أخبار الساعة

تقرير: تغيير أنماط الاستهلاك ضرورة حتمية لمواجهة هدر الموارد بالعالم العربي

حث التقرير السنوي للمنتدى العربي للبيئة والتنمية، الذي يتخذ من بيروت مقرا له، على تغيير أنماط الاستهلاك بالوطن العربي لمواجهة تبذير وهدر الموارد، خاصة الطاقة والمياه والغذاء.

واعتبر التقرير، الذي يحمل عنوان “البيئة العربية…الاستهلاك المستدام”، والذي قدم خلال المؤتمر الثامن للمنتدى المنعقد ببيروت يومي 16 و17 نونبر الجاري، أن السبب الرئيس للهدر والتبذير في الموارد الطبيعية في الوطن العربي، من الماء والكهرباء والغذاء، يرجع إلى ” الدعم غير المتوازن لهذه الموارد” من قبل الحكومات، وإلى غياب “سياسات الاستهلاك المستدام”.

وأبرز التقرير، الذي ساهم في إعداده أكثر من 100 خبير، أن المنطقة العربية الغنية بالطاقة، و”التي تعاني شحا مائيا ونقصا غذائيا”، هي من أكثر مناطق العالم عرضة لتغير المناخ على المستويين الاقتصادي والبيئي.

ولمواجهة هذه الظواهر الاستهلاكية والتغيرات المناخية، دعا التقرير، الذي بني على استطلاع للرأي أنجزه المنتدى بـ 22 بلدا عربيا، إلى تطبيق ما سماه بـ “مقاربة التلازم في إدارة الموارد الحيوية الثلاثة (الطاقة والمياه والغذاء)”.

ويشير التقرير، وهو الثامن الذي يصدره المنتدى، إلى أن المواطن العربي أظهر استعدادا لتغيير عاداته الاستهلاكية شرط أن تضع الحكومات “سياسات استهلاك مستدام”، موضحا أنه في حالة خفف المواطن العربي، على سبيل المثال، معدل استهلاك اللحوم الحمراء بنسبة 25 في المائة، أي من 17 كيلوغرام للفرد في السنة حاليا، يمكن للحكومات “توفير 27 بليون متر مكعب من المياه”، على اعتبار أن إنتاج كيلوغرام واحد من اللحم يتطلب 16 مترا مكعبا من المياه.

واستنتج التقرير، في هذا الإطار، أن الحل لا يكمن دائما في تخفيف كمية الاستهلاك، بل في التحول إلى أصناف أخرى أقل ضررا بالبيئة والصحة.

وبحسب التقرير، فإن استطلاع الرأي الذي أجراه المنتدى والذي شمل 31 ألف مشارك، أفاد أن المواطن العربي على استعداد ليدفع أكثر لقاء الكهرباء والوقود والماء، ولتغيير عاداته الاستهلاكية، إذا كان هذا يساهم في رعاية الموارد وحماية البيئة وتعويضه بأشياء أخرى كالرعاية الاجتماعية والصحية. وأظهر المواطن العربي، وفق التقرير “اهتماما متزايدا” بكفاءة الطاقة، إذ أبرز بالخصوص أن 85 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع في البلدان العربية، يلجؤون إلى استخدام مصابيح مقتصدة من حيث استهلاك الطاقة، وهو ما يؤشر على “توافرها على نطاق أوسع وسهولة الوصول إليها بفضل الحوافز الحكومية”.

كما يأخذ 46 في المائة من المواطنين العرب استهلاك الوقود في حسابهم حين اقتناء السيارات، موضحا أنه فيما تكون العلامات التجارية والطرازات الخاصة في السيارات العوامل الرئيسية ببلدان الخليج، حيث المداخيل مرتفعة وأسعار الوقود متدنية جدا، هيمنت كفاءة الوقود والسعر باعتبارهما العاملين الرئيسيين في المغرب والأردن ومصر ولبنان والعراق وتونس.

وبعد أن أشار إلى أن معدل السعر المفروض على المياه في المنطقة العربية يبلغ نحو 35 في المائة من كلفة الإنتاج، و10 في المائة بالنسبة للمياه المحلاة، شدد التقرير على ضرورة وضع سياسات تسعير مناسبة يمكن أن تنقل إلى المستهلكين القيمة الحقيقية للمياه وأن تحفزهم على التعامل معها على هذا الأساس، وهو ما من شأنه أن يدفعهم إلى زيادة إنتاجيتهم وعقلنة استخدامهم.

وفي ذات السياق أشار إلى تجارب البلدان العربية على صعيد إصلاح الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى، موضحا أنه في ما بين 2013 و2015، بذلت ستة بلدان عربية جهودا لإصلاح الدعم، (مصر والأردن وتونس والسودان واليمن والإمارات)، فيما طبقت أربعة بلدان، هي المغرب والأردن وتونس والإمارات، آليات لتعديل الأسعار تراجع على ضوئها أسعار الوقود دوريا وتعدل وفق المستويات العالمية للأسواق. وخلص إلى أن التجربة تبين أن “دعم الأسعار في المنطقة العربية لا يعزز إلا السلوك الاستهلاكي المبذر”