وجهة نظر

فلسفتي في دعم مظلومية أساتذة الغد

إن مبدأ دعم المظلوم عندي يتقعد على امرين: الاول اشعار الظال وتحسيسه على انه يمنع حقا بطرق غير مشروعة، واشعار المظلوم على ان حقه مطلوب وقد ينتزع باساليب مشروعة وسلمية حضارية.

فاذا كان للظالم قلب سديد اعاد الحقوق الى اهلها، وحكم لصالحهم بالعدل. اما اذا لم ينتصر للمظلوم ومن اصطف بجانبه، فان المسؤولية عما يترتب عن الظلم تصبح محدودة في الظالم وغير عامة، ونبق بعيدين عن مقولة “هذا مجتمع ظالم” لا ناهي فيه ولا منتهي.

واذا اتى زمان على الظالم رجح له فيه انه ظالم، لا يعذل الا نفسه، ولا يجد منفذا ليدعك من كان ينتظر منه ان ينصره بثنيه عن جرمه. ونتيجة هذا المبدا تتمثل في جعل الظلم تمارسه جهة واحدة لا جهات، وجعل نتائجه محدودة اكثر مما يتوقع جريه حينما تكون الاطراف المناصرة له عديدة.

فالسكوت عن الظلم يعني المشاركة فيه، ودعمه ومباركته، اما دعمه ماديا وتشجيعه كتابة، ولي الاعناق للاسانيد وتطويعها… فان ذلك دود، يشعر الظالم على انه على حق، وان تراجعه حتى اذا تبت انحرافه، يصبح عسيرا واعتذاره غير مستساغ. وقد ينطلق من شواهد كتاب الزور، ليجد فيها ما يتعلل به للمضي والتفنن في مسالك الظلم.

وعليه فان الدفاع عنه ومناصرة المظلوم لا تنتهي الى خسارة الدفاع، فاذا انتزع المظلوم حقه فذلك شرف لمن عضده، واما اذا عجز فان من نصره لا يخسر، ولا يتحمل تبعات الظلم الجاري عليه. بل ان الظالم حتى وان افلت مرة يحذر فيما يأتي مما يقبل عليه من جولات الظلم فتكون صولاته اقل تجبرا، بل قد ينصلح حاله اكثر مما كان.

والظالم غدا، حتما ياخذ بتلابيب المتفرجين، ويفركهم لتركهم لعنانه، ووقوفهم دون تنبيه ونصح… وحينها يكون ناصري الظلم امام ناقمين، لوم ظالم لم يجد من يرشده الى قبح استبداده، وسخط مظلوم ضاعت حقوقه بسبب كلمة صغيرة، لم تجد شفاها تصوبها في الطريق الى من يستحقها.

ولعله من اقبح كلمات تخرج من الافواه تلك التي تعضد التدليس على المظلومين، وتسوقهم الى فخاخ الظالم. تلك الاشارات التبيطية لعزائم المظلومين شقيقة تشجيع الظالم. لا فرق بين خبث اللسان المشجع للظالم، والفقه الداعي الى الخوف من الظالم.

هذه فلسفتي ومبدئي في دعم الاساتذة المتدربين، لن يزيدني انتصارهم في معركتهم الا سرورا، كما ان نصحي هو حق للمسؤول، الذي لن يضره ضجري ان هو كان صائبا، وفي منأى عن الخطأ.

ولا ادعي انني اتزعمهم او اشير عليهم، ولا اتمنى ان يرتموا في حضني، كما اني لا اصبو الى ارتماء احد في حضني، فهو فارغ ولا قوتة له ولا حول. ولعلي ساسر واحسب صنيع طي حزنهم لمن طاب مسعاه فيه.

كم ملف انتزع فيه الظالم تأييد فضوليين، زينوا له الصناعة بالمشورة الدنيئة، واعانوه على اضاعة حقوق العباد، لكن تضييع الحق شحذ فيهم الحمية، فافسدوا ما بقي من حياته، وتجندوا لمواجهته بالحق والباطل حين استغنوا عما عنده.

لذلك، فان كلاهما، اساتذة الغد ومحاوريهم انا في مصلحته، انبه من يعتقد انه مظلوم الى التمسك بحقه، وانبه من يعتقد المظلوم انه عنده حقه حتى يرده اليه ان كان الامر كذلك. وكل ذلك يشمل من يساند هذا او ذاك بنية الصالح العام. فان اريد الاصلاح حقا لن أصل إلا الى إصلاح ذات بينهما.

ملحوظة: أي تطابق للفظة الظالم والمظلوم فهو غير مقصود