وجهة نظر

شهادة في حق الحكومة

“أفضل حكومة هي تلك التي يوجد فيها أقل عدد من الأشخاص عديمي الفائدة” قولة شهيرةللفيلسوف الكبير فولتير الذي عرف بدفاعه المستميت عن الإصلاح الاجتماعي في عصر الأنوار ودفاعه عن الحريات المدنية، من هذا المنطلق وما لا يختلف فيه اثنان فإن حكومة عبد الإله بنكيران هي من أفضل الحكومات التي سيرت البلد، ليس فقط كونها تتضمن أقل عدد من الوزراء عديمي الفائدة،بلكونها حكومة الاستثناءات، فهي تولت المسؤولية بعد الحراك العربي أو ما يسمى بالربيع الديمقراطي، حيث تولى الحزب الأقوى في المعارضة رئاسة الحكومة وفي ظرفية صعبة توالت فيها الأزمات والمصائب إثر التدبير العشوائي لسنوات خلت،الشيء الذي خلق نوعا من الهيجان الشعبي وفقدان الثقة في كل المكونات السياسية التي شاركت في التسيير الحكومي سابقا.

والمتتبع للشأن العام وبشكل حيادي سيجد أن هذه الحكومة حققت نوعا من الأمن الاجتماعي والاقتصادي، فهي الحكومة الوحيدة التي نجحت في الحفاظ على أمن ووحدة البلد في اللحظة التي يعيش فيها دول الاقليم نوعا من الفوضى والتسيبسائرة نحو المجهول،كما ساهمت في توقيف المنحدر السلبي على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى التوازنات الخارجية وقد حققت مجموعة من الإنجازات، لم تحقق فيها الحكومات السابقة ولو جزء يسير منها، بالرغم من المحاولات المتعددة لإجهاض هذه التجربة، بدءا من انسحاب حزب الاستقلال وإجراء تعديل حكومي ثم تكالب مجموعة من القوى السياسية ضد إرادة الشعب في الاستحقاقات الأخيرة 04 شتنبر 2015 بعد أن حصل حزب العدالة والتنمية على الرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات وتسييره لمجموعة من كبرى المدن المغربية، وحتى لا تفوتني الفرصة فإن هذه الانتخابات حملت عدة رسائل واضحة لذوي النفوذ والتحكم، الذين يستغلون كل الثغرات القانونية والبنود الدستورية غير الواضحة، يلتفون عليها بدعوى الجاه أو المنصب مخلين بذلك المنظومة المواطناتية، وهذا جلي في اللوبيات المتحكمة في الاقتصاد الوطني، والتي تملك من القوة والنفوذ ما تغطي به على تصرفاتها وتضفي عليه طابع الشرعية، هؤلاء لا يؤمنون إلا بشئ واحد وهو المال، يشتري به السلطة ويحابي صناع القرار ليخدم مصالحه ومصالح معاونيه، في غفلة تامة عن المواطن العادي، هذا اللوبي ليس حديث الولادة في عهد هذه الحكومة أو التي قبلها، بل ولد إبان استقلال المغرب واستمر يحصد في ثروات البلد إلى أن سيطر على كل مؤسسات الدولة وأحاط بكل كبيرة وصغيرة، الشيء الذي زاد من تعقيد عملية الاصلاح.حكومة بنكيران استوعبت الظرفية جيدا،واختارت نهج الإصلاح في ظل الاستقرار وبشكل متدرج، مع تغليب مصلحة الوطن على أي شيء، وهذا النهج هو ما زاد من قوة وشعبية رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ببساطة خطابه وعفويته التواصلية وقدرته التنظيمية.

وما نراه اليوم من هجمات غير مسبوقة كشرت فيها قوى التحكم عن أنيابها بإعلامهم المضلل للحقائق والوقائع واستغلت فيها بعض الجهات الفرصة ممن ألفوا استغلال كل القضايا التي تمس بشعبية بنكيران أو حزبه أو الحكومة بشكل عام، فيما يتعلق بإصلاح منظومة التقاعد أو مطلب الأساتذة المتدربون. هذه الهجمات ما هي إلا تأكيد على نجاح بنكيران، وصورة واضحة للشعب عما يواجهه رئيس الحكومة من صعوبات وضغوطات، لأن الخصم يستعمل كل الوسائل للضرب في مصداقيته ومصداقية حزبه وبتمويلات ضخمة،فطريق الإصلاح ليست مفروشة بالزهور والورود بل مليئة بالأشواك، وتزداد حدة الهجمات مع اقتراب كل استحقاق، فهي حرب سنتها الديمقراطية حيث كل طرف أوكل جهة بأهدافها الواضحة والخفية تكرس جهودها وطاقاتها لإثبات أن الخصم لا يصلح للحكم.