه الظروف نحتاج إلى استلهام توجيهات قادة التحرير وتذكر سيرهم في التضحية والكفاح.

لقد ابتلي الشعب الفلسطيني بأسوأ استعمار عرفته البشرية، فلا فرق عند هذا المحتل بين طفل أو امرأة بل حتى الجنين يمكن قتله حسب فتوى حاخاماته العنصريين، ففي الخليل سنة1994 قام مستوطن من أصول أمريكية يدعى”باروخ كولدشتاين” بمجزرة، لقد قام هذا المتطرف بالدخول من الباب الخلفي للمسجد الإبراهيمي أثناء تأدية الفلسطينيين صلاة الفجر، حيث ألقى بقنبلتين وأطلق رشاشه الأوتوماتيكي على المصلين ، فكان أزيد من 29 شهيد وعشرات الجرحى، أليس هذا هو الإرهاب ؟ وهل الذي يصلي يعد هدفا عسكريا يجوز قتله ؟ فكل هذا لا يستوجب قرارا دوليا يضع الصهاينة في قائمة الدول الإرهابية ، نقلت قناة الجزيرة مؤخرا عن بعض نواب الحزب الجمهوري الأمريكي مطالبتهم بوضع جماعة “الإخوان المسلمين” المصرية في قائمة المنظمات الإرهابية، أنه الكيل بمكيالين فالإرهاب تهمة تستعمل ضد من يعادي مصالح الدول الكبرى.

إن الشعوب التي تدافع عن استقلالها و بكل الوسائل الممكنة، ليست ملزمة باحترام كل ما يصدر عن أعدائها من احكام ، فكل الشرائع الأرضية والسماوية تؤيد مقاومتهم المسلحة المشروعة لطرد المحتل، ولتجعل هذه الشعوب تجارب قادة الكفاح نبراسا لها، فهناك الكثير منهم و سنكتفي بذكر البعض منهم، كـ” محمد بن عبد الكريم الخطابي ـ نيلسون منديلا ـ تشي غفارا ـ هوشيمين..”، و الشعوب التي تحررت بعد تقديمها تضحيات جسام، فجائها الخلاص من المستعمر معمدا بدماء الشهداء، والشعب الفلسطيني بدأ مسيرة التحرر بالسكاكين وهي أول الغيث، ومن كان له مثل هذه القيادات لا ريب أنه سينتصر ، وسنختار بعض النماذج من أقوال زعماء التحرر الوطني الفلسطيني، البداية مع قائد منظمة “فتح” الشهيد أبوعمار لقد ساومه العدو الصهيوني على القدس فرفض التنازل، وقام بإنشاء كتائب شهداء الأقصى سنة 2000 وهي جناح عسكري تابع لـ”فتح”، فكان قرار الصهاينة هو تصفيته بدس سم “البولونيوم” في طعامه عبر العملاء، و أثناء حصاره بمقر قيادته بـ”رام الله” ظهر معدن الرجل حيث قال:”..يريدونني طريدا أسيرا قتيلا، لا بل شهيدا شهيدا شهيدا”، والثاني هو الشيخ المجاهد الشهيد “أحمد ياسين” مؤسس حركة “حماس” وجناحها العسكري “كتائب عز الدين القسام”، و قد تم اعتقاله بتهمة دعوته من فوق المنبر للشعب الفلسطيني المنتفض باستعمال السكاكين ضد جيش العدو وتصفية العملاء، حكم عليه بالمؤبد زائد 15 سنة بتهمة التحريض على اختطاف جنود العدو، لكنه قضى منها 8سنوات وخرج بعد عملية “الموساد” الفاشلة ضد خالد مشعل، وكان يطلب الشهادة دائما وأخر كلماته قبل استشهاده هي:”..أملي أن يرضى الله عني..”، كما قال القائد الشهيد الرنتيسي من “حماس”:”.. هل نحن خائفون من الموت، إنه الموت سواء بالقتل أو السرطان نحن جميعا ننتظر أخر يوم في حياتنا، لن يتغير شيء سواء كان بـ “لأباتشي” أو بالسكتة القلبية أنا أفضل “الأباتشيي”، وكان كما تمنى حيث استشهد بقصف الأباتشي، فالله لا يعطي شرف الشهادة لمنافق “..إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا..”.

خلاصة القول إن الشعب الذي توجد فيه قيادات مؤمنة صادقة لا تخشى الموت، بل تطلب الشهادة لاشك أنه سينتصر ولو بعد حين