خارج الحدود

الانتخابات التشريعية تنهي القطبية الحزبية بإسبانيا

وجهت نتائج اقتراع الانتخابات التشريعية التي جرت يوم أمس الأحد في إسبانيا، صفعة قوية للحزبين التقليديين اللذين تعودا التداول على السلطة منذ سبعينيات القرن الماضي.

إلى ذلك، بعد فرز أكثر من 99 بالمائة من أوراق التصويت، كشفت النتائج عن فوز الحزب الشعبي ب 123 مقعدا في البرلمان من أصل 350 مقعد يضمها البرلمان الإسباني، بما يعني أنه خسر 63 مقعدا مقارنة بانتخابات 2011، وهي نتيجة لم تمكنه من الأغلبية المطلقة، فيما حل خصمه الحزب الاشتراكي ثانيا بحصوله على 90 مقعدا، ليسجل بذلك أسوأ نتيجة في تاريخه.

وكما كان توقع مراقبين واستطلاعات رأي، حقق الحزب الناشئ “بوديموس” من اليسار الراديكالي، انتصارا كبيرا، بالنظر إلى كونه لم يظهر على الساحة السياسية الإسبانية إلا قبل عام فقط، وهو الحزب الآتي من حراك “الغاضبين” عام 2011 في إسبانيا احتجاجا على سياسة التقشف التي كانت قد اعتمدتها الحكومة، وأيضا على الفساد، فارضا نفسة كقوة ثالثة في البلاد خلال تشريعيات أمس بحصوله على نسبة 20.66 بالمئة من الأصوات، مكنته من الظفر ب 69 مقعداً؛ كما أنه حل أولا في منطقة كاتالونيا المنطقة الغنية التي تطالب بالاستقلال، مع العلم أن “بوديموس” كان قد وعد بتنظيم استفتاء حول استقلال كاتالونيا.

وحل حزب”سيودادانوس”، وهو حزب ليبرالي ناشئ أيضا، رابعا بنسبة 13،9 بالمئة من الأصوات وفاز ب 40 مقعدا، وهو حزب استقطب إليه بزعامة المحامي البير ريفيرا (36 عاما) نسبة من ناخبي اليمين التقليدي ومن ناخبي “الحزب الإشتراكي”.

ومن بين ما أظهرته هذه النتائج، فشل استراتيجية رئيس الوزراء راخوي الذي اختار رفع شعار”بالجدية” خلال حملته التي هاجم خلالها حزب “بوديموس” من اليسار الراديكالي، متعهدا بالعمل على وقف صعود حزب ناشئ نال شعبية بين الفقراء، كما لم يسلم الحزب الآخر الناشئ “سيودادانوس”، من اليمين الليبرالي، من هجومات راخوي خلال الحملة وهو الذي بنى شعبيته بالاعتماد على قطاع الأطر الشابة.

ويرى مراقبون وسياسيون في إسبانيا بأن هذه النتائج تظهر بالفعل عن “صعوبات في حكم البلاد”.

وسيكون الحزب الشعبي مجبرا على البحث عن تحالفات لتشكيل الحومة المقبلة، إلا أن هذه الطريق ليست بالأمر الهين على راخوي، خصوصا.  حتى مع دعم 40 نائبا من الحزب الناشئ الليبرالي، “سيودادانوس”، رابع قوة سياسية (13،9 بالمئة) سيجد الحزب الشعبي صعوبة في تشكيل ائتلاف، خاصة أن “سيودادانوس” استبعد هذا السيناريو وقال إن كتلته ستمتنع عن التصويت لمصلحة راخوي.

فيما قال راخوي عن الحزب الشعبي، بعد ظهور النتائج، إنه سيحاول تشكيل حكومة، مضيفاً أمام المئات من أنصاره، أنه “سيتعين إجراء الكثير من المباحثات والتحاور والتوصل إلى اتفاقات”، فيما عبر رئيس الحزب الشعبي بيدرو سانشيز، على انفتاحه على “مرحلة جديدة من الحوار” في إسبانيا.

من جهة أخرى، باتت هيمنة الحزب الاشتراكي “التاريخية” على اليسار مهددة مع صعود حزب “بوديموس” وحلفائه، وأعلن ايغليسياس “ولادة إسبانيا جديدة مع وضع حد لنظام التداول” بين الحزبين المهيمنين منذ نهاية عقد السبعينيات، مطالبا بإصلاح دستوري لضمان حقوق السكن والصحة والتعليم.