وجهة نظر

الرابح خاسر

لم يعد يخفى على أحد أن الصراع بين الدولتين الإقليميتين “السعودية – إيران” الذي كان غير مباشر سواء في سوريا أو اليمن أو العراق، أصبح يأخذ الطابع المباشر. وخير دليل على ذلك هو الهجوم غير المبرر والعدائي تجاه السفارة السعودية في طهران عقب تنفيذ حكم الإعدام بحق عالم الدين “الشيعي” نمر باقر النمر، حيث كان بإمكان الأجهزة الأمنية في إيران أن تمنع وقوع مثل هذه الاعتداءات ضد أي سفارة بحسب ما تنص عليه الأعراف والقوانين الدولية.

إذن ما الذي دفع إيران بأن تسقط في هذا الفخ وبهذا الشكل؟ ألم تكن الدبلوماسية الإيرانية حكيمة ورزينة إلى درجت تتعامل مع الملفات الصعبة والمصيرية بنوع من الليونة وبعد النظر؟ ما الجديد إذن؟

إن الجديد في القضية هو عمى الطائفية والمذهبية البغيضة، التي تسيطر على بعض العقول الرجعية المتحجرة داخل إيران، إنه الصراع الشيعي “السني”، بني أمية في مقابل بني هاشم الذي يعيدنا إلى زمن الجاهلية الأولى.

ولذلك أصبح الصراع مباشر في كل مناطق التوتر التي تتعارض فيها وجهتي النظر بين الدولتين، نجد تواجدا لقوات عسكرية من الطرفين، ضباط سعوديون  في أرض المعركة وضباط إيرانيون، وخير شاهد على ذلك الإنزال العسكري في الجنوب اليمني للقوات السعودية، وتواجد خبراء من الحرس الثوري الإيراني في الأراضي السورية والعراقية وعلى رأسهم اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس.

في المقابل لم تكن حادثة الاعتداء وقصف السفارة الإيرانية في صنعاء بريئة فهي ردة فعل أكثر بلادة من إحراق السفارة السعودية في إيران، لأن كل المصالح الدبلوماسية في اليمن تتوفر القوات الجوية السعودية على إحداثياتها.

وعلى أساس كل هذا قد تكون الطائفية والمذهبية هي المنفذ الوحيد الذي ستنفذ من خلاله الدول الكبرى الاستعمارية لإعادة تقاسم مناطق النفوذ في هذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية، بحيث كانت عملية التقاسم تتم من خلال حروب مباشرة، لكن الآن أصبحت ورقة الطائفية هي البديل عن حروب تكلف الكثير وغير فعالة.