سياسة

جهد تنموي كبير بالصحراء ونفقات تجاوزت 1200 مليار درهم

ما يفتأ خصوم الوحدة الترابية للمغرب أن يتهموا المغرب بالسطو على الصحراء طمعا في ثرواتها الطبيعية، متجاهلين مغربية الصحراء وجهود المغرب في النهوض بها منذ استرجاعها سنة 1975، بعد تحريرها من الاستعمار الإسباني بفضل فكرة المسيرة الخضراء التي تطوع فيها 350 ألف مغربي.

ويغض الخصوم ومناصريهم الطرف عن حجم إنفاق المغرب على صحرائه، التي خصص لها ميزانية ضخمة لم تحظ بها منطقة أخرى، وذلك من أجل النهوض بالمنطقة وإدماجها في مسار التطور والتقدم لمغرب ما بعد الاستقلال.

من النكبة إلى الحضارة

حين استعاد المغرب صحراءه سنة 1975، كانت البنى التحتية للأقاليم الصحراوية جد ضعيفة، إن لم تكن منعدمة في معظم مناطقها، وعلى سبيل المثال، لم تكن الشبكات الطرقية تتجاوز 70 كلم في العام 1975، في حين تتعدى الآن مسافة 9457 كلم.

فيما عرف التعليم قفزة نوعية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، ففي الوقت الذي لم ينل شهادة الباكالوريا بهذه الأقاليم سوى ثلاثة أشخاص طيلة الفترة بين سنتي 1960 و1975، عرفت الصحراء المغربية تخريج أول وفد حاصل على الشهادة سنة 1987، بفضل الاهتمام الذي أولته الدولة في بناء المؤسسات التعليمية، واليوم يتخرج منها الآلاف كغيرها من جهات وأقاليم المغرب.

وفي الوقت الذي أصبحت فيه المؤشرات المتعلقة بالتربية والصحة وتراجع الفقر وتحسين الخدمات والبنيات التحتية في منطقة الصحراء تعد الأعلى على المستوى الوطني، إذ تأتي في الصدارة وطنيا على مستوى مؤشرات الصحة وإنجاز البنيات التحتية كإنجاز موانئ ذات مستوى رفيع ومطارات بمدن الصحراء الرئيسية، ناهيك عن الطفرة التي حققتها على مستوى التمدن هو الأعلى وطنيا، فنسبة السكان الحضريين في المنطقة تبلغ 74% مقابل 60 % في باقي جهات المغرب.

الصحراء في أرقام

تمتد الصحراء المغربية على مساحة تزيد عن 416 ألف كيلومتر مربع أي ما يمثل 59% من التراب الوطني، فيما لا تتجاوز نسبة الساكنة بهذه المنطقة 2% من مجموع سكان المغرب، حيث تبلغ نسبة السكان مليون و28 ألف نسمة باحتساب كل من كلميم وأسا الزاك اللتان لا تدخلان في ما يسمى لدى الخصوم بـ “منطقة النزاع”.

وتصل البطالة في الأقاليم الجنوبية 15%، وتعتبر مرتفعة مقارنة مع باقي الأقاليم المغربية التي تقدر بحوالي 9%، فيما يقدر العاطلين في المنطقة بـ 41% من حاملي الشواهد.

الجهد التنموي في الصحراء

كان عدد  الصحراويون المرتبطون بشبكة الكهرباء في العام 1975 يعد على رؤوس الأصابع، وفي عام 1985 وصل العدد إلى 19.915، قبل أن يقفز الرقم إلى 211560 عام 2006، بنسبة ارتفاع وصلت إلى 963 في المائة.

وكلف الاستثمار في التجهيزات التحتية الكهربائية (وسائل التوزيع فقط) في الصحراء مبلغا قدره 620 مليون درهم بين 1976 و2006 (منها 220 مليون درهم للمحطة الحرارية في العيون)، فيما استحوذ الماء لوحده ما بين 1975 و2006 ما قيمته 1624 مليون درهم لتزويد مدن العيون وبوجدور وطرفاية والداخلة والسمارة بالماء الصالح للشرب.

من جانب آخر، أطلق المغرب ثلاث محطات في مجال التعمير بين 1979 إلى 1991 شملت تهيئة بقع استفادت منها 4400 أسرة، ثم في الفترة 1996-2005، استفادت 10.100 أسرة، و خلال 2008-2010 تم تهييء 68 ألف قطعة أسفرت عن إنتاج 124 ألف وحدة سكنية بكلفة 4.5 مليار درهم، أهمها كانت في مدينة العيون التي عرفت فتح 1000 هكتار لإيواء ساكنة ما كان يعرف بـ “المخيم”.

وفيما يتعلق بالاستثمارات التي تمت على مستوى قطاع المواصلات السلكية واللاسلكية كأداة لتحقيق تنمية الجهة، فقد مكنت من تحديث وتقوية الشبكات في المنطقة، ووصل مجموع تجهيزات منصات الصوت، مثلا، إلى 89029 منصة موزعة على جهات الصحراء، كما عرفت المنطقة، منذ استرجاعها، إنجاز عدد من المشاريع همت على الخصوص وضع مراكز للهاتف الرقمي بطاقة إجمالية تصل إلى 43.350 تجهيزا مستخدما و30.000 مشترك.

وأقامت وزارة الفلاحة بدورها، بنيات تحتية مهمة ووضعت إمكانيات بشرية وتجهيزات لتقديم الخدمات الضرورية من أجل تطوير الفلاحة في المنطقة الجنوبية. مما جعل أقاليم الصحراء المغربية تنتج جزءا مهما من احتياجاتها الغذائية على الخصوص من اللحوم التي وصلت إلى 4730 طن، ضمنها 2700 طن في السنة من اللحوم الحمراء، و2030 طن من اللحوم البيضاء، فضلا عن 8000 طن من الحليب في السنة.

1200 مليار درهم أنفقها المغاربة على الصحراء

وصل مجموع ما تذره الدولة المغربية ماليا على الأقاليم الجنوبية منذ سنة 2000 إلى 1200 مليار درهم  وهو ما يعادل %3 من الناتج الداخلي الخام السنوي للمغرب.

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد أورد في تقرير أخير حول الوضعية الاقتصادية بالصحراء المغربية، أن مفعول الإطار التحفيزي والنفقات العمومية على القطاع الخاص في هذه المنطقة بقي محدودا، ولم يمكن من تحقيق إقلاع اقتصادي في الجهات الجنوبية، وهي المحدودية التي أبقت على مستوى البطالة مرتفعا بالمقارنة مع المعدل الوطني (15 % من منطقة الصحراء مقابل 9%على المستوى الوطني).

وينبه التقرير إلى أن الشروط التي أسست للنموذج الذي تم نهجه خلال الأربعين سنة السابقة لم تعد قائمة، بل إن إعمال هذا النموذج السابق بما له وما عليه هو بالضرورة الذي غيَّر، سواء بما أنجز أو بالأهداف التي حققها، معالم الظروف التي كانت قائمة ووصل إلى نهاية صلاحيته، وبالتالي أنتج شروط ومطلب استنباط نموذج جديد يتجاوز التأثيرات المعاكسة لما سبقه، ويجيب على الإشكالات الجديدة المطروحة، ويكون مرافقا للدينامية التي أطلقها اقتراح المغرب في سنة 2007 للحل السياسي، أي مشروع الحكم الذاتي.

ملياران ونصف شهريا للإنعاش

يعيش آلاف الصحراويين بما يذره عليهم استفادتهم من بطائق الإنعاش الوطني، لدرجة تحولت معها هذه البطائق بالنسبة لأغلبهم إلى «نمط عيش» وسبب وجود، حيث يصل عددها إلى أزيد من 16 ألف بطاقة، وتستحوذ مدينة العيون لوحدها على النصف، أي أن حوالي 40 ألف نسمة في العيون (على افتراض أن معدل الأسرة الواحدة يصل إلى خمسة أفراد) تعيش من مدخول الإنعاش، ما يعني أن 1/4 (ربع) الساكنة تعاني من واقع الهشاشة الاجتماعية.

وفي استحضار المبلغ الشهري المخصص لكل بطاقة هو في المعدل 1500 درهم، فإن مبلغ المساعدة الاجتماعية أو التعويض عن البطالة المخصص للصحراويين يصل شهريا إلى 24.000.000 درهم (أي حوالي مليارين ونصف سنتيم)، منها 12.396.000 درهم تضخ في جيوب أهل العيون لوحدهم.

350 مليون درهم للمسح العقاري

للإشارة، شهدت الأقاليم الصحراوية مجموعة من الإنجازات في مجال التسجيل العقاري والمسح الأرضي والعقاري، وذلك بقيمة إجمالية تصل إلى 350 مليون درهم، حيث أنجزت المصالح المختصة 20608 رسم عقاري وخريطة مسح.

وهم المسح الأرضي حوالي 1500 نقطة فيما يعرف بـ “جيوديزي”، فيما تم إنشاء 25 محطة “دوبلير” و3 محطات “جي بي إس”، وتمت تسوية 1320 كيلومتر من التسوية الأرضية، فضلا عن إنشاء 600 نقطة لقياس الجاذبية، والتقاط صور جوية لـ 325000 كيلومتر مربع، 277 خريطة أنجزت رسما هندسيا وصورة مركبة، مما مكن من تأمين الملكية العقارية وإدخالها في الدورة الاقتصادية مع إقرار منظومة الوثائق الضرورية للتخطيط ودراسة أي مشروع اقتصادي واجتماعي.