منوعات

طارق يكتب عن “تأمين المحصول”: جدل له أساس من الصحة!

صدر اليوم بلاغ لشركة سهام يخبر الرأي العام توقيف الشركة المذكورة، للعمل بالاتفاقية الموقعة، يوم الأربعاء الماضي، مع كل من وزارتي الاقتصاد والمالية والفلاحة والصيد البحري، حول تأمين المحصول الزراعي من مخاطر التحولات المناخية، وذلك في انتظار انخراط جميع الفاعلين في مجال التأمينات بالمغرب الراغبين في هذا المنتوج استجابة للنداء الذي أطلقته وزارة الفلاحة والصيد البحري.

بلاغ الشركة أضاف أن قرار تجميد سهام تطبيق هذه الاتفاقية، يأتي في سياق الضجة التي أثارتها هذه الاتفاقية، والتي وصفها البلاغ بأنها عبارة عن: “جدل لا أساس له من الصحة”، معتبرا أن قرار الشركة بتجميد تطبيق الاتفاقية “أملته الرغبة في المساهمة بشكل جدي في نجاح تحرير قطاع التأمين باعتبارها فاعل مرجعي في هذا القطاع”. ويذكر أن وزارة الفلاحة كانت قد عممت من جهتها يوم الجمعة الماضية بلاغا في الموضوع، بررت من خلاله إبرام هذه “الاتفاقية “مع شركة خاصة رغبة منها في فتح باب مجال التأمين الفلاحي أمام القطاع الخاص، مذكرة أن الاتفاقية وقعت في إطار عقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.

وإذا كان توالد ردود الفعل من طرف الحكومة والشركة الخاصة، يوضح بجلاء الحجم الذي أخذه هذا الموضوع، بعد تفاعل بعض أعضاء مجلس النواب مع ملابسات توقيع الاتفاقية، فضلا عن متابعة وسائط التواصل الاجتماعي وجزء من الصحافة الإلكترونية، للملف فإن البلاغين المذكورين يستوجبان طرح بعض الملاحظات العامة:

أولا- من الواضح أن الانتقال من توضيح الإطار القانوني للاتفاقية من طرف وزارة الفلاحة، إلى قرار الشركة بتجميد تطبيقها، يبين حجم الارتباك الذي يلف تدبير هذا الملف، وصعوبات تطويق الأسئلة الحارقة، التي فجرتها هذه الاتفاقية أخلاقيا وسياسيا وقانونيا.

ثانيا- دعوة وزارة الفلاحة الفاعلين في قطاع التأمين إلى الالتحاق لتقديم عروض تهم مجال تأمين المحصول الزراعي، وتعليق شركة سهام لاتفاقيتها مع الحكومة في انتظار انخراط باقي الفاعلين بهذا المنتوج، يوضح ببساطة أن طرفي الاتفاقية يعترفان بشكل متأخر بأن تعاقدهما قد طاله بشكل سافر عيب غياب شروط المنافسة.

ثالثا: إعلان الشركة عن تعليق تطبيق الاتفاقية، يبدو كإجراء انفرادي، مثيرا للأسئلة حول طبيعته القانونية، خاصة أن الأمر يتعلق بعقد ثنائي للشراكة عام /خاص، مع الإشارة هنا إلى المرسوم المفترض أن تحضره الحكومة للمصادقة على هذه الاتفاقية، لم يصدر بعد.

رابعا: سواء بيان الوزارة أو بلاغ الشركة، لم يذهبا إلى عمق الموضوع، ولم يقدما أي توضيح حول الأسئلة الكبرى المطروحة في هذا الملف

– أسئلة الملاءمة: هل اللجوء إلى القطاع الخاص في هذا الموضوع له مايبرره؟ ماهي الكوابح التي تجعل الفاعلين العموميين عاجزين عن تغطية هذا المجال؟

– أسئلة الشرعية: هل موضوع عقود التأمين يمكن أن يكون موضوعا لاتفاقيات الشراكة عام/خاص؟ هل توقيع الاتفاقية احترم جميع المساطر والاجراءات المنصوص عليها في القانون المنظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفي المرسوم الصادر في شأن تطبيقه؟ ماذا عن احترام الاتفاقية لمبادئ الشفافية والتنافسية والولوج المتكافئ؟

– أسئلة شبهة الفساد في الموضوع: هل هناك تضارب للمصالح في هذا الملف ،من حيث ملكية وزير لشركة التأمينات التي وقعت اتفاقية مع الحكومة؟ هل هناك استغلال النفوذ في هذا الموضوع؟ هل استعملت المواقع الحكومية لخدمة المصالح التجارية الخاصة؟

قناعتنا راسخة -مع الأسف- أن هذه الأسئلة تعتبر جدلا له أساس كبير من الصحة.

والأيام بيننا.