وجهة نظر

السلطان و القيصر

أين سقطت الطائرة الروسية؟ هذا سؤال يجيب عنه بكل يقين و تبرير محللوا الطرفين، متابعا قناتي الجزيرة و الميادين، خبراء القناتين كل يعطي بالحجة والبرهان الدليل على أن الطائرة اخترقت المجال التركي أو سقطت كما تريد الجزيرة أو أسقطت في الأجواء السورية كما تريد الميادين مثلا.

تركيا استبقت تداعيات إسقاط الطائرة بدعوة الناتو باعتبارها عضو مهم في التحالف و تعتبر بجيشها أحد أهم جيوش الناتو، دعوتها احياء لتراث الحرب الباردة بين حلفي الناتو و وارسو سابقا، لكن هل يفكر الغرب في أي صدام مباشر مع موسكو؟ للمحورين رغم اختلافهما في مسألة بقاء النظام السوري من عدمه مصلحة مشتركة في حرب تنظيم داعش اخترقت أو هوجمت، في الكلتا الحالتين الطائرة كانت فتيل أزمة قد تنتهي إلى ما لا يحمد عقباه بالنسبة للجانبين، و الطرفين استدرجا إلى الوحل السوري بكل تفاصيله، روسيا الآن تتحدث عن اسقاط طائرة مروحية عسكرية في مناطق المعارضة السورية، خبر كمثل هذا قد ينتقل بموسكو من حربها الخفية ضد المعارضة و المموهة بحرب على التنظيم إلى إدراج معلن للمعارضة السورية ضمن الإستهداف الروسي.

يذكرني استدراج أوردغان باستدراج صدام، مع فارق الإختلاف الكبير، لكن و كما تخوف الصحفي محمود سلطان في مقاله بجريدة المصريون من حرب تجر إليها تركيا لتفكيكها و إضعافها بعد النقلة التاريخية التي أحدثها الزعيم التركي، فإن المنطقة مقبلة على أيام سوداء، حتى و إن مرت حادثة الطائرة بأخف الأضرار، فمسيرة التحرش المتبادل قد تشعل المنطقة في أي لحظة، للإشارة فقط ، تركيا ليست كما لبنان حين فرضت عليها روسيا غصبا و بدون إعلام تغيير مسارات رحلاتها الجوية المدنية إلى مطار بيروت فقط لأن موسكو تنفذ أو تستغل المجال اللبناني في قصف سوريا من قواعدها و بوارجها البحرية.

الإعلام يصور بوتين كزعيم قوي الشخصية سريع الإنتقام لا يأبى بالضيم، عنيف في رده و شديد في قبضته، يشبه بالقيصر بطرس الأكبر أحد أعظم قياصرة روسيا و مؤسس امبراطوريتها الكبرى في القرن الثامن عشر ميلادي، كما قال منذ سنة وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر حين رأى أن بوتين يتصرف كالقيصر بطرس الأكبر في رده على استفزازات الغرب، في عالمنا العربي، بوتين محتفى به من تيارات الممانعة وبعض من اليساريين و المتعاطفين و فلول الأنظمة المسقطة إبان ما يسمى بالربيع العربي، بينما الزعيم أوردغان فهو شخصية الإخوان و المتعاطفين مع المعارضة السورية و شرائح شعبية أخرى, إسقاط الطائرة أحدث ضوضاء تحليلات و تعليقات مؤيدة للزعيمين.

سوريا بعد أن ضاعت في حربها الأهلية، باتت اليوم مستنقع ضياع دول واعدة قوية مثل تركيا و إيران و روسيا، الرابح و الخاسر؟ سؤال جوابه يتطلب التحيين حسب ما تداعيات الأزمة، روسيا تتجه للتمركز أكثر في سوريا و أن تتدخل مباشرة في الصراع الأهلي و هي تمتلك الآن أكثر من سبب، و هي في زحفها تتحرش بالثلاثي الداعم للمعارضة السورية، الأيام أو السويعات القادمة حبلى بالإجابات و التطورات و الباب مفتوح على جميع السيناريوهات.