وجهة نظر

استراتيجيات التحكم في مصير الأمة: رؤية من خلال بروتوكولات حكماء صهيون

مناسبة هذا الموضوع هو تفاعل الجمهور في الأسبوع الماضي مع مقابلة كروية على عادتهم بروح رياضية عالية؛ حيث لاحظت خلو شوارع المدينة من ازدحام المارة، ولم أكتشف السر إلا بعد أن وقفت على مقاهي امتلأت عن آخرها بالشباب والأطفال يتفرجون بترقب كأن خطرا يهدد حياتهم أو أمرا مهما يتعلق ببلدهم أو بمستقبل أمتهم؛ وفجأة سمعت صراخا يهز أرجاء المدينة بصوت واحد قيل لي إنه لشديد الفرح والبشارة بالانتصار الباهر لفريق  برشلونة الاسباني (البارصا) على نظيره باريس سان جيرمان الفرنسي؛ فتمنيت لو كان شبابنا وشعبنا عامة عشر نفس الاهتمام وعشر هذا الحماس الفياض لقضاياهم المعيشية والسياسية والاجتماعية لكان لهذا الوطن شأن عظيم ولارتقَوْا بمكانته بين الشعوب والأمم.

أعاد هذا الحدث إلى ذاكرتي، بمناسبة ما يعج به الواقع اليومي من مشاكل اجتماعية وسياسية، فرضية علاقة الهوس الكروي القاتل بفرضية الخطط الصهيونية الرهيبة في كتاب “بروتوكولات حكماء صهيون”،  التي لم تعد خفية على ذوي الألباب، للتأثير في الجماهير وتخديرهم ليغيبوا ويهملوا الدفاع بنفس الروح الكروية عن همومهم اليومية والقضايا المصيرية لأمتهم.

 ليس الهوس الكروي الوسيلة الوحيدة لاغتصاب سيادة الوطن، ففي هذا الكتاب خطط ممنهجة ومتكاملة للسيطرة والتضييق على الحكومات المستقلة واستعباد العالمين  ومعاداة الانسانية. لا يهمنا التشكيك في نسبة هذه البروتوكولات إلى الصهيونية العالمية، بقدر ما يهمنا التأمل في مجريات الأمور ببلدنا العزيز ومطابقتها إلى حد كبير لما ورد فيها، وعلاقة كل ذلك بالشخصيات الوازنة والفاعلة سياسيا واقتصاديا وفكريا وإعلاميا ثبتت علاقتها بمنظمات دولية  صهيونية المنشأ إلى درجة العضوية العاملة فيها كمنظمات الماسونية العالمية والروتاري الدولي والليونز الدولي.

وبهذه المناسبة نرى ضرورة اﻹشارة إلى عدد من  الاستراتيجيات في تنفيد البروتوكوﻻت الصهيونية التي أكدتها الوقائع التاريخية  والتي نجد لها اليوم أثرا في واقعنا السياسي المعيش؛ نذكر من أخطرها:

 1) استراتيجية التحكم في التوجه السياسي للشعوب بتقنيات الإلهاء واللامبالاة بالسياسة الوطنية، وتسفيه العمل السياسي الجاد للنهوض بأوضاعها مع إشراكها عند الحاجة لمقاومة الأنظمة والتنظيمات التي تشكل خطرا على الصهيونية وعملائها. يقول البروتوكول الثالث عشر “إنما نوافق الجماهير على التخلي والكف عما تظنه نشاطا سياسيا إذا أعطيناها ملاهي جديدة… ونحن أنفسنا أغرينا الجماهير بالمشاركة في السياسات كي نضمن تأييدها في معركتنا ضد الحكومات اﻷممية (غير اليهودية). ولكي تبعدها عن أن تكشف بأنفسها أي خط عمل جديد سنلهيها أيضا بالفن والرياضة وما إليها. هذه المتع الجديدة ستلهي ذهن الشعب حتما عن المسائل التي سنختلف فيها معه، وحالما يفقد الشعب تدريجا نعمة التفكير المستقل…” وهكذا تكون عولمة كرة القدم من السياسات الدولية الصهيونية؛ أﻻ ترى أن الشعب يغضب ويقلق ويصرخ لهزيمة فريقه المفضل في كرة القدم وﻻ يقلق بل ﻻ يبالي لهزيمة وطنه أمام منافسيه في التقدم وبناء صرح الديموقراطية وإقامة  العدل بين أفراد المجتمع؟!

2)  سن إجراءات الحكم الذاتي لهدم الدول وإثارة النعرات القومية واللغوية باسم التنوع الثقافي  ثم الحروب اﻷهلية، كما شاهدنا في العراق والشام وكما نشاهد بوادرها في شمال أفريقيا.  يقول البروتوكول اﻷول لحكماء صهيون: “يكفي أن يعطي الشعب الحكم الذاتي فترة وجيزة، لكي يصير هذا الشعب رعايا بلا تمييز، ومنذ تلك اللحظة تبدأ المنازعات والاختلافات التي سرعان ما تتفاقم، فتصير معارك اجتماعية، وتندلع النيران… وستقع في قبضتنا. وأن اﻻستبداد المالي – والمال كله في أيدينا –  سيمد إلى الدولة عودا ﻻ مفر لها من التعلق به”. طبعا يذكرني هذا البروتوكول بالحكم الذاتي للكرد في العراق  وكيف تطور  منذ بداية السبعينات إلى التأليب الدولي لهم على العرق العربي بعد تدمير الدولة؛  باﻻضافة إلى إثارة النزعات الطائفية ونشوب الحرب اﻷهلية بدعم دولي،  وإبداع بارع لأدواته تحت مسميات مختلفة. إن دعوات الحكم الذاتي هي أداة من أدوات الصهيونية تتحكم فيها لإثارة النعرات القومية وتطويع الشعوب والحكام والسيطرة عليهم.

3) محاربة الدين ونشر اﻷفكار الإلحادية من الإجراءات الهدامة لسيطرة الصهيونية على الشعوب. يقول البروتوكول الثاني: “إن الطبقات المتعلمة ستختال زهوا أمام أنفسها بعلمها،  وستأخذ جزافا في مزاولة المعرفة التي حصلتها من العلم الذي قدمه إليها وكلاؤنا رغبة في تربية عقولها حسب اﻻتجاه الذي توخيناه.. واﻷثر غير الأخلاقي ﻻتجاهات هذه العلوم في الفكر اﻷممي (غير اليهودي) سيكون واضحا لنا على التأكيد”. ﻷهميته يؤكدون هذا اﻹجراء في عدد من البروتوكوﻻت. هناك دعوة صريحة لمحاربة جميع اﻷديان من أجل التمكين لدينهم فقط في البروتوكول الرابع عشر: “حينما نمكن ﻷنفسنا فنكون سادة اﻷرض لن نبيح قيام أي دين غير ديننا… ولهذا السبب يجب علينا أن نحطم كل عقائد اﻹيمان، وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي إثمار الملحدين فلن يدخل هذا في موضوعنا…” وهذا اﻹجراء جلي في الحملة الشرسة والضغط على الحكومات من أجل تغيير المناهج الاسلامية في البرامج التعليمية، وفي الحرب الشرسة ضد مظاهر التدين في أغلب الدول الاسلامية وفي التركيز على التشويه الممنهج للعلماء والدعاة والحركات الاسلامية بدون استثناء؛ يقول البروتوكول السابع عشر: “وقد عنينا عناية عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين من اﻷمميين (غير اليهود) في أعين الناس وبذلك نجحنا في اﻻضرار برسالتهم… وإن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوما فيوما”.  ثم يتحدث البروتوكول عن التأسيس للعلمانية وفصل الدين عن حياة الناس وقصره على “جانب صغير جدا من الحياة”.

4) السيطرة على الصحافة من أخطر اﻷدوات التي يستعملها الصهاينة، ويولونها أهمية كبرى للسيطرة على الشعوب والحكومات وإخضاعها لنفوذهم طوعا أو كرها؛ ولنا في المغرب أكبر مثال على الوسائل الاعلامية الرسمية وغير الرسمية التي توظف ﻷول مرة في تاريخ المغرب لمحاربة رئيس حكومة معروف بمعاداته للصهيونية وليس لليهود؛ بمعنى أنها أدوات فوق سلطة الوصاية ويستند القائمون عليها إلى قوة استثنائية فوق القانون وفوق الدستور وفي خرق سافر للتوجهات الرسمية لنظام الدولة. جاء في البروتوكول الثاني: “إن الصحافة التي في أيدي الحكومات القائمة هي القوة العظيمة التي بها نحصل على توجيه الناس… إن تحقيق حرية الكلام قد ولد في الصحافة، غير أن الحكومات لم تعرف كيف تستعمل هذه القوة بالطريقة الصحيحة فسقطت في أيدبنا، ومن خلال الصحافة أحرزنا نفوذا، ويقينا نحن وراء الستار”. لقد أصبحت اليوم الأيادي الخفية وراء الاعلام مكشوفة ومعلومة ولم يعد غريبا أن يتحدث الناس جميعا عن قوة الصهيونية وسيطرتها العالمية على الاعلام، ولم يعد خفيا أن الاعلام الذي توجهه هو أقوى وأقدر في صنع الرأي العام، فهو قادر على إسقاط حكام وتنصيب آخرين؛ كل ذلك ليس غريبا إذا علمنا أن حكماء صهيون قرروا وخططوا منذ 1897 في مؤتمر بال برئاسة زعيمهم هرتزل  أن يشتروا مباشرة أو من خلال وكلائهم العدد اﻷكبر  من الدوريات المؤثرة في الساحة ويعطلوا تأثير الصحف المستقلة ما استطاعوا. يقول البروتوكول الثاني عشر ” اﻷدب والصحافة هما أعظم قوتين تعليميين خطيرتين. ولهذا السبب ستشتري حكوماتنا العدد اﻷكبر من الدوريات. وبهذه الوسيلة سنعطل التأثير السيئ لكل صحيفة مستقلة، ونظفر بسلطان كبير جدا على العقل اﻻنساني. وإذا كنا نرخص بنشر عشر صحف مستقلة فسنشرع حتى يكون لنا ثلاثون، وهكذا دواليك”. وأما الوظيفة اﻷساسية لإعلامهم فهي “تهييج العواطف الجياشة  في الناس، وأحيانا بإثارة المجادﻻت الحزبية اﻷنانية.. وما أكثر ما تكون فارغة ظالمة زائفة، ومعظم الناس ﻻ يدركون أغراضها الدقيقة.. ولن يصل طرف من خبر إلى المجتمع من غير أن يمر على  إرادتنا” (البروتوكول الثاني عشر).

5) السيطرة على الأنظمة التعليمية لإفشالها وإفساد عقول الناشئة باسم الفعلم بنظريات فاسدة، يقول البروتوكول الرابع عشر: “لقد خدعنا الجيل الناشئ من اﻷمميين، وجعلناه فاسدا متعفنا بما علمناه من مبادئ ونظريات معروف لدينا زيفها التام، ولكن نحن أنفسنا الملقنون لها، ولقد حصلنا على نتائج مفيدة خارقة”. ومن خلال البرامج التعليمية نشرت الصهيونية بالفعل “أدبا مريضا قذرا يغثي النفوس” (البروتوكول نفسه)؛ وكذلك يفعلون كوسيلة من وسائل فصل الشعوب العربية الاسلامية عن لغتها وهويتها وتحويلها عن عقلها وفكرها الحضاري.   

ومن خططهم الفعالة في هذا اﻹطار السيطرة على الجامعات وإعادة تشكيلها تربويا وإداريا لتخريج الطلبة وفق البرامج التي رسموها لأهدافهم الخاصة. في البروتوكول السادس عشر “إننا سنغير الجامعات، ونعيد إنشاءها حسب خططنا الخاصة. وسيكون رؤساء الجامعات وأساتذتها معدين إعدادا خاصا، وسيلته برنامج عمل سري متقن سيهذبون ويشكلون بحسبه، ولن يستطيعوا اﻻنحراف عنه بغير عقاب”؛ بمعنى أن الصهاينة يلاحقون كل اﻷساتذة واﻻداريين وحتى الوزراء الذين يظهرون تمردهم على خططهم وبرامجهم؛ بل إن التعليم عندنا أصبح ضائعا بين مسؤولين منتخبين ومسؤولين غير منتخبين يسهل الكشف عن ولائهم لأعداء الأمة، وهم الفاعلون الحقيقيون وراء هيئة تسمى المجلس اﻷعلى للتعليم؛ وهذه اﻻزدواجية في المسؤولية هي الطابع الغالب في جميع الدول التي يعاني فيها التعليم من التخلف عن الركب الحضاري. وضح هذا البروتوكول الهدف العام للبرامج الجامعية التي تستهدف الطلبة وهو في خط عريض “تحطيم بنيانهم الإجتماعية”.

وأما طبيعة البرامج فالخطة تركز على استراتيجيتين أساسيتين: اﻷولى إفراغها من المضامين السياسية الجادة مما يجعل المتخرجين بسبب الفراغ الفكري السياسي ذوي أفكار طوباوية: “لن يسمح للجامعات أيضا أن تخرج فتيانا ذوي اهتمام من أنفسهم بالمسائل السياسية… إن المعرفة الخاطئة للسياسة بين أكداس الناس هي منبع اﻷفكار الطوباوية، وهي التي تجعلهم رعايا فاسدين، وهذا ما تستطيعون أن تروه بأنفسكم في النظام التربوي للأمميين (غير اليهود)”. وهذا ما نلاحظه بالفعل في مخرجات التعليم الجامعي منذ زمن طويل؛ حيث ساد الفقر الفكري والعدمية السياسية في صفوف أغلب المتخرجين.  واﻻستراتيجية الثانية هي طمس تاريخ العلوم وتشويه الحقائق التاريخية والتركيز أكثر على الجوانب السلبية “بدراسة التاريخ القديم الذي يشمل على أمثلة سيئة  أكثر من اشتماله على أمثلة حسنة، وسنطمس في ذاكرة اﻻنسان العصور الماضية التي قد تكون شؤما علينا” (نفس البروتوكول). وها هي الصهيونية اليوم قادرة على طمس الحضارة الاسلامية، وقادرة على حماية تاريخها كما صنعته بالسيطرة على الدول المتقدمة وسن قوانين تعاقب كل من ينتقد أساطيرهم وتسجن كل من يشك مثلا في الهولوكوست (المحرقة اليهودية).

6) توريط  القادة والزعماء في الانخراط في خلايا المنظمات الماسونية لضمان وﻻئهم طمعا في الجاه والمال أوضمان الاستمرارية في الحكم والقيادة: “واﻷمميون (غير اليهود) يكثرون من التردد على الخلايا الماسونية عن فضول محض، أو على أمل في نيل نصيبهم من اﻷشياء الطيبة التي تجري فيها، وبعضهم يغشاها أيضا لأنه قادر على الثرثرة بأفكاره الحمقاء أمام المحافل” (البرتوكول الخامس عشر).

7) تتمة للاستراتيجية السابقة تعتمد الصهيونية أيضا توريط الزعماء في فضائح أخلاقية أو أعمال سرية مريبة ترهن سمعتهم لأهدافها؛  وهكذا يصير الزعيم عبدا ودمية تنفد به الخطط الهدامة وطنيا ودوليا بكل سهولة ودون مقاومة  “ﻷنه سيخشى التشهير، وسيبقى خاضعا لسلطان الخوف الذي يتملك دائما الرجل الذي وصل إلى السلطة، والذي يتلهف على أن يستبقي امتيازاته وأمجاده المرتبطة بمركزه الرفيع” (البروتوكول العاشر). وبالفعل ﻻ تنجح الخطط الصهيونية إلا من خلال عملائها الذين أعمتهم المناصب والإغراق في المصالح الشخصية؛ ولهذا الغرض أنشأت المنظمات الماسونية “التي ﻻ يفهمها أولئك الخنازير من اﻷمميين، ولذلك ﻻ يرتابون في مقاصدنا؛ لقد أوقعناهم في كتلة محافلنا التي ﻻ تبدو شيئا أكثر من ماسونية كي نذر الرماد في عيونهم” (البروتوكول الحادي عشر).    

8) استمالة العامة من الناس بالمال في الانتخابات وتأليب الرعاع على ذوي العقول الحصيفة. في الوقت الذي تدفع فيه الصهيونية بعملائها وزعماء الفضائح إلى الأمام تعمل فيه على “إعاقة الرجال ذوي العقول الحصيفة عن الوصول إلى الصدارة، وإن العامة  تحت إرشادنا ستبقي على تأخير أمثال هؤﻻء الرجال، ولن تسمح لهم أبدا أن يقرروا لهم خططا” (نفس البروتوكول)، وأشار البروتوكول إلى أن محاربة ذوي العقول الحصيفة تكون أيضا باستعمال المال ﻻستمالة العامة ونزع القرار من يدهم ليكون في يد العملاء: “لقد اعتاد الرعاع أن يصغوا إلينا نحن الذين نعطيهم المال لقاء سمعهم وطاعتهم، وبهذه الوسائل سنخلق قوة عمياء إلى حد أنها لن تستطيع أبدا أن تتخذ أي قرار دون إرشاد وكلائنا الذين نصبناهم لغرض قيادتها”. ومن هنا يفهم دور السلطات وتنفيذها لتعليمات السماح باستعمال المال الحرام في الانتخابات.

9) تنتهي جميع الاستراتيجيات إلى غاية الغايات وهي التمكين العالمي للصهاينة من خلال نظام دولي سيُهيئ لإقامته من  خلال نشر الفوضى واﻻضراربات وبالتالي رضى الناس بالتحاكم إلى الحاكم الدولي رجاء فيه ليحقق لهم اﻷمن واﻻستقرار؛ وهذا ما خطط له الصهاينة منذ مؤتمر “بال” 1897 في البروتوكول العاشر: “حكمنا سيبدأ في اللحظة ذاتها حين يصرخ الناس الذين مزقتهم الخلافات وتعذبوا تحت إفلاس حكامهم- وهذا ما سيكون مدبرا على أيدينا- فيصرخون هاتفين: اخلعوهم واعطونا حاكما عالميا واحدا يستطيع أن يوحدنا ويمحق كل أسباب الخلاف من قوميات وأديان وديون دولية ونحوها، حاكما يستطيع أن يمنحنا السلام والراحة”.

   تذكرنا الفقرة الأخيرة بمأساة من مأسي الشعوب وهي انهزام اﻷمة الاسلامية في العصر الحديث أمام مؤامرتين عالميتين: مؤامرة إسقاط الخلافة الاسلامية (الدولة العثمانية العظمى)، وتمزيق اﻷمة إلى كيانات قومية عربية فارسية كردية الخ..، وإنشاء الكيان الصهيوني على أنقاضها، ودخول اﻻستعمار العالم الاسلامي كله بعد التمهيد له بالحروب اﻷهلية وأنظمة السيبة. والمؤامرة الثانية جاءت بعد الاستقلال الصوري للشعوب المستعمرة وبعد سقوط جدار برلين وتحقيق الوحدة الأوروبية وهي مؤامرة إعلان النظام الدولي لحماية الشعوب مما سمي باﻻرهاب الاسلامي لاحتلال جديد لعدد من الدول الاسلامية التي أعلنت تمردها على الصهيونية العالمية ونظامها الدولي الجديد؛ واﻻستراتيجية واحدة في المؤامرتين معا والقادمة أيضا وهي بلسان حكماء صهيون: “ﻻ بد أن يستمر في كل البلاد اضطراب العلاقات القائمة بين الشعوب  والحكومات، فتستمر العداوات والحروب والكراهية والموت استشهادا أيضا، هذا مع الجوع والفقر، ومع تفشي اﻷمراض وكل ذلك سيمتد إلى حد أن ﻻ يرى اﻷمميون (غير اليهود) أي مخرج لهم من متاعبهم غير أن يلجأوا إلى اﻻحتماء بأموالنا وسلطتنا الكاملة” (نفس البروتوكول العاشر).

   قد يقول قائل إننا نتبنى نظرية “المؤامرة الخارجية” أي العامل الخارجي وإهمال العوامل الداخلية ومسؤوليتها؛ فنؤكد، بين المؤامرة وإنكارها، على أن الأحداث والمآسي هي  نتيجة تفاعل عوامل داخليه وخارجية. لقد كشفنا في التحليل وكشفت البروتوكوﻻت الصهيونية ذاتها عن العوامل الداخلية للأمة السلامية التي لوﻻها لما استطاع العدو الخارجي أن ينفذ خططه الجهنمية، أولى هذه العوامل قابلية الشعوب الاسلامية للاستعمار في العصور الأخيرة وفي ظل أنظمة الاستبداد السيبة، وعامل خيانة الطبقة السياسية والفكرية التي تتولى الأمور وﻻ يهمها إﻻ الحفاظ على الكراسي ومصالحها الشخصية؛ وبالتتابع هناك عوامل الفقر واﻷمية والجهل والنزاعات التي تغذيها القوى الخارجية وتكرسها؛ وهكذا في جدلية بين العوامل الداخلية والخارجية نحن متفقون على أن سبب ما تعانيه اﻷمة هو أزمة داخلية باﻷساس، لكن تحريك عناصر اﻷزمة صهيوني بامتياز.

  رغم كل ذلك، قد يهاجمنا المدافعون عن الصهيونية فينكروا دور عمالتهم في ما وصلت إليه اﻷمة وحتى ﻻ يتركز وعي اﻷمة على قضية التحرير وتحقيق السيادة السياسية واﻻقتصادية كشرط لتحقيق النهضة المنشودة بين اﻷمم.  إن هذه البروتوكوﻻت الصهيونية مهما طالها الشك بذاتها فإن السيطرة على العالم قائمة بنفس اﻻجراءات التي ﻻ يمكن أن يطالها أدنى شك.

بالنسبة إلينا وبمراقبة تزيد عن ثلاثة عقود ﻻ يمكن أن يطال الشك هذه الخطط الصهيونية؛ حيث اطلعنا عليها منذ سنة 1980م، ونتوفر على نسختين منها بالعربية، نسخة بترجمة محمد خليفة التونسي، ونفس النسخة لكن مع تقدير المفكر واﻷديب الكبير عباس محمود العقاد نشره سنة 1950 بجريدة اﻷساس  ونشرها دار الكتاب العربي ببيروت لبنان في الطبعة الرابعة للكتاب؛ ومن أهم مقتطفات تقديىر العقاد قوله: “ومن عجائب المصادفات على اﻷقل  أن تصل إلى يدي  ثلاث نسخ من هذا الكتاب في السنوات اﻷخيرة: كل  من طبعة غير طبعة اﻷخرى، وكل منها قد حصلت عليه من غير طريق الطلب من المكتبات المشهورة التي تعاملها… وأما النسخة الثالثة وهي من الطبعة اﻻنجليزية الرابعة فقد عثرت عليها قي مخلفات طبيب كبير وعليها تاريخ أول مايو سنة 1921 وكلمة هدية بالفرنسية   souvenir وكدت أعتقد من تعاقب المصادفات التي تتعرض لها هذه النسخ أنها عرضة للضياع “. ثم أشار اﻷديب إلى غرض اليهود من مؤتمراتهم التي صدرت منها هذه البروتوكوﻻت “وكان الغرض من هذه المؤتمرات جميعا دراسة الخطط التي تؤدي إلى تأسيس مملكة صعيون العالمية، وكان أول مؤتمراتهم في مدينة بال بسويسرة  سنة 1897 بزعامة زعيمهم هرتزل”.

  فكيف ﻻ نصدق، إذن، في مغربنا الحبيب وفي جل البلاد العربية والاسلامية أن خطر الخطر الصهيوني هو أن  نجد من ذواتنا وزعمائنا السياسيين من ينخرط في منتديات الماسونية خالصا مخلصا لمصالحهم، بحسن نية أو  بسوء نية وﻻ فرق هنا؛ حيث ﻻ يعذر المرء بجهله لمصالح أمته؟؟!!

 

 

تعليقات الزوار

  • قادمون
    منذ 7 سنوات

    لقد درست بروتكولات خبثاء صهيون منذ زمن... صحيح أن مكرهم لتزول منه الجبال و لكن أخي الكريم و إلى كل الإخوة: إعلموا أن الله أشد مكرا و خير الماكرين و أن الله يقلب القلوب كيفما يشاء، فياله من سلاح فتاك! و اعلموا أيضا أن الله يهيأ الكون و عبادا له أولي بأس شديد لقلب الطاولة على نظامهم العالمي الشيطاني ثم بعد ذلك إلى جهنم و بأس المصير خالدين فيها أبدا! و لا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ! نعم إذا و فقط إذا كنتم مؤمنين! فأشباه المسلمين في زمن الغربة من ذوي السعرات الإيمانية المنخفضة حينا و المنعدمة حينا آخر لا مكان لهم في تقرير المصير في ملعب الحياة. فلا يحزنكم قولهم و لن يضروكم شيئا. و أخيرا، إستعدوا أيها المؤمنون لما هو قادم، و استعدوا كل الإستعداد لمحاربة إبليس و جنده من الانس و الجن و علية الأقوام، إستعدوا للنصر أو الشهادة. و الله من وراء القصد السلام على من اتبع الهدى