وجهة نظر

كيف يتعامل القانون الدولي مع الأسرى الفلسطينيين

معركة البطون الخاوية

مفهوم الأسير من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني:

توسّع تعريف أسير الحرب في البروتوكول الأول بالمقارنة بالتعريف الوارد في اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949, وقد كان تعريف أسرى الحرب حتى الآن يضم أفراداً للقوات المسلحة النظامية والأنصار الذين ينتمون إلى احد أطراف النزاع إلى جانب الأشخاص من الآخرين الذين يتبعون القوات المسلحة ولكنهم لا يشكلون جزءاً منها بشكل مباشر (المراسلون الحربيون والأفراد المدنيون في أطقم الطائرات العسكرية على سبيل المثال).

وبموجب البرتوكول الأول، أصبح تعريف أسير الحرب يشمل جميع أفراد القوات المسلحة التي تكون تحت قيادة مسؤولة، كما يفيد من هذه الأحكام أفراد حرب العصابات الذين ليس لهم زي خاص حتى إذا كانوا يتبعون كيانات لا يعترف بها الطرف الخصم.

وقد نص البروتوكول على أن جميع أفراد القوات المسلحة ملتزمون باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني, ولكن لا يعد شرطاً لمنح الوضع القانوني لأسير الحرب في حالة وقوعه في قبضة العدو, وبالمقابل يلتزم أفراد القوات المسلحة بأن يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين, على الأقل يحمل السلاح علناً أثناء القتال. ويمكن أن يؤدي عدم الالتزام بهذه القاعدة إلى الحرمان من الوضع القانوني لأسير الحرب.

وأما الجواسيس والمرتزقة فإنهم لا يتمتعون بأي حال بالوضع القانوني لأسرى الحرب عند اعتقالهم غير أنهم يفيدون على أي حال بالمعاملة الإنسانية كحد أدنى.

ويشمل هذا الحكم الخاص بالحماية, جميع الأفراد الذين يقعون في قبضة الخصم, ويمثل ذلك تقدماً إنسانيا ضخماً؛ لأن هذه الأحكام تقتضي بعدم حرمان أحد من الضمانات الأولية للاحترام أو الحماية تحت أي ظرف.

بعيداً عن الشوفينية والاعتداد بالذات الفلسطينية المتميزة نقول: إننا من سكان هذا الكوكب وشعب كبقية الشعوب والأمم, يحكمنا القانون الدولي لنا حقوق وعلينا واجبات, فلسنا استثناء سلباً أو ايجابياً, فلنحتكم إلى القانون الدولي في موضوع الأسرى لنعرف موقعنا في ظل هذا القانون الأممي.

كما هو معلوم بقي نظام أسرى الحرب وإلى زمن قريب نظاماً عرفياً لا يستند إلى محددات قانونية تلزم الأطراف المتحاربة باتباعها والالتزام بها, إلى أن تمت صياغته ضمن مواد قانونية تعاقدية تحددت في اتفاقيات ثلاث وهي:

1. نظام لاهاي الملحق بالاتفاقية الرابعة لعام 1907م الفصل الثاني (المادة 4 – 20).

2. اتفاقية جنيف لعام 1929م المتعلقة بتحسين حالة أسرى الحرب.

3. اتفاقية جنيف لعام 1949م المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب.

والمحور الأساسي الذي تدور حوله هذه الاتفاقيات يستند إلى أن أسر المحاربين ليس تدبيراً زجرياً، إنما هو إجراء احتياطي يتخذ حيال خصم أعزل، وبناء عليه يجب المحافظة على حياة أسرى الحرب وصيانة هذه الحياة من المس بقدسيتها التي فطرها الله عليها, ولا يجوز بأي حال من الأحوال ممارسة الحقد الثأري والانتقامي ضد هؤلاء الأسرى. وحتى في حال محاولتهم الفرار فان الاتفاقيات الدولية لا تجيز إيقاع العقوبات الصارمة ضدهم ولكنها تسمح باتخاذ تدابير ذات طابع تأديبي بعيداً عن أساليب الانتقام العقابي الصارم.

وعبر التجربة البشرية في ساحات الصراع تطورت فكرة ومفهوم أسير الحرب في البرتوكول الأول لعام 1977 بحيث أصبح مفهوم أسير الحرب ينسحب على جميع أفراد القوات المسلحة والمجموعات والوحدات المقاتلة التي تمارس عملها تحت إمرة قيادة مسؤولة.

كما يستفيد من هذه الأحكام أفراد حرب العصابات الذين ليس لهم زي خاص بهم. حتى لو كانوا ضمن كيانات لا يعترف بها الطرف الخصم. وقد نص البروتوكول على أن جميع أفراد القوات المسلحة ملتزمون باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني, إلا أن ذلك الالتزام لا يعد شرطاً لمنح الوضع القانوني لأسير الحرب في حالة وقوعهم أسرى في قبضة العدو, وبالمقابل فعلى أفراد القوات المسلحة أن يميزوا أنفسهم عن السكان المدنيين وفي الحد الأدنى حمل السلاح علناً أثناء القتال وقبل أن تضع الحرب أوزارها. وجدير بالذكر أن عدم الالتزام بذلك يؤدي إلى حرمانهم من الوضع القانوني لأسير الحرب.

وفيما يتعلق بالجواسيس والمرتزقة فإنهم لا يتمتعون بأي حال بالوضع القانوني لأسرى الحرب عند اعتقالهم. ولكنهم في الحد الأدنى لا يحرمون من المعاملة الإنسانية ولو على نطاق ضيق ومحدود.

وعلى ضوء ما تقدم نطرح السؤال الآتي:-

هل المعتقلون الفلسطينيون أسرى حرب؟

لعل من أهم المسائل التي تستحق الدراسة هي مسألة أسرى الحرب, حيث شغلت هذه المسألة بال الكثيرين من مفكري ومجتهدي القانون الدولي الذين سعوا ومازالوا يسعون جاهدين لوضع أرضية قانونية تحمي حقوق الأسرى.

وقبل الدخول في المسائل القانونية لأسرى الحرب لابد من تسليط الضوء على المراحل التاريخية التي عبرتها التجربة البشرية في هذا المجال.

ففي العصور القديمة كان الأسير مجرد متاع ويعتبر جزءاً من الغنائم دون أي التفات لآدميته وحقوقه البشرية بل تجاوز الأمر إلى حد استباحة دمه أو استعباده أو عرضه كسلعة في سوق النخاسة أو عرضه كسلعة من البضائع التي يمتلكها وليس هناك ما يمنع من التنازل عنه لسيد آخر. وحتى بعد انتهاء الحرب سيبقى الأسير ملكاً لأسره إلا إذا دفع الفدية لأسره مقابل حريته.

مع تقدم وتطور الحضارة الانسانية تطور مفهوم الحروب ومعاملة الأسرى طرداً مع التطور الحتمي في حياة الشعوب والامم. وقد ارتأت الأطراف المتخاصمة أن حرصها على ابنائها يستدعي الاهتمام بهذا الامر, لأنه واقع على الفريقين لا محالة, ومن هنا بدأت الدول تقوم بعقد معاهدات ثنائية سعياً وراء تحسين وضع الأسرى ومبادلتهم في بعض الاحيان.

وعلى سبيل المثال: معاهدة تبادل الأسرى التي ابرمت بين انجلترا والولايات المتحدة عام 1813.

أما أول نص دولي وضع بخصوص أسرى الحرب, كان لائحة الحرب البرية عام 1899 وعام 1907 خاص المواد (4 – 20) منها.

وقد طبقت هذه المواد خلال الحرب العالمية الأولى والحروب التي تليها مباشرة قبل أن يتم عقد اتفاقية خاصة بأسرى الحرب وهي: اتفاقية جنيف الثانية بتاريخ 27 تموز / يوليو عام 1929 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب والتي حلت محل الفصل الثاني من القسم الاول في لائحة الحرب البرية. وهذه الاتفاقية الاخيرة حل محلها اتفاقية جنيف الثالثة بتاريخ 12 آب / اغسطس عام 1949 حول نفس الموضوع.

واذا حصرنا بحثنا بلائحة الحرب البرية فسنجد أن المواد (4 – 20) منها قد أعطت الأسير مفهوما جديدا بحيث لم يعد كما كان سابقا عبداً أو مملوكا أو مجرما, وهذا يحرره من شبهة الاخلال بالشرف والكرامة الانسانية المصانة في كل القوانين السماوية والوضعية اضافة إلى العرف والتقاليد الاجتماعية مما يعني أن وقوعه في الأسر يعود لسوء حظه الذي وضعه في ظروف قاهرة قادته إلى الأسر.

وتوخياً لإضفاء قدر اكبر من الحماية لأسرى الحرب فقد ربطت هذه الحماية بمسؤولية الدولة نفسها حيث نجد في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من اللائحة تنص بكل وضوح.

على أن أسرى الحرب يكونون تحت سلطة حكومة العدو وليس تحت سلطة الأفراد والوحدات التي أسرتهم. وهذا كما نلاحظ يحرر الأسير من الوقوع في ذمة الشخص أو جملة الأشخاص الذين أسروه – كما كان الحال في العصور القديمة – ويضعه في ذمة الحكومة التي يتبع لها الأسرى أو الآسرون. وهناك تأكيد على معاملة أسير الحرب معاملة إنسانية بحيث ينظر إليه كجندي ويعامل كجندي يحمل وسام الجندية المقدس.

وبناءً عليه لا يجوز سجنه كالسجناء العاديين, بل يتم حجزه في مدينة أو قلعة أو معسكر أو أي مكان آخر مماثل فيترك حراً طليقاً في داخل المكان المذكور سالفاً. ولكن يمكن إلزامه بعدم تخطي حدود معينة. أما ما نلاحظه في معتقلات الاحتلال الصهيوني فهو مخالف كلياً لما ورد في هذا الخصوص حيث يوضعون في معسكرات محاطة بالأسلاك والجدر المسلحة, وهذا ينافي ما ورد في اتفاقية لاهاي, ولكن الاتفاقيات المذكورة أشارت إلى انه يجوز حبس الأسير إذا دعت التدابير الأمنية لاتخاذ مثل هذا الإجراء الاستثنائي مع مراعاة المدة والظروف التي دعت إلى ذلك, وقد نصت الاتفاقيات على انه عند وقوع العسكري في الأسر, عليه أن يذكر لأسرية اسمه الحقيقي ورتبته وحسب نص المادة (9) من اللائحة, وقد أضافت المادة (17) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949إلى هذه المعلومات التي تلزم الأسير بإعطائها لأسريه تاريخ ميلاده ورقمه العسكري واسم وحدته لكي يسهل التعرف عليه.

وفي حال إطلاق سراحه كأسير حرب بناءً على كلمة شرف منه, فإن ذلك مرتبط بثلاثة شروط هي:-

1. أن تكون قوانين بلاده تسمح بمثل هذا الإجراء.

2. أن يرغب الأسير في ذلك, إذ لا يجوز إجباره على قبول حريته مقابل كلمة شرف منه.

3. أن توافق الدولة الأسرة على إطلاق سراحه بالشكل المذكور, إذ أنها ليست ملزمة بالموافقة على طلب الأسير إعطائه حريته مقابل كلمة شرف منه.

وقد نصت الاتفاقية على حق الأسير بالتمتع بكامل حقوقه المدنية والدينية, فمن حقه مثلاً الاحتفاظ بكامل أمتعته الشخصية ماعدا الذخائر والخيول والأوراق العسكرية كالخرائط والأوامر الحربية التحريرية, إضافة إلى حقه في تنظيم وصيته بنفس الشروط المطبقة على عسكر الجيش الوطني الذي ينتمي إليه.

وقيما يتعلق بالحق الديني فعلى السلطة الحاجزة أن تترك الأسير يمارس حريته العبادية الكاملة بما في ذلك حضور قداسات الطائفة التي تنتمي إليها وهذا مشروط بشرط واحد فقط وهو: التقيد بتدابير النظام والأمن المفروضة من قبل السلطات العسكرية.

ومن الحقوق المعتمدة في نص الاتفاقيات حق الأسير في إمكانية المراسلة واستلام الرسائل والطرود والحوالات النقدية في (المواد) (68, 69, 73, 77) الواردة في اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949.

وبخصوص اتصال أسير الحرب بالخارج وتسهيل أموره وتقديم المعلومات العائلية له وعنه, فقد نصت المادة (14) من اللائحة على إنشاء (مركز استعلامات) عن أسرى الحرب في كل دولة متحاربة أو في اي الدول التي تحجز لديها أسرى حرب. وتكون مهمة هذا المركز جمع وتصنيف جميع المعلومات المتعلقة بالأسرى وتنظيم اتصالاتهم بذويهم. ويمكن لمندوبي الجمعيات الخاصة مساعدة أسرى الحرب مثل: جمعيات الصليب الأحمر والأسد والشمس الحمراء – زيارة الأسرى في أماكن حجزهم لتوزيع المساعدات الطبية والغذائية التي يتلقونها عليهم.

وفي المادة (20) من لائحة الحرب البرية نص صريح يدعو إلى إعادة أسرى الحرب إلى أوطانهم بمجرد عقد معاهدة صلح بين الطرفين المتنازعين, وهذا يذكرنا بالاتفاق الفلسطيني – “الإسرائيلي” في واشنطن في 13 أيلول / سبتمبر عام 1993 واتفاقية القاهرة الموقعة في 4 أيار / مايو عام 1994 التي تلزم “الجانب الإسرائيلي” بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وإعادتهم إلى ديارهم بدون قيد أو شرط حتى تأخذ هذه الاتفاقية موقعها في حيز التنفيذ. وفيما بعد يستطيع الجانبان حل جميع المشاكل الأخرى العالقة.

وجدير بالذكر أن الحقوق العامة والأساسية للأسرى الفلسطينيين لدى “إسرائيل” أوجبتها قوانين وأعراف الحرب وضمنت تنفيذها قواعد القانون الدولي القائمة والمرعية, ولا تحتاج هذه القضية إلى حوارات واجتماعات ومفاوضات ماراثونية توصلنا وباستمرار إلى الحائط المسدود. وإن عدم إخلاء جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون والمعسكرات “الإسرائيلية” ليس إخلالا في روح ونص الاتفاق الموقع بين منظمة التحرير و”إسرائيل” فقط بل هو مخالفة جسيمة لاتفاقيات جنيف المقررة والمرعية بين الدول.

ويحضرنا في هذه اللحظة ما كتبه جان جاك روسو في العقد الاجتماعي حين قال: عندما يلقي المقاتلون أسلحتهم يعودون إلى صفتهم كآدميين فقط, حيث لا يبقى لأحد بعد ذلك حق أو سلطان على حياتهم.

وإذا أضفنا إلى ما تقدم أن الأسرى الفلسطينيين قد صدرت بحقهم أحكام في ظل قوانين عسكرية ولم يحاكموا في ظل شروط عادلة. وبناءً عليه فإن بقائهم في المعتقلات والسجون “الإسرائيلية” يعتبر تمرداً على كل القوانين والأعراف. وفي حال النظر إلى هذا الموضوع من زاوية الاتفاقيات الدولية فان الأحكام الصادرة بحقهم باطلة ومحض افتراء وهي مرفوضة من أساسها, لأنها خارج القانون الدولي وخروج على كل نصوص الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص.

وعلينا حرصاً على حرية أبنائنا الأسرى أن نصرخ بأعلى صوتنا في المحافل القانونية لتحقيق العدالة والإفراج عنهم بدون مماطلة لا داعي لها ولا مبرر لها. وما يعيشه أسرانا حالياً هو نوع من أشكال الحرب “الإسرائيلية” العنصرية ضد الإنسان والحرية والوطن.

اختطاف النواب

أن الاختطاف غير القانوني للإخوة الوزراء والنواب يعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق والأعراف الدولية حسب نص المادة 147 بند (7) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 أولا واختطافهم كنواب في التشريعي ووزراء يخالف أحكام ونصوص الاتفاقية الإسرائيلية الفلسطينية المرحلية – حول الضفة الغربية وقطاع غزة – في 28 / أيلول 1955, انظر الفصل الأول من الاتفاقية: المجلس من المادة الأولى وحتى المادة الثامنة, والتي منحتهم امتيازات وحصانات دبلوماسية وقضائية لا يجوز المساس بها. ثانياً: وبصفتهم نواب ووزراء لا يجوز لحكومة إسرائيل أن تتنصل من مسؤوليتها القانونية تجاه الاتفاقية المرحلية الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كشخصين مؤهلين من أشخاص القانون الدولي (الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني) …. فالقانون الدولي يعترف بالثوار كمحاربين إذا أقاموا نظاماً قانونياً مرتبطاً بالنظام الدولي, حيث أطلق القانون الدولي صفة أسير حرب حتى على المدنيين العزل والغاية من ذلك هي أن يتمكن الخصم من تمييز (المحاربين) من غير المحاربين, والاحتراس بالتالي من رجال المقاومة والثوار, طالما أنهم اختاروا الانسلاخ عن زمرة (غير المتحاربين) لينضموا إلى زمرة (المحاربين) من جهة, والتمييز بين زمر الثوار التي تقاتل العدو بدافع من وطنيتها, وبين عصابات الأشقياء التي تقاتله بدافع السلب والنهب من جهة ثانية.

إذن … فقد جرت الأعراف الدولية منذ القرن التاسع عشر على اعتبار القوات المتطوعة و”الشعب القائم في وجه العدو” حركات مقاومة شعبية منظمة, واعتبرت أفرادها بحكم المحاربين, وقضت لهم بكل حقوق المحاربين, عند الوقوع في الأسر أو عند الإصابة بالجراح, فحركات المقاومة الشعبية المنظمة تخضع لنفس القواعد التي تحكم الحرب الراية في القانون الدولي, وهي اتفاقية لاهاي لعام 1907, ولائحة الحرب البرية المرفقة بها, واتفاقية جنيف المعقودة في 27 / تموز / 1929, واتفاقية جنيف الرابعة المعقودة في 12 / آب / 1949, والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م, فالنضال الوطني الذي خاضه ويخوضه النواب والوزراء ينسجم انسجاماً مطلقاً مع قرار الجمعية العامة 3246 (د. 9) 19/11/1974, وكان هذا القرار خاصاً بحق الشعوب في تقرير المصير والإسراع في منح الاستقلال للبلاد والشعوب المستعمرة, وسمى فقرته السابقة شعوب إفريقيا والشعب الفلسطيني بالذات, لذا, يمكن استنتاج التالي:

1. اختطاف النواب والوزراء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي مخالف للاتفاقيات الموقعة بين م. ت. ف وحكومة إسرائيل.

2. اختطافهم يشكل مخالفة خطيرة للقانون الإنساني الذي يضمن حماية النواب والوزراء زمن الحرب.

3. أن اختطاف النواب والوزراء يشكل بحد ذاته جريمة ضد الإنسانية.

4. لا يجوز إخضاع النواب والوزراء للتحقيق والتعذيب, لأنهم ينادون بحقهم المشروع في إزالة الاحتلال استناداً للحق الطبيعي والشرعي للشعب الفلسطيني وكذلك استنتاجاً لقرارات مجلس الأمن 242 – 338 – 425 – 1397 – 1402 – 1403 – 1405.

5. يجب على قوات الاحتلال إطلاق سراحهم فوراً لعدم ارتكابهم أية مخالفة تتناقض وأعراف وقوانين الحرب.

6. اختطاف النواب والوزراء وأخذهم رهائن, جريمة حرب وفق قواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية وعلى وجه الخصوص:

أ‌- المادة الأولى من اتفاقية مناهضة اخذ الرهائن لسنة 1979.

ب‌- المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية1998.

ت‌- قواعد القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف لسنة 1949 وملاحقها.

ث‌- الاختطاف خرق للحصانة التي أقرت بها سلطات الاحتلال على ضوء اتفاقية واشنطن ملحق الانتخابات وتجدد الإقرار بالحصانة بالموافقة على الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر مع احترامنا لكل أبنائنا الأسرى, نتوقف عند واحد من رموز حركتنا النضالية المشروعة ضد الاحتلال الغاشم وهو الأخ مروان البرغوثي عضو المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح , إضافة إلى كونه عضواً هاماً وبارزاً في منظمة التحرير الفلسطينية التي وقعت مع حكومة إسرائيل جميع الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية التي تلزم الطرفين بالالتزام بالأعراف والقوانين الدولية وحين تقوم قوات الاحتلال باعتقال الأخ مروان تكون قد تنكرت لكل القوانين الشرعية الدولية, والتزاماً بتلك القوانين فعلى الحكومة الإسرائيلية أن تطلق سراحه فوراً لعدم ارتكابه أية مخالفة تتناقض وأعراف وقوانين الحرب, وقد استعرضنا في الفقرات السابقة موقفنا من الإجراءات الغاشمة لقوات الاحتلال.

هذا الموقف الذي يستند إلى القوانين والمواثيق والشرعية الدولية التي لا تجيز لحكومة إسرائيل ما قامت به وتقوم به ضد أبناء شعبنا وخاصة من لهم حصانة دبلوماسية كالنواب والوزراء الفلسطينيين, وكل ما يمكن أن نقوله في هذا المجال: أن الشعب الفلسطيني ومنذ كارثة النكبة عام 1948 وحتى الآن ما زال يعيش في ظل النفاق الدولي ومصادره الإرادة السياسية العربية من قبل سياسة القطب الواحد, حيث ترك وحده في ساحة الصراع يتحمل سلبيات الشرعية الدولية المنتهكة جهاراً نهاراً وينطبق عليه قول الشاعر العربي:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء

الوضع الحالي للمعتقلين والأسرى الفلسطينيين

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ممارسة الاعتقال التعسفي والعشوائي لآلاف الفلسطينيين وإخضاعهم للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة وذلك خلافاً لأحكام المواد 83 – 96 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م.

وفي وقتنا الحالي لا يزال أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني يقبعون خلف القضبان في ثلاثة وعشرين سجناً ومعتقلاً ومركزاً للتوقيف الإسرائيلي …. وعليه تكون قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت منذ العام 1967 وحتى يومنا هذا ما يزيد عن مليون أسير ومعتقل فلسطيني …. وما زال غالبية المعتقلين الفلسطينيين يتعرضون لأساليب التعذيب المحرمة دولياً. ودائماً ترد معلومات من العديد تؤكد تعرض معظم المعتقلين لأشكال مختلفة من التعذيب من أجهزة الأمن “الإسرائيلية”, ويشكل ذلك انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة, والاتفاقية الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية للعام 1984م.

وتمارس “إسرائيل” التعذيب كوسيلة رسمية تحظى بالدعم السياسي والتغطية القانونية التي وضعتها المحكمة العليا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية في العام 1996 بعد أن منحت جهاز الشاباك الحق في استخدام التعذيب وأساليب الضغط الجسدي والمعنوي ضد المعتقلين.

وتقوم “إسرائيل” بنقل واحتجاز آلاف المعتقلين الفلسطينيين إلى مراكز الاعتقال والسجون داخل “أراضي إسرائيل” (فلسطين المحتلة منذ عام 1948) وخارج حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م, وهذا انتهاك للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه يحتجز الأشخاص المحميون المتهمون في البلد المحتل, ويقضون فيها عقوبتهم إذا أدينوا.

وتتنافى الإجراءات “الإسرائيلية” التي تهدف إلى إبقاء ملف معتقلي قطاع غزة مع المادة 77 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم الدولة المحتلة بتسليم الأشخاص المحميين الذين أدانتهم محاكمها في الأراضي المحتلة, إلى سلطات الأراضي المحررة.