مجتمع

بنداود: امتهان الصحافة كان اختيارا منذ البداية ولم أندم على عشقها

نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون “في عمق” المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان.

التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح.

ضيفة الحلقة العاشرة مع الإعلامية المرموقة بالإذاعة الوطنية الأولى صباح بنداود ابنة مدينة سلا.

ما الذي تتذكرينه عن طفولتك؟

كانت طفولة عادية جدا في بيت كان مفتوحا للجميع. للمرأة فيه حضور ملفت وكان للتعليم دور كبير في رسم ملامح هذه المرحلة لكل مكونات الأسرة.

أتذكر جيدا حضور المذياع والجريدة مؤثثين فضاء نقاش تكبر وسطه، فتتضح معالم اختياراتك منذ البداية. تشعر أن هناك عالم خارجي يتحرك في حي شعبي يحتضن جزءً من العائلات السلاوية ..

ترتبط الفترة بنظام تعليمي جد صارم لا مكان فيه للعبث واللهو، معلمون ومعلمات يضحون بكل شيء من أجل تربية جيل قوي يعتد به ويعول عليه مستقبلا .. تترك الصرامة في البيت لتجدها في الفصل … كان هناك صاحب مكتبة معروف داخل المدينة القديمة اسمه العمري رحمه الله، ظل ملجأ جميع الأسر السلاوية في اقتناء الكتب والمعدات المدرسية …

كيف جاء التحاقك بالصحافة؟

هي حكاية متشابكة إلى حد ما. هي رفضتني في البداية عندما رسبت في امتحان اجتياز مباراة السلك العادي فذهبت لدراسة القانون بعدها غيرت وجهتي لدراسة التاريخ والجغرافيا، لكن ظل الحنين إليها قائما واعتبرت دراسة التاريخ شيئا ضروريا لفهم سياق كل الأحداث ومدخلا ضروريا للقيام بمحاولة ثانية أثمرت ولوج المعهد العالي للصحافة بالرباط بعد الحصول على الإجازة في التاريخ وبداية العمل في الإذاعة وتلك حكاية أخرى لتهييء دبلوم الدراسات العليا فزاوجتُ بين الاثنين؛ التاريخ والصحافة، حيث اقتنعت انه لايمكن تحليل أي حدث دون وضعه في سياقه التاريخي. ودور الصحافي هو التأريخ لحدث في حينه. يجب أن أعترف أن دراسة التاريخ فعل فعلته ..

هل كنت تتوقعين أن تصيري صحافية؟

كان اختيارا منذ البداية. منذ بدأت أذني تلتصق بجهاز الراديو بحثا عن المحطات الإذاعية … منذ بدأت الاطلاع على جريدة العلم التي كانت تأتينا يوميا للبيت. فوالدي كان مشتركا فيها. صحيح كان الاختيار صعب التحقيق في البداية لكن كل المؤشرات كانت تذهب في اتجاه انه هدف لا مناص من تحقيقه. هناك أناس لن أنسى دورهم وفضلهم علي في رسم معالم طريقي نحو هذه المهنة. هي مهنة تتطلب جهدا خاصا وتضحية كبيرة.

بعيدا عن السياسة والثقافة والرياضة والمجتمع، ماهي اهتماماتك الخاصة؟

لا أعتقد أنني سأخرج عن السياق الذي ذكرت. بقدر ما نعايشها يوميا بقدر مايصعب الحديث عن اهتمامات خاصة أو ثانوية. قراءة كتاب، مشاهدة فيلم، متابعة احداث، مشاهدة مباراة كلها أشياء ضرورية. في رأيي، وقد أكون مخطئة، عند العاملين في هذه المهنة يصعب عليك العيش دون الخوض في السياسة والمجتمع والثقافة هي سياقات مرتبطة ببعضها البعض.

ما هي المدينة الأقرب إلى قلبك؟

بصدق لا أدري. قد تكون مدينة سلا مدينة النشأة والأصل. قد تكون العرائش موطن جدتي. قد تكون قلعة السراغنة موطن والدتي. قد تكون طنجة المدينة التي اكتشفت فيها اصدقاء وصديقات اعتز بصداقتهم حتى أصبحوا جزءً من عائلتي. الوطن بكامله أقرب إلى قلبي …

ألا تشعرين بالندم أنك لم تختاري طريقا آخر غير الصحافة؟

لا يمكن أن تشعر بالندم تجاه شيء اخترته عن اقتناع وعشق. لا أرى نفسي في أي مهنة أخرى غير الصحافة. صحيح هي تأخذ كثيرا لكنها تعطي أكثر.

ما رأيك في واقع الصحافة في المغرب؟

كان من الممكن أن تكون في وضع أفضل. في هذه اللحظة يتلقفها أشباه الصحافيين الذين يسيئون إليها. يجب أن نعي جيدا أنه لسنا وحدنا في هذا الكون. المتلقي قد يبحث عن الخبر عند جهات أخرى لا نتحكم فيها. الصحافة مطالبة بأن تطور نفسها على مستوى المضمون والأفكار. أن يبتعد عنها الذين لا يحملون من الصفة إلا الاسم. أن تساير مجتمعا لم يعرف عنه الجمود …

ألا تظنين أن دور الصحافي ليس هو دور الكاتب؟

الصحفي دوره معروف ومحدد يشتغل في إطار الآنية. يوثق للحظة. الكاتب مستوى آخر من التعبير يتجاوز الصحافي. الزمن يتحرك لصالحه. أي يأخذ كل وقته لتحليل الأفكار والظواهر الاجتماعية.

هل تفضلي أن يصفك الناس صحافية أم كاتبة؟

أنا صحفية وسأظل كذلك. لست كاتبة لأنها ببساطة تتطلب شروطا لا أتوفر عليها. أما مسالة الكتابة فهي مرتبطة بتحرير معطيات لها علاقة بالسياق الذي أشتغل فيه ..

هل أنت منتظمة في أوقات الكتابة؟

ربما تأتيني بعض الأفكار المتعلقة بحدث ما اعبر من خلالها عن أفكاري ورؤيتي اتجاهها. ولكن لا تدخل في خانة الكتابة المنتظمة.

كيف عشت أجواء الطفولة في رمضان خلال الطفولة وبعدها؟

طقوسنا كمجتمع لم تتغير .. لازال متشبثا بعاداته وتقاليده. التلفزيون وصلاة التراويح يتسيدان هذا الشهر الفضيل.

ماذا تمثل لك هاته الكلمات؟ (الحب / الميكروفون / الحرية)

الحب: لم يوجد على الأرض فاخترعه الشعراء

الميكروفون: غير الكثير في حياة البشرية .سهل وصعب التعامل معه لكن دائما يجب ان تحتاط منه أقل حركة تأكد أنها ستسمع. نحن أهل الميكروفون أدرى به.

الحرية: مطلب إنساني قديم

ما رأيك في هؤلاء؟ (أمينة السوسي / عائشة الشنا / فاطمة الافريقي)

أمينة السوسي: واحدة من الأصوات النسائية المتميزة في مشهدنا السمعي

عائشة الشنا: المرأة التي لا تكل ولا تتعب من الخوض فيما كان يعتبر طابوها يصعب الاقتراب منه فما بالك الخوض فيه.

فاطمة الافريقي: صديقتي ورفيقتي في هذه المهنة تشتغل بصدق وتفان ونكران ذات.