ملف

هذه ملاحظات مجلس بركة بخصوص مشروعي قانون الأسرة والمناصفة

صادق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الخميس الماضي، في دورته 58 العادية، على رأيه الاستشاري في مشروع القانون رقم 79.14 المصادقة يتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة أشكال التمييز، مشروع رقم 78.14 المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.

وأكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نزار بركة، أن القانونين لهم أهمية قصوى، بحكم أن الدستور أكد على أهمية هذه الهيئات الدستورية التي ستساهم في التوصل إلى المساواة بين الرجال والنساء، وتوطيد وتقوية الأسر، التي تشكل الأرضية الأساسية لتطوير المجتمع ولضمان التكامل والضامن بين فئاته، وكذلك الطفولة التي تشكل أرضية خصبة لبناء المواطنة الحقيقية في بلادنا.

ملاحظات حول المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة

عدد مجلس بركة، مجموعة من الملاحظات التي اعتمد فيها على قراءة نقدية بخصوص رأيه الاستشاري في مشروع القانون رقم 78.14 المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، إذ أكد غياب ثلاثة أبعاد أساسية في الدستور، وهي مبدأ المناصفة، والبعد الجهوي، والبعد المتعلق بالهشاشة.

وأضاف المجلس، بخصوص المشروع ذاته، والذي تتوفر جريدة “العمق المغربي” على نسخة منه، أنه من بين الملاحظات أيضا، والتي تندرج ضمن الشكل، لا يشتمل مشروع القانون على ديباجة تعرض بوضوح المبادئ التوجيهية المحددة للمجلس.

ومن بين الملاحظات الأخرى التي عبر عنها المجلس، تلك التي تتمثل في أن القانون لا ينص على آليات لاستشارة الأطفال علما بأن مشاركتهم في السياسات العمومية هو حق تنص عليه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، ولا على آليات لاستشارة الأسر، ويختلف على عدّة مستويات (سواء من حيث عدد الأعضاء، أو التأليف، أو الصلاحيات، البعد الجهوي ، سلطات الرئيس، مصادِر التمويل، الخ) عن المقترح الذي قدمته اللجنة العلمية.

وأضاف المجلس، أنه من حيث التأليف المقترح لا يضمن استقلالية وخبرة المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة ضمن المجال المؤسساتي بكيفيّة تكاملية ومنسجمة، على اعتبارات حددها في اعتماد مبدأ تمثيلية جميع الفاعلين، الأمر الذي يجعل من مشكلة المشروعية موضوع مساءلة؛ تمثيلية البرلمان بالصفة تطرح مشكلة حالة التنافي بين وظيفة البرلماني ووظيفة عضو المجلس، ويؤدي إلى التباس الأدوار.

وكذا تمثيلية الإدارة العمومية بالصفة تطرح مشكلة المشروعية إزاء المهام المتعلقة بالتتبع والتقييم التي هي من اختصاص المجلس، ثم صلاحيات الرئيس الواسعة جدا التي قد تحول حسب المجلس، دون تحقيق الحكامة الجيدة الداخلية، بالإضافة إلى أن الخبرة المنتظرة من الأعضاء ليست مضمونة، لأن أغلبية الأعضاء سيتم تعيينهم “بالصفة”، وينتمون إلى مؤسسات لا تهتم في المقام الأول بالقضايا المرتبطة بالأسرة والطفولة.

ومن جهة أخرى، ذكر المجلس، أن عمل المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة يقتصِر على إبداء الرأي بشأن الإحالات التي ترِد عليه، في حين يخول له الفصل 169 من الدستور مهمة “إبداء آراء حول المخططات الوطنية المتعلقة بهذه الميادين” دون قيد، كما أن إمكانية تمويل المجلس عن طريق صناديق أخرى غير الدولة، من شأنه أن يمس باستقلاليته.

التوصيات التي خرج بها المجلس بخصوص مشروع قانون الأسرة

خرج المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في رأيه الاستشاري، بمجموعة من التوصيات، التي تهدف إلى تعزيز مكانة المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة بِصِفتِهِ هيئة استشارية مستقلة للنهوض بالتنمية البشرِية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، حيث يعتبر أن نص القانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، ينبغي أن يستجيب للمبادئ التوجيهية، والتي حددها في مبدأ الاستقلالية والاختصاص والخبرة، وتعدد الاختصاصات ومجالات العمل، ومبدأ العمل الجماعي والنجاعة، ثم مبدأ التعدد.

ومن بين التوصيات، توصية تتعلق بـ”الصلاحيات” حيث تضم إعادة صياغة المادة الثانية المتعلق بالصلاحيات، من خلال إبداء الرأي بطلب من الملك، أو رئيس الحكومة، أو مِن رئيسي البرلمان، حول مشاريع القوانين والمراسيم التطبيقية والاتفاقيات والمواثيق الدولية، أو أية مسألة ذات صِلة بمجالِ اختصاصه، وضمان تتبّع تطور وضعية الأسرة والأطفال على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذا ضمان تقييم منجزات السياسة الأسرية والسياسة المندمِجة لحماية الطفولة، وأخيرا إنجاز إحالات ذاتية حول مختلف القضايا التي تتعلق بالأسرة والطفولة.

توصية أرخى خرج بها المجلس، وتتعلق بـ”التأليف” حيث يتخللها ضمان تأليف متنوع من الخبراء من مختلف المجالات ذات الصلة بقضايا الأسرة والطفولة، المنحدرين من مؤسسات المجتمع المدني المنظم (الجمعيات، الهيئات النقابية، المنظمات المهنية) والمؤسسات الدستورية المعنية بقضايا الأسرة والطفولة.

توصيات المجلس بخصوص مشروع المناصفة

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بخصوص رأيه الاستشاري في مشروع قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، بتوضيح اختصاصات الهيئة مضيفا أنه يتعين أن ينص مشروع القانون بوضوح على أن باقي أشكال التمييز الأخرى هي من اختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وأوصى المجلس، في المشروع ذاته والذي تتوفر “العمق المغربي” على نسخة منه، يؤكد مشروع القانون على أن صلاحيات الهيئة تتجلى في محاربة كل أشكال التمييز بين النساء والرجال والنهوض بالمساواة، وكذا إعادة النظر في تأليف هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، بما يضمن استقلاليتها وعملها الجماعي المشترك ومصداقيتها وتطوير خبرتها، انسجاما مع الدستور نصا وروحا.

وأضاف المجلس في التوصيات ذاتها، توسيع مجال تدخل هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وعدم حصره في “مناحي الحياة العامة”، بحيث تخول لها صلاحية التدخل، بناء على إحالة توجه إليها أو في إطار الإحالة الذاتية، من أجل التحقيق الفعلي لمبدأ المساواة ومكافحة حالات التمييز بين الجنسين، وأيضا فيما يتعلق بضمانات عدم التمييز، في الوسط التربوي والتعليمي، وفي السجون، والوسط المهني، وفي الوظيفة العمومية وفي القطاعين العام والخاص.

كما دعا المجلس، تعيين غالبية أعضاء هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز على أساس الصفة الشخصية الاعتبارية، وتعزيز تمثيلية المجتمع المدني المنظم، وخاصة المنظمات النقابية بغض النظر عن الانتماءات المهنية أو الحزبية، بناء على الخبرة المشهود بها في المجال والتعددية وتنوع التجارب وتكاملها.

وطالب المجلس في إطار التوصيات ذاتها، تضمين مشروع القانون المحدث لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز تعريفا واضحا لمبدأ المساواة، بوصفه مبدأ معياريا كونيا أساسيا، ومبدأ عدم التمييز، كقاعدة كونية وكوسيلة لتحقيق المساواة وحمايتها.

ومن جهة أخرى، أوصى المجلس الاقتصادي والبيئي الهيئة، باعتماد التوازن في مسطرة التعيين بين مختلف السلطات (تعيين الرئاسة وثلث الأعضاء من طرف الملك، والثلث من طرف الحكومة، والثلث من طرف البرلمان، وإسناد العضوية الاستشارية لممثل عن رئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان).

ومن بين التوصيات التي خرج بها المجلس، ضرورة منح حق رفع الشكايات إلى هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، لكل الأشخاص الذاتيين، بغض النظر عن جنسيتهم، ولذوي حقوق الضحايا، ولكل الأشخاص المعنويين، وخاصة المنظمات النقابية، والجمعيات المهنية، والجمعيات، بما في ذلك جمعيات حقوق الإنسان، والهيئات الأجنبية المماثلة.