وجهة نظر

الجدل القانوني محسوم لصالح أساتذة الغد

قبل التعليق على الجدل الدائر حول أحقية الأساتذة المتدربين في عدم الخضوع لمقتضيات المراسيم المحدثة بداية الموسم التكويني الحالي، ولتسهيل فهم الجدل لابد من الإشارة إلى أهم أركانه، وفي هذا الصدد نقدم المعطيين الأساسيين الآتيين:

ـ29 يونيو 2015 إصدار المذكرة رقم 090 ـ 15، حيث وضعت جدولة أنجز خلالها وضع الوثائق والانتقاء الأولي وإجراء المبارتين الكتابية والشفهية، انتهاء بتسجيل آخر المترشحين الناجحين يوم 08 أكتوبر 2015؛ ليسدل الستار عن كل ما يتعلق بالمباراة ووشك انطلاق التكوين.

ـ 08 أكتوبر 2015 نشر المرسومين 588 ـ 15ـ 2 و 599 ـ 15ـ 2 بالجريدة الرسمية عدد 6402، بعد انهاء كل ما يتعلق بإجراءات فوج 2015 ـ 2016. أي أن المرسومين لا يتعلقان إطلاقا بالمذكرة المنظمة لولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين برسم موسم 2015 ـ 2016.

ولعل اللبس يكمن في الخلط بين دلالتي عبارتي الإصدار والنشر؛ فالإصدار يعني انتاج المرسومين من قبل الوزارة والمصادقة عليهما داخل المجلس الحكومي، أما النشر فعملية مرتبطة بالجريدة الرسمية كإجراء ضروري؛ أي أن الصدور لا يكفي لتنفيذ مضامينهما، وإنما يشترط انتظار النشر.

بشكل بسيط إذن، ومهما كانت الحجج التي تتمسك بها الحكومة وبعض المتطفلين على الموضوع، يظل النقاش القانوني في صف أساتذة الغد. فالحجة القانونية للمرسومين لا ترتبط بتاريخ إصدارهما من قبل الوزارة أو المصادقة عليهما من طرف الحكومة ولو تم ذلك قبل عشر سنوات، ولم يتحقق شرط النشر.

وعليه، فإن دغدغة عواطف العامة من المواطنين، وتوجيه حتى بعض المسيسين بكون الأساتذة المتدربين علموا بصدور المرسومين قبل التقدم للمباراة، وأنهم قبلوا بذلك، لا يكفي لجعل تمرير الأمر ينطو حتى على البسطاء من المنتمين إلى الفعل السياسي والقانوني، ولا يصدق هذا الخطاب إلا المغفلين.

لكن من الضروري في هذا الصدد الإشارة إلى أن مصدر الالتباس الحاصل عند الكثيرين يعود إلى مسألتين:

ـ تتمثل الأولى في لحظة إصدار المراسيم والمذكرة المنظمة للمباراة وإصدار المرسومين بالجريدة الرسمية وهي الصيف، التي لا يليق أخلاقيا أن تتخذ خلالها قرارات كبرى من هذا المستوى.

ـ أما الثانية فترتبط بغياب فاصل زمني بين ثلاث أحداث والتقارب الشديد لتواريخ وقوعها. فقد تقارب حدث إصدار مذكرة مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وحدث إصدار المرسومين ونشرهما بالجريدة الرسمية.

ولإزالة الغبش القائم، ننبه إلى أن زمن الإصدار وتقارب الأحداث لا يستحق أن يكون حجة لإكراه الأساتذة المتدربين على قبول ما يتمناه الكثير من المرضى، الذين عبروا عن مواقف سلبية اتجاه أساتذة الغد دون عناء إزالة العي الأدبي قبل القانوني.

وإنما الذي يستحق الانتباه إليه، والذي يمتلك القوة الرادعة للحكومة وأساتذة الغد، هو الصواب القانوني، المتمثل في تاريخ نشر المراجع القانونية للمذكرة وميلادها الحقيقي والمحصور والمقيد أشد التقيد في الظهور بالجريدة الرسمية لا غير.

وما دامت مذكرة المباراة قد سبقت حدث نشر المرسومين؛ فإن مجرد إمضائهما من قبل مجلس الحكومة لا يعني أي شيء ما لم ينتقلا إلى مرحلة النشر بالجريدة ليصبحا طبقا للقانون ساريا المفعول.

أما كون المباراة أعلنت قبل صدور قانون المالية، فإنه لا أحد ألزم الحكومة بإعلان المباراة، وتسجيل 10 آلاف أستاذ متدرب، لتعلل بعد ذلك التخلي عن قسط منهم بأي مبرر.

وعليه فإن عين الصواب تقول: إن صدور المذكرة للعموم ـ ولو قبل ساعة من نشر المرسومين بالجريدة الرسمية ـ قد حسم الجدل القانوني لصالح أساتذة الغد، وأن ما تفعل الحكومة ـ إلى حد الآن ـ مجرد تعطيل حقهم في التكوين.

ـــــــــــ

د. سالم تالحوت / أستاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدار البيضاء الكبرى
عضو مؤسس للجبهة المحلية لدعم نضالات الاساتذة المتدربين والدفاع عن المدرسة العمومية