مجتمع، ملف

مكتشف “أقدم إنسان”: الاكتشاف سيجبر العلماء على إعادة كتابة التاريخ

قال عبد الواحد بن نصر، المشرف على الفريق الدولي الذي اكتشف بقايا أقدم إنسان عاقل في العالم، إن هذا الاكتشاف الذي تم بالمغرب يعد محطة محورية في معرفة نشأة وتطور الإنسان العاقل، وسيغير كل النظريات التي يتأسس عليها علم الأنتروبولوجيا، مشيرا إلى أن هذه النتيجة ستجبر علماء الأركيولوجيا على إعادة كتابة التاريخ.

وقال الأستاذ الباحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والاتصال بالرباط، في تصريح لجريدة “العمق”، إن القيمة المضافة لهذا الاكتشاف، تكمن في أنه أوصل العلماء إلى أن التاريخ الإنساني يعود إلى نحو 300 ألف سنة وليس 200 ألف سنة كما كانت تقول ذلك الأبحاث العلمية الأركيولوجية.

وأضاف بن نصر، أن جميع المختصين في هذا المجال متفقين على أن أصل الإنسان العاقل يعود للقارة الإفريقية، وغالبيتهم يحصرونه في إفريقيا الشرقية، حيث كان آخر اكتشاف لبقايا إنسان عاقل تم العثور عليه في إثيوبيا، يعود إلى نحو 200 ألف سنة، وذلك إلى حدود النتائج الجديدة في المغرب، والتي كشفت وجود بقايا إنسان عاقل في جبل إيغود بإقليم اليوسفية، يعود إلى نحو 300 ألف سنة.

وأوضح في هذا الصدد بالقول: “بقايا الإنسان العاقل الذي عثرنا عليه تعود للمرحلة الأولية من تطور الإنسان العاقل، وبالتالي هذا الاكتشاف سيجعل العلماء يعيدون كتابة نظرياتهم حول نشأة وتطور الإنسان العاقل على وجه الأرض”، وفق تعبيره.

وبخصوص انعكاس هذا الاكتشاف على مجال الأركيولوجيا في المغرب، قال الباحث المغربي بن نصر، إن هذه النتيجة ستكون لها إضافة نوعية في العلوم بالمغرب، وستشجع الباحثين على مضاعفة جهودهم لإنتاج أبحاث على مستويات عليا في هذا الميدان، مشيرا إلى أن الأبحاث يجب أن تواكب التطور الحاصل على مستوى التكنولوجيا، حسب قوله.

وكان فريق دولي، بإشراف عبد الواحد بن نصر عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والاتصال، وجان جاك يوبلان عن معهد ماكس بلانك للأنتربولوجيا المتطورة بألمانيا، قد تمكنوا من اكتشاف بقايا عظام إنسان ينتمي لفصيلة الإنسان العاقل البدائي، مرفوقة بأدوات حجرية ومستحثات حيوانية بموقع جبل إيغود بإقليم اليوسفية (جهة مراكش – تانسيفت).

وأوضح بلاغ للمعهد أنه تم تحديد تاريخ هذه اللقى بحوالي 300 ألف سنة قبل الحاضر وذلك بواسطة التقنية الإشعاعية لتحديد العمر، وبالتالي فإن هذه العظام تعد أقدم بقايا لفصيلة الإنسان العاقل المكتشفة إلى اليوم، إذ يفوق عمرها عمر أقدم إنسان عاقل تم اكتشافه إلى الآن بحوالي 100 ألف سنة، مضيفا أن هذه الاكتشافات تشكل موضوع مقالين يتضمنهما عدد 8 يونيو الجاري من مجلة “ناتير” (طبيعة).

وأفاد البلاغ بأن موقع إيغود عرف منذ ستينيات القرن الماضي، إذ تم العثور فيه على بقايا إنسان وأدوات تعود إلى “العصر الحجري الوسيط” مشيرا إلى أن القراءة الأولية لهذه اللقى ظلت محل لبس لسنوات بسبب عدم دقة عمرها الجيولوجي.

وبفضل الحفريات الأخيرة، التي تمت مباشرتها منذ سنة 2004، فإن البقايا الجديدة التي تم اكتشافها وتأريخها تجعل من موقع جيل إيغود أقدم وأغنى موقع برجع “للعصر الحجري الوسيط” بإفريقيا والذي يوثق للمراجل الأولى لتطور الإنسان العاقل، حسب البلاغ.

يُشار إلى أنه وبعد كشف بقايا عظام أطراف وجماجم وأسنان في جبل إيغود بإقليم اليوسفية، والتي يتجاوز عمرها مائة ألف سنة عن الرفات الأخرى للجنس البشري المعروفة تحت اسم (هومو سابينس)، والتي كانت قد اكتشفت في شرق أفريقيا سابقا، تكون كل النظريات والمفاهيم المتعلقة بأصل الجنس البشري وتاريخ ظهوره قد أصبحت متجاوزة ولا دقيقة.

ولقي الاكتشاف الذي أعلن عنه من المغرب، اهتماما كبيرا من طرف الباحثين الدوليين والصحافة العالمية، وذلك بعدما كانت أقدم بقايا معروفة لجنس “هومو سيبيانس” قد اكتشفت في موقع إثيوبي يعرف باسم “أومو كبيش”، وتعود إلى نحو 195 ألف سنة.