وجهة نظر

فاتح ماي :نحو التفاتة عادلة للموظفة المغربية

دخلت وهي ترتدي لباسها الابيض من رأسها إلى أخمص قدميه كما هي عادة المغربيات عندما يفقدن ازواجهن. رغم الحزن العميق والجرح الدفين زادها “حق الله ” بهاء ونورا.

أميمة موظفة، مازالت في مقتبل العمر، صادفتها وهي تصعد الدرج.
-البركة في راسك للالة أميمة الله يبدل المحبة صبر.
-ما مشا معاكم بأس استاذتي الكريمة.

سابقت الدموع الساخنة كلماتها ورسمت على خدها سيلا من الألم العميق.
جلست على مكتبها وضمت رأسها بين يدها وقد خارت قواها من كثرة المعزين لها في وفاة زوجها الذي خطفته حرب الطروقات، والقاتل مجهول قام بجريمته وقد فر في جنح الظالم.

جلست اميمة وهي منهكة بوجهها الشاحب، فهي لم تذق طعم النوم منذ ثلاث أيام لأداء الواجب اتجاه من تقاطروا عليها من كل أنحاء المغرب، جلست و تفكيرها لا ينقطع فيمن تركتهم في بيتها. بل أرسلت العنان لخيالها لتفكر في التركة الضخمة التي تركها المرحوم أحمد، فماذا ستقدم وماذا ستؤخر لأطفالها الخمسة ،و هم في سن التمدرس بمدارس خصوصية و”الطريطة” التي تنتظرها آخر كل شهر لتسديد ثمن الشقة الستينة الأمتار.

عادت أميمة لتستأنف عملها بعد عطلة ثلاث أيام فقط تفضل بها عليها المشرع المغربي -الله يجزيه بخير وكثر خيروا- . فكيف لها أن تعمل والجرح لم يندمل بعد.
—أيعقل أن تترمل امراة شابة فجأة – دون مقدمات او سابق انذار- وتاتي لعملها و تستانفه بعد ثلاث ايام فقط لا غير.؟؟!!!

–هذا هو القانون !! هكذا عبر ناظر الثانوية عندما استنكرت استئناف اميمة لعملها بهذه السرعة وبعد مصابها جلل.
في الجناح الآخر من الثانوية كانت أجواء أخرى غير أجواء التي توجد عليها أميمة ،هناك كانت عائشة تتلقى التهاني والتبريكات بمناسبة استئنافها للعمل بعد عطلة ولادة دامت ثلاثة أشهر فقط. هنئت عائشة وهي تبتسم ابتسامة قاصرة، غير ناضجة
— أش داني لشي ولادة. !!!
—ياك لاباس ياعائشة ؟؟ تورطت يا اختي ، وجدت نفسي في مشكل حضانة ابنتي التي تركتها اليوم تعاني من حمى شديدة، وترفض رفضا باتا القبول بالرضاعة الاصطناعية.!!

اميمي وعائشة هن نموذج من نماذج الموظفات المغربيات يعانين مرارة التوفيق بين الأمومة والوظيفة في ظل قانون مجحف، لم يراع خصوصياتهن الاجتماعي ،عن اي حقوق للمرأة نتحدث اليوم ونتبجح بتقدمية وحداثة القوانين المغربية التي رفعت شعار الكرامة والعدالة الاجتماعية والإنسانية، ورفعت شعارات فضفاضة عن جسدنا الاجتماعي من قبيل التمكين القانوني والتمكين الاقتصادي والتمكين الاجتماعي للمرأة المغربية، في ظل واقع لم تحض فيه هذه المرأة بتكريم يحترم خصوصيتها النفسية والجسدية والعقلية والاجتماعية (الأمومة + الوظيفة ) ولا يحترم خصوصياتها الثقافية أيضا، وهنا بيت القصيد، فالشريعة الإسلامية أعطت للارملة حق وواجب العدة على زوجها المتوفى بلغت أربعة أشهر و عشرة ايام. طبعا وفاء منها لزوجها ومراعاة للعهد الذي سلف بينهما بل مراعاة لنفسيتها التي تحتاج إلى ترميم من جديد. ألا يحق لأميمة ان تتمتع” بحق الله” كما حقه الله لها ،أم من الضروري أن نستورد الحق من الخارج ومن تجاربه الحقوقية حتى وان لم تناسب بيئتنا.

قال فينهي ودنيك قال لك هاااهي.

ثم ألا يحق لعائشة أن تنعم هي ورضيعتها بعطلتها كما جاءت في شريعتنا “وفصاله في عامين” اما أن عطلة عامين مبالغ فيها جدا ﻹمرأة كانت حامل ووضعت وهي الآن مرضعة وموظفة أيضا ومطالبة بالجودة في الأداء والتفاني في العمل والرفع من المردودية.
والمطلب الاخيى عملت به وانزلته العديد من الدول الاوروبية أمثال السويد والدنمارك وبلجيكا وقاربته هذه هذه الدول مقاربة جد متقدمة.

إلى حين أن تجد الموظفة المغربية من يدافع عن حقوقها الإنسانية الطبيعية من نقابات تحمل الهم الاجتماعي في المطالب وتتجاوز المطالب الخبزية الضيقة .إلى حين أن تجد الموظفة المغربية من يدافع عنها من منظمات حقوقية نسائية همها فعلا تحسين الوضع الاجتماعي للمرأة ،انطلاقا من واقع مغربي وباجتهاد مغربي أصيل، نقول للموظفات المغربيات كل عام وانتن المكافحات، المناضلات في صمت لعل الله يأتي بزمن ينصفكن موظفات وأمهات.